الأقليات تصبح أغلبية في منطقة واشنطن

التحولات تعكس شيخوخة البيض الذين تجاوز معظمهم سن الإنجاب

زوار يلتقطون صورا لتمثال مارتن لوثر كينغ في العاصمة واشنطن (أ.ف.ب)
TT

تعد العاصمة الأميركية واشنطن واحدة من ثمانية أماكن تحولت فيها الأقليات إلى أغلبية خلال العقد الماضي، وفقا لدراسة حديثة عن بيانات التعداد والتي تظهر حدوث انخفاض في عدد السكان البيض في كثير من المناطق الكبرى.

بالإضافة إلى واشنطن، انخفض عدد السكان البيض إلى أقل من النصف في المناطق المحيطة بنيويورك وسان دييغو ولاس فيغاس وممفيس منذ عام 2000، حيث أصبح السكان البيض غير اللاتينيين يشكلون أقلية في 22 منطقة من أكبر 100 منطقة حضرية في البلاد.

وتعكس هذه التحولات شيخوخة السكان البيض الذين تجاوز معظمهم سن الإنجاب، والشباب النسبي للسكان من الأصول الإسبانية والآسيوية.

وقال وليام فراي، وهو خبير ديموغرافي بمعهد بروكينغز الذي أجرى الدراسة: «ما حدث هو شيء محوري. وستكون المناطق الحضرية الكبيرة بمثابة المختبرات من أجل التغيير، وسيتم دراسة التدابير التي تتخذ للمساعدة في استيعاب الأقليات حتى تصبح جزءا من القوة العاملة في أجزاء أخرى من البلاد التي يزيد فيها عدد السكان البيض والتي لم تتأثر كثيرا نتيجة لهذا التغيير».

وتشكل الأقليات العرقية أكثر من نصف سكان واشنطن بقليل، وفقا لأرقام التعداد السكاني لعام 2010، حيث شكل السكان البيض 55 في المائة من سكان المنطقة في عام 2000 مقابل 64 في المائة في عام 1990. ولم تتأثر كافة المناطق بصورة متساوية.

وأصبح السكان البيض يمثلون أقلية في مونتغومري بولاية ماريلاند ومقاطعات الأمير جورج وتشارلز. وفي ولاية فرجينيا، أصبح السكان البيض يمثلون أقلية في مقاطعة الأمير ويليام. ويشكل السكان البيض 55 في المائة من مقاطعة فيرفاكس، وهو ما يعني أن عدد السكان البيض قد يقل عن نصف عدد سكان المقاطعة مع حلول موعد التعداد القادم، وربما ينطبق نفس الأمر على مقاطعة لودون كاونتي والتي يشكل فيها السكان البيض 66 في المائة من عدد السكان. وتعد مقاطعة أرلينغتون واحدة من الأماكن القليلة التي ترتفع فيها نسبة السكان البيض. وقد أصبح التحول الديموغرافي سريعا جدا في معظم الأماكن لدرجة أدهشت المسؤولين الذين يقومون بدراسة هذه القضية.

وأشار تقرير صادر في ربيع هذا العام من قبل اللجنة الإقليمية لفرجينيا الشمالية إلى أن عدد الطلاب المسجلين في أحياء المنطقة قد ارتفع بمقدار 119,000 طالب خلال الفترة بين عامي 1995 و2010، وكان الشيء المدهش أن عدد الطلاب البيض قد ارتفع بمقدار 1000 طالب فقط خلال هذه الفترة، في حين كان باقي العدد من نصيب الأقليات.

وقال التقرير: «ما حدث خلال السنوات الخمس عشرة الماضية في المدارس العامة في ولاية فرجينيا الشمالية هو شيء محير للغاية»، وأضاف: «وحتى بالنسبة لمنطقة معتادة على التغيير المستمر والمتسارع، فإن التحول المذهل والسريع للملف العنصري والعرقي للسكان في سن المدرسة في ولاية فرجينيا الشمالية لم يسبق له مثيل».

وعندما أراد مجلس حكومات واشنطن تقديم النصائح لأصحاب المنازل والمستأجرين الذين يعانون من مشكلة حرمان الراهنين من حق استرجاع العقارات المرهونة، لم يكتف المجلس بطباعة كتيبات باللغتين الانكليزية والإسبانية ولكنه طبعها أيضا بلغات مثل ألماندرين الصينية والفيتنامية واللغة الأمهرية المنتشرة في إثيوبيا. وقال النائب غيرالد كونولي إن نمو الأقليات العرقية قد ساعد على تحويل أماكن مثل فيرفاكس من أماكن معتدلة يسيطر عليها الجمهوريون إلى أماكن يسيطر فيها الديمقراطيون على مجلس المشرفين ويمثلون هذه المناطق في الكونغرس. وأضاف كونولي: «سوف ترى هذا التأثير الديموغرافي من الناحية السياسية في الضواحي الخارجية بشكل أكبر».

وقال ستيفن فولر، وهو مدير مركز التحليل الإقليمي بجامعة جورج ميسون، إن أرقام التعداد تقدم لمحة عن القوى العاملة في المستقبل بالنسبة للوظائف ذات الرواتب المرتفعة التي تتطلب مهارات عالية ووظائف الخدمات ذات الأجور المنخفضة.

وأضاف: «في عام 2020 عندما نكون قد تغلبنا على حالة الركود الاقتصادي التي نعاني منها اليوم، فسوف نكون بحاجة إلى عدد من العمال يزيد عن عدد المقيمين لدينا الآن. إنني أنظر إلى هذا التدفق من المواطنين غير الأصليين، سواء كانوا ينتقلون هنا من كاليفورنيا أو من القوارب من أي دولة، على أنه مصدر هام للعمال الذين سيساعدون الاقتصاد على النمو».

وقال فولر إن الكثير من العمال قد اقتربوا من سن التقاعد، ولذا فإن 60 في المائة من الوظائف الشاغرة ستكون من نصيب أشخاص لا يعيشون هنا الآن. وسيكون ما يقرب من نصف الوظائف بحاجة إلى تعليم جامعي. ويشغل المهاجرون الكثير من الوظائف التي لا تحتاج لمهارة كبيرة.

وأضاف: «هناك الكثير من الوظائف التي لا يتم النظر إليها على أنها وظائف كبيرة. أنا لا أعرف من الذي سيقوم بالوظائف التي لا يقوم بها سوى القادمين الجدد».

وقال فراي إن التغييرات التي حدثت على مدى السنوات العشر الماضية قد غيرت واشنطن ورؤية الناس لها، مضيفا: «إنها ليست مدينة تقليدية لجذب المهاجرين. قبل عشر سنوات من الآن، كان الشخص يفكر في الهجرة إلى لوس أنجليس أو نيويورك أو سان فرانسيسكو وليس إلى واشنطن، ولكن أصبحت واشنطن الآن هي مصدر الجذب الأول للمهاجرين. إنها مقدمة لما هو قادم في أماكن أخرى».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»