حال الأغنية العراقية اليوم يقول: أي شيء في العيد أهدي إليك

ملحن لـ «الشرق الأوسط»: شركات الربح السريع هي السبب

TT

حتى الأجيال الشبابية في العراق وعلى الرغم من انبهارها بموجة الأغاني السريعة والراقصة التي رافقت موجة انتشار الفضائيات التي تخصصت بهذا النوع من الأغاني - لا تستطيع مقاومة سماع أغنية المطرب العراقي الراحل ناظم الغزالي «أي شيء في العيد أهدي إليك». ومع أن ظهوره سبق بكثير ما بات يعرف في ما بعد بظاهرة سفراء الأغنية، فإنه وباعتراف جميع الشعراء والملحنين والمطربين الذين ظهروا بعده اعتبروه السفير الحقيقي للأغنية العراقية. وبعد عدة عقود من الزمن، حمل الفنان كاظم الساهر هذا اللقب بشكل رسمي هذه المرة قبل أن ترشحه «اليونيسيف» سفيرا أيضا لأغراض الطفولة. وقدر للساهر مثل الغزالي أن يطرح ربما آخر أغنية عراقية جميلة عن العيد وهي أغنية «عيد وحب». بعدها انحسرت تماما الأغنية العراقية بشكل عام وأغاني العيد بصورة خاصة. الملحن العراقي جعفر جاسم يفسر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الأسباب الحقيقية لهذا التدهور الذي رافق الأغنية العراقية خلال السنوات الأخيرة ومن جملتها أغاني العيد قائلا إن «من بين أهم الأسباب التي أدت إلى تردي واقع الأغنية العراقية بشكل عام وأغاني العيد كجزء منها بشكل خاص هو عدم وجود الرقابة الحقيقية على الأغاني من حيث الكلمات واللحن والأداء، باعتبار أن هذه العناصر الثلاثة وهي الشاعر والملحن والمطرب هي الأركان الأساسية لنجاح الأغنية»، مشيرا إلى «إننا لو أردنا أن نشبه ما يحصل على صعيد الأغنية بالإنتاج في أي حقل من الحقول فإن المنتوج يحتاج إلى ما يسمى السيطرة النوعية التي تتولى عملية فحص البضاعة قبل طرحها للأسواق حماية لصحة المستهلك ولذائقته معا، وقد كانت هذه الجهة موجودة في السابق وفاعلة داخل المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون بحيث لا يمكن أن يخرج نص غنائي دون أن يتم فحصه والموافقة عليه من قبل لجنة فحص النصوص وهو ما ينطبق على اللحن والمطرب الذي كان يمر بسلسلة اختبارات حتى يصبح مطربا معترفا به».

وحول طبيعة التحولات التي حصلت في ما بعد ومدى انعكاسها على واقع الأغنية وبالذات أغاني العيد، قال جاسم إن «شركات الربح السريع التي تهتم بالأغنية التي نسميها (الأغنية الطقطوقة) وما يقف وراءها من إعلام غير موجه وغير هادف هي السبب في تردي الذوق أولا وفي عدم إنتاج أغان لمثل هذه المناسبات كالعيد مثلا لأنها لا توفر الربح الذي تبحث عنه»، معتبرا أن «أغاني العيد تتسم عادة بالهدوء من حيث الكلمات واللحن والأداء وهي أغنية العائلة إن صح التعبير، بينما الأغاني التي تنتشر حاليا هي أغاني الصخب والردح التي تعمل على تسويقها عبر عشرات الفضائيات مؤسسات تجارية لا شأن لها بالذائقة والأعراف والتقاليد الاجتماعية».

من جهته، أكد طارق حاتم «مشرف تربوي» لـ«الشرق الأوسط» أن «ما نلاحظه في المدارس مثلا أنه وعلى الرغم من الاتجاه الغالب للأغاني الهابطة وهي أغاني الرقص والموسيقى الصاخبة وما ترافقها من حركات تخاطب الغرائز، إلا أننا كثيرا ما نلاحظ أن العديد من الطلبة باتوا يعودون إلى أغاني الستينات والسبعينات من خلال الاستماع إلى أغاني ناظم الغزالي وياسر خضر وسعدي الحلي وسعدون جابر وحميد منصور وغيرهم من مطربي تلك الحقبة»، مشيرا إلى أن «هناك نوعا من عودة الوعي لدى الكثير من الأجيال الشابة، لكن للأسف لا توجد، ما يمكن أن يأخذ بيدها بسبب سيطرة ما هو رديء على كل شيء الآن».