طرق مبتكرة لتأخير جني التمور.. تقفز بأسعارها 100%

صاحب المزرعة المثالية بالقصيم لـ «الشرق الأوسط» : كلما تأخر المحصول زاد السعر

يلجأ بعض المزارعين لطرق مبتكرة لتأخير نضج محاصيلهم من التمور. (تصوير: خالد الخميس)
TT

على الرغم من أن بداية شهر أغسطس (آب) تعتبر وقتا محببا للمزارعين السعوديين، وخصوصا في مزارع إنتاج التمور، لكونه الشهر الذي يتصادف مع ما يتم وصفه في الأوساط الشعبية هنا بـ«طباخ التمر»، أي مرحلة نضوجه، فإن هناك من المزارعين من لا يرغب في أن ينضج محصوله من التمر في ذلك الوقت، بل ويقوم من أجل ذلك بعدة طرق لتأخير نضوج حصاد مزرعته.

الأسباب في ذلك، تعتمد على قاعدة اقتصادية يرددها أحد المزارعين الذين يؤخرون إنتاج تمرهم عن السوق، ومفادها «كلما تأخر المحصول زاد السعر»، منطلقين بذلك من كون أن السوق في فترة الحصاد تتوازن فيها العرض والطلب.

المزارعون الذين يسعون لتأخير إنتاج تمورهم، يتطلعون إلى تحقيق مكاسب مادية من خلال طرح محاصيل مزارعهم من التمور بعد الفترة الخاصة بجني التمور، مما يرفع الأرباح المتوقعة من ذلك بنسبة 100 في المائة.

علي الراشد صاحب مزرعة «الراشد» الحائزة على المزرعة المثالية لعام 2008 بمنطقة بريدة، يقول بأنهم يقومون بتغطية التمر بالقماش و«العسيب» من خروج الغذاء من النخلة وحتى وصوله إلى العذق، حتى لا يتعرض للشمس، وهذه العملية تؤخر من خراف النخيل حتى يتسنى بيع المحصول بسعر يعادل السعر الحالي بأضعاف.

وأضاف الراشد «تستخدم هذه الطريقة لكي تسهم في تأخير محصول نضوج التمر، حتى يتأخر نزوله للسوق من أجل زيادة سعره في السوق من 50 في المائة إلى 100 في المائة».

وبين أن هناك نخيلا يتم تغطيتها حتى لا تقوم العصافير بتنقيرها وإفسادها.

ويوضح صاحب المزرعة المثالية أن تغطية محصول التمور قبل جنيه يحميه من الطيور 100 في المائة بعد التغطية، إلا أن محاولة الطيور لا تزال تتكرر، حتى لا تصل الطيور إلى النخلة، وتسهم التغطية في التخلص من الطيور وإفساد المحصول.

ويعتبر مزارعو النخيل الشهر الثامن الميلادي أو ما يطلقون عليه «طباخ التمر» أهم شهر يجلب لهم عوائد مجدية نتيجة نضوج التمر من ارتفاع درجات الحرارة في الأجواء، ويرون أن ثلاثة أيام ترتفع فيها درجات الحرارة في الليل والنهار كافية لإكمال النضوج بشكل كبير.

وعادة يكون النصف الثاني من أغسطس أكثر غزارة في الإنتاج، التي تمتد شهرا كاملا حتى يصل التمر إلى مرحلة الجفاف التام نتيجة الحرارة العالية.

وتبدأ بواكير التمر في منطقة القصيم مع بداية الشهر الثامن الميلادي لتصل إلى الذروة في نهاية الشهر نفسه، وتعد تمور المدينة المنورة الأولى استواء في المملكة مع منتصف الشهر السابع الميلادي، فيما تتأخر تمور الشمال السعودي بمدة تصل إلى شهر كامل نتيجة برودة أجواء تلك المناطق ليلا.

ويصف أحد المزارعين «طباخ التمر» بقوله «نعرف ذلك من ارتفاع كبير في درجات حرارة الأرض ليلا وكذلك وجود بعض الغيوم في السماء وهو ما نطلق عليه كمزارعين غيوم (الكتمة) نتيجة سكون الهواء ليلا وانبعاث حرارة الأرض التي اكتسبتها في النهار». ويشير إلى أن أهم ما ينتظره مزارع النخيل حرارة فصل الصيف في الشهر الثامن الميلادي ومع دخول الشهر بحرارة يتبادل المزارعون التهاني مع بداية بواكير التمور. وأضاف أن «السكري» يعتبر أهم ما تنتجه المزارع وهو من التمور السريعة الاستواء وعادة يبدأ إنتاج «السكري» في منتصف أغسطس ويستمر شهرا كاملا حيث ترد أنواع متعددة من «السكري».

يذكر أن السعودية حققت خلال السنوات الماضية اكتفاء ذاتيا من التمور، في حين ساعدت الخطط والسياسات الاستثمارية المرتبطة برفع الكفاءة التصنيعية والتسويقية للتمور، في جعلها إحدى الركائز الأساسية لتحقيق التنمية الزراعية في السعودية.

وتمثل المساحة المزروعة بالنخيل على مستوى البلاد 14.2 في المائة، من إجمالي المساحة المزروعة بالنخيل على مستوى العالم، وبلغت إنتاجية الهكتار من التمور في السعودية 6.3 طن عام 2008، وهو المتوسط العالمي نفسه تقريبا، علما بأن إنتاج السعودية من التمور يمثل 13.5 في المائة من إجمالي الإنتاج العالمي من التمور، وتحتل المرتبة الـ4 بين الدول المصدرة للتمور، حيث تمثل 12.1 في المائة من إجمالي كمية وقيمة الصادرات العالمية للتمور عام 2008، وقد بلغت نسبة الاكتفاء الذاتي للتمور 106 في المائة، كمتوسط للفترة من 1982 - 2008.

وتعتبر دول مجلس التعاون الخليجي أهم الدول المستوردة للتمور السعودية، حيث بلغت الكمية المصدرة إليها عام 2008 نحو 15.6 ألف طن، بقيمة 69.7 مليون ريال (18.5 مليون دولار)، بمتوسط سعر 4468 ريالا (1191 دولارا) للطن، وتأتي الدول العربية الأخرى في المرتبة الثانية، حيث بلغت الكمية المصدرة إليها 20.5 ألف طن، بقيمة 44.6 مليون ريال (11.8 مليون دولار) من متوسط إجمالي صادرات السعودية من التمور، للكمية والقيمة والسعر على الترتيب.

وقد بدأت أولى محاولات عمليات تصنيع التمور في السعودية بإنشاء المصنع الأهلي النموذجي لتعبئة التمور في المدينة المنورة عام 1964، ثم بدأت مصانع التمور في القيام بعد ذلك، إلى أن تخطت حاجز الـ60 مصنعا، مع وجود كثير من الحوافز والمزايا لقيام صناعات تحويلية على التمور، وإمكانية قيام صناعات لإنتاج مشتقات التمور المختلفة.