نجمة التلفزيون آن سنكلير ساندت مدير صندوق النقد المتهم بتحرشات جنسية

غالبية الفرنسيين يعتبرون زوجة ستروس - كان امرأة شجاعة

في منطقة سكنهما في جورجتاون
TT

لم تكن المعركة التي خاضها دومينيك ستروس - كان، المدير الفرنسي السابق لصندوق النقد الدولي، في مواجهة خادمة أفريقية اتهمته باغتصابها في فندق بنيويورك، مواجهة قضائية بين عدد من كبار وكلاء النيابة والمحامين الأميركيين فحسب، بل حرب إعلامية حشدت لها زوجة المتهم، نجمة التلفزيون الفرنسية السابقة آن سنكلير، كل ما تملك من علاقات وصداقات وأموال. وفي هذا السياق يأتي استطلاع الرأي الذي أجرته وكالة «هاريس» لحساب مجلة «في إس دي» الباريسية التي تنشره في عددها الجديد الصادر، اليوم، الخميس.

فقد أكدت نسبة 75 في المائة من عينة المواطنين التي شملها الاستجواب أنها تعتبر آن سنكلير امرأة «قوية» و«شجاعة» و«عصرية» و«ذات كرامة»، وذلك لتحملها تبعات الملاحقة القضائية لزوجها وبقائها مرفوعة الرأس وهي تواجه معه فضيحة أخلاقية كفيلة بأن تدمر أقوى قصص الحب والحياة المشتركة. وكشف الاستطلاع أن 58 في المائة من الفرنسيين يحملون انطباعا «جيدا جدا» عن المذيعة والصحافية التلفزيونية التي كانت تقدم برنامج «7 على 7» الأُسبوعي، مساء كل أحد من «القناة الأُولى»، وكان من أنجح برامج الحوار السياسي في تاريخ القنوات الفرنسية. ويأتي هذا التقدير بعد أن ساندت سنكلير زوجها وأعلنت إيمانها ببراءته منذ اللحظة الأُولى لاعتقاله، منتصف مايو (أيار) الماضي للتحقيق معه في مزاعم اغتصاب وعنف جنسي مارسه ضد عاملة تنظيف الغرف في فندق «سوفيتيل» في نيويورك، لحين إسقاط التهم عنه في الثاني والعشرين من الشهر الماضي.

وطارت آن سنكلير، التي حملت في فترة مجدها التلفزيوني لقب «الأميرة آن»، من باريس إلى نيويورك لتبقى بجوار زوجها في محنته. وهي التي تمكنت من تأمين ملايين الدولارات لرصد المبلغ الباهظ لكفالة إخلاء سبيله من السجن وتأجير منزل مناسب في المدينة ليمكث فيه تحت الإقامة الإجبارية، لحين انتهاء القضية. هذا، دون الأخذ في الحسبان الثروة التي تذهب لمصاريف المحامين اللامعين والعشرات من المخبرين الخاصين.

وضعت الزوجة ما ورثته من عائلتها رهن هذه القضية. فهي قد ولدت لأُسرة فرنسية في نيويورك، عام 1948، تحت اسم آن إليز شوارتز، وبهذا فإنها تحمل جنسيتي البلدين. وكان جدها لوالدتها هو بول روزنبرغ، تاجر اللوحات اليهودي المعروف الذي تنقل ما بين باريس ولندن ونيويورك. وقد ورثت والدتها ميشلين جانبا كبيرا من ثروة الجد، وهي الثروة التي انتقلت إلى الحفيدة وتتألف في جزئها الأكبر والأهم من لوحات لكبار فناني العصر، بينها لوحة صور فيها بيكاسو ميشلين. ويقدر خبراء تلك اللوحات بعشرات الملايين من الدولارات. وقد تبين أن آن سنكلير باعت، في السنوات القليلة الماضية، 3 لوحات من ممتلكاتها للإنفاق على مصاريف طارئة، منها نفقات حملة زوجها في الانتخابات التمهيدية للحزب الاشتراكي، والتي سبقت الانتخابات الرئاسية السابقة في فرنسا، وكذلك لشراء منزل في العاصمة الأميركية واشنطن، يكون مسكنا للعائلة بعد اختيار ستروس - كان مديرا لصندوق النقد الدولي.

كان الزوج الثاني هو الحب الكبير في حياة آن سنكلير. فهي كانت متزوجة الصحافي الإذاعي المعروف إيفان لوفاي الذي أنجبت منه ولدين. ثم تطلق الاثنان لتتزوج «الأميرة آن» في خريف 1991 السياسي الفرنسي الصاعد دومينيك ستروس - كان، الذي يصغرها بسنة. وتمت مراسم العقد في بلدية الدائرة السادسة عشرة من باريس. وكان العريس مطلقا، قبل ذلك، مرتين، وأبا لأربعة أبناء. وفيما بعد، تدرج الزوج الجديد في المراتب الحزبية والسياسية وأصبح عمدة لبلدة سارسيل، شمال باريس، ثم وزيرا للاقتصاد ومرشحا محتملا للرئاسة. وقد تخلت سنكلير عن عملها وبرنامجها التلفزيوني حال استيزار ستروس - كان، عام 1997، لتعارض منصبيهما وما يمكن أن يسببه عمل زوجها من إخلال بصدقيتها المهنية وحيادها في التعامل مع ضيوف برنامجها من مختلف الاتجاهات السياسية.

وهو إذا كان يعتبر من الأدمغة الاقتصادية الكبيرة في فرنسا، فإن شهرة ستروس - كان التي تزاحم كفاءته المهنية كانت ضعفه أمام النساء، الأمر الذي جعل الحكايات تنتشر عن مغامرات الزوج وما يقوم به من «شقاوة» مع المسؤولات في حزبه الاشتراكي أو مع الصحافيات اللواتي يقصدنه لمقابلة صحافية أو مع العاملات معه أو عابرات سبيله. وكانت أصعب مواقفه هي افتضاح علاقته بسيدة بلغارية متزوجة كانت تعمل تحت إمرته في صندوق النقد الدولي. وقد تمكن المدير من التملص من الأزمة التي كادت تودي بمنصبه، لولا أن المحققين لم يثبتوا عليه أنه استغل المنصب في تحسين الوضع الوظيفي لعشيقته أو منحها امتيازات لا تستحقها. ومما ساعده أنها أقرت بأنها أقامت علاقتها معه بكامل إرادتها ودون ضغوط منه. وقد ابتلعت آن سنكلير الفضيحة وخرجت على الملأ لتقول: «إن ما حصل يحصل في كل العلاقات الزوجية ونحن متحابان كما كنا في أول أيام لقائنا».

ثم جاءت فضيحة خادمة الفندق الأفريقية نفيساتو ديالو، مع ما رافقها من فضائح هامشية أُخرى ظهرت إلى العلن في باريس وسارسيل. وتصور الكثيرون أنها ستكون القشة التي تقصم ظهر ستروس - كان وتطيح باستقراره الزوجي. لكن آن سنكلير، التي كانت تطمح لأن تصبح زوجة لرئيس فرنسا، أي أن تحمل لقبا جديدا هو «الفرنسية الأُولى»، بل وشمرت عن ساعديها لإيصال زوجها اليهودي إلى أعلى منصب في بلد يعتبر «الابنة البكر للكنيسة الكاثوليكية»، آن القوية هذه حسبتها في رأسها، أو في قلبها، بسرعة وقررت أن تحذو حذو هيلاري كلينتون يوم اندلعت فضيحة علاقته بالمتدربة مونيكا لوينسكي. وكانت كلمة السر هي إنكار الحقائق واعتبارها من الأكاذيب واتباع مبدأ «معه في السراء والضراء». أليس هذا هو ما يتعاهد عليه أي زوجين، لحظة عرسهما؟

مثل هيلاري، لم تكن سنكلير زوجة تابعة لزوجها، بل هي أشهر منه، وقد درست القانون في الجامعة كما حصلت على شهادة من معهد باريس العريق للعلوم السياسية، الأمر الذي أهلها للعمل في الصحافة منذ 1973. لذلك، فإن موقع الزوج، عندما يهتز، فإنها غير مرشحة للتداعي معه بل قادرة على انتشاله من كبوته، على أمل أن يواصل الشوط نجو الهدف. لقد راهنت، بذكائها، عليه كما يراهن المقامر على حصان في السباق، هذا عدا عن غرامها الجارف به والذي يضع على عينيها غشاوة «الحب الأعمى». ونتيجة لهذه الطاقة الخارقة على احتمال الخيانات الجانبية، استحقت آن سنكلير تقدير مواطنيها الذين عبر ثلاثة أرباعهم عن إعجابهم بها، في الاستفتاء المنشور اليوم.