وثائق وتصريحات تعكس مخاوف نظام القذافي من الإسلاميين

أظهرت أن الأمن الليبي لديه خريطة مفصلة بتحركات المقاتلين المشتبه في انضمامهم لـ«القاعدة»

TT

تم الكشف عن وثائق من جهاز الأمن الليبي تظهر أن الحكومة السابقة كانت قلقة للغاية من تهديد الإسلاميين للنظام الليبي، وهي الشواغل التي ترددت خلال الأسبوع الجاري بعدما أعلن أحد الجهاديين المخضرمين عن قيادته للثوار خلال المعارك التي دارت في العاصمة الليبية طرابلس الأسبوع الماضي.

وتكشف الوثائق التي حصلت عليها صحيفة «واشنطن بوست» عن تفاصيل جديدة بشأن الحملة التي شنها الرئيس المخلوع معمر القذافي على مدار سنوات طويلة للقضاء على المتشددين الإسلاميين الذين يعتقد أنهم يتآمرون عليه للإطاحة به. وكان جهاز الأمن الداخلي للقذافي يراقب عن كثب مئات الإسلاميين الليبيين، بما في ذلك بعض الليبيين الذين كانوا يقاتلون ضد القوات الأميركية في العراق وأفغانستان.

وتظهر الوثائق أن مسؤولي الأمن الليبي لديهم خريطة مفصلة بتحركات المقاتلين المشتبه في انضمامهم لتنظيم القاعدة. وكان يتم تبادل المعلومات بانتظام مع وكالات الاستخبارات الأجنبية فيما يتعلق بالخلايا الإسلامية.

وقال أبو منير، وهو مسؤول أمني، في إحدى الوثائق التي تعود لعام 2006، وتعد جزءا من كنز من الوثائق التي وجدت في المقرات الأمنية بطرابلس: «يتعين علينا محاربة هؤلاء الناس».

وفي إشارة إلى التعاون الوثيق مع الأميركيين فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، قال أبو منير إنه يقترح حث القذافي على «الضغط على الأميركيين حتى تدفع هذه الحكومات لاتخاذ إجراءات أكثر قسوة».

وتم الكشف عن تلك الوثائق بعد أيام من سقوط النظام الليبي بعد مواجهة مع قوات الثوار بقيادة عبد الكريم بلحاج، الذي وصف نفسه بأنه قائد «لواء طرابلس»، الذي ألحق الهزيمة بالموالين للقذافي في العاصمة الليبية.

ومن الجدير بالذكر أن بلحاج هو القائد السابق للجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، وهي منظمة إسلامية قاتلت إلى جانب الأفغان ضد الاحتلال الروسي في عقد الثمانينيات من القرن الماضي.

وبعد اعتقال بلحاج في أفغانستان في عام 2004، تم استجوابه لفترة وجيزة من قبل وكالة الاستخبارات المركزية في تايلاند، حيث يوجد هناك سجن سري تابع للوكالة، قبل أن يتم تسليمه إلى السلطات الليبية التي كانت في ذلك الوقت حليفا للولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب.

ويعتقد أن الجماعة ما زالت تحتفظ بمعسكرين للتدريب في أفغانستان قبل عام 2001، كما تم إدراجها على قائمة المنظمات الإرهابية الصادرة عن وزارة الخارجية الأميركية.

ومن المعروف أن المقاتلين الإسلاميين، والذين شارك بعضهم في الصراعات الدائرة في العراق وأفغانستان، لعبوا دورا رئيسيا في الثورة الليبية، حيث يقاتلون في بعض الأحيان إلى جانب الليبيين العلمانيين تحت راية المجلس الوطني الانتقالي.

ولطالما نفت الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة ارتباطها بتنظيم القاعدة، وصرح بلحاج بأنه يريد ليبيا حرة وديمقراطية. وكان بلحاج قد اعتقل لعدة سنوات من قبل القذافي.

وقال مسؤول أميركي بارز يتابع عن كثب المنظمات الإرهابية الإسلامية: «بعض أعضاء الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة كانوا على اتصال في الماضي بتنظيم القاعدة في السودان أو أفغانستان أو باكستان، في حين قطع بعضهم علاقته بتنظيم القاعدة تماما. ويبدو من تصريحاتهم ودعمهم لإقامة دولة ديمقراطية في ليبيا أن هذا الفصيل من الجماعة لا يؤيد القاعدة. وبالتأكيد، سوف نراقب لنرى ما إذا كانت هذه هي الحقيقة أم لا».

وأصر المسؤول على عدم الكشف عن هويته لأنه يناقش ملفات إحدى القضايا الحساسة التي تتعلق بالمنظمات الإرهابية.

وألقى مسؤول أميركي ثان بظلال من الشك على التأكيدات العلنية لبلحاج من أنه كان قائد لواء طرابلس، غير أنه صرح بأن الإسلاميين لعبوا دورا لا يمكن إنكاره في الثورة الليبية، وأضاف: «يدرك المجلس الوطني الانتقالي جيدا حقيقة أن هناك متشددين إسلاميين في الوسط، ولا ينبغي أن يفاجأ أحد من أنهم قد لعبوا دورا بارزا في القتال. هذا عمل جيد ومتوازن من قبل المجلس الوطني الانتقالي لأنه يتعين عليه التعامل مع مخاوف الغرب فضلا عن مخاوفه الخاصة. إنهم لا يريدون أن يسيطر الإسلاميون على الثورة التي عملوا بجد للقيام بها».

ولعب القذافي ونجله سيف الإسلام في كثير من الأحيان على وتر الإسلاميين من أجل الوقيعة بين المعارضة الليبية والغرب.

يذكر أن معظم الليبيين هم من المسلمين السنة، وقد أكد الإعلان الدستوري الصادر عن مجلس الثوار على أن ليبيا ستكون دولة ديمقراطية، وأن «الإسلام هو دين الدولة والشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع»، غير أنه يؤكد أيضا على أن الدولة ستضمن حقوق غير المسلمين.

* ساهم في التقرير ليلى فاضل من بنغازي

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»