مؤسسات الدراسة الجامعية الأميركية عبر الإنترنت تعزز وضعها

مخاوف من تقويض الفكر النقدي الذي توفره الدراسة بالجامعات

حصلت ماريا لونغ على درجة علمية من جامعة ويسترن غوفرنرز على الإنترنت خلال وجودها في ألمانيا ثم حضرت حفل التخرج في ولاية أوتاه (نيويورك تايمز)
TT

لن تختفي جامعة هارفارد وجامعة ولاية أوهايو الأميركية في وقت قريب، لكن مجموعة من المعاهد الجديدة على الإنترنت جعلت من الحصول على الدرجة الجامعية أقل تكلفة، وأكثر سرعة ومرونة بما يكفي لتضع خبرة العمل ضمن حساباتها. وكما غيرت «ويكيبيديا» مجال الموسوعات إلى غير رجعة وغيرت «آي تيونز» قطاع الموسيقى، فإن لدى هذه الشركات القدرة على تغيير التعليم الجامعي.

ريان يودري، البالغ من العمر 35 عاما، ويعمل مصمم برامج كومبيوتر أنهى 72 ساعة معتمدة في جامعة ساوث فلوريدا قبل عدة سنوات، انضم إلى معهد يدعى ستريت لاين، وقام بدفع 216 دولارا للحصول على دورتين دراسيتين في المحاسبة وأخرى في مجال الاتصالات، وبعد شهر نقل الساعات المعتمدة إلى كلية توماس إديسون ستيت، في ولاية نيوجيرسي، التي منحته درجة البكالوريوس في يونيو (حزيران) الماضي. أما آلان لونغ الذي يعمل مسعفا وإطفائيا فقد استخدم معهد ليرننغ كاونتس، لإنشاء ملف يضم شهاداته العلمية وتفصيل ما يقوم به في عمله، وقال إنه دفع لمعهد ليرننغ كاونتس 750 دولارا ليحصل على سبع ساعات معتمدة في جامعة أوتاوا في كنساس، حيث كان سيضطر إلى إنفاق 2800 دولار للحصول على هذه الساعات.

وإيرين لارسون، الأم لأربعة أبناء التي تعمل بدوام كامل في محطة تلفزيونية لكنها ترغب في أن تصبح معلمة، فقد دفعت 3 آلاف دولار لفصل دراسي واحد في جامعة وسترن غافرنرز لحضور أكبر عدد من المحاضرات - إلى جانب اتصال أسبوعي من المشرف. وقالت لارسون، البالغة من العمر 40 عاما: «كان ذلك سيكلفني في أي مكان آخر مزيدا من الجهد والمال، ولم تكن هذه الاتصالات الأسبوعية ستصبح مفيدة جدا».

من يملكون الوقت والمال والإقامة لأربع سنوات في الحرم الجامعي لا يزالون يمرون بما يعرف بأفضل تجربة تعليمية. ويبدي المنتقدون قلقهم من أن يصبح التعليم عبر الإنترنت أقل صرامة وأكثر احتمالية للغش، وأن التأكيد على تقديم أوراق الاعتماد لعمل معين يمكن أن يقوض المهمة التقليدية لتشجيع الفكر النقدي.

لكن غالبية الخبراء يتفقون على أنه نتيجة لانفجار ثورة المعلومات والتخفيضات في ميزانيات الجامعات واتساع عالم الأفراد الذين يتوقع أن يحصلوا على درجات بعد انتهاء مرحلة التعليم الجامعي، لن توجد نهاية في الأفق لبرامج إعداد الطالب للوظائف في ميادين ذات متطلبات عالية مثل إدارة الأعمال وعلوم الحاسب والرعاية الصحية والعدالة الجنائية. وتوقع تشستر فين جونيور، زميل معهد هوفر ورئيس معهد توماس فوردهام الأميركي إجراء تغييرات جوهرية في الجامعات القائمة عدا الكبيرة منها مع استعادة الطلاب السلطة في سوق العمل المتنامية. ويقول فين: «بدلا من قضاء أربع سنوات كاملة في الجامعة سيصبح الأمر مثل التجول أو الذهاب إلى الحانات، مع أشخاص يحصلون على التعليم الثانوي من مصادر مختلفة».

وعلى الرغم من تقديم الطلاب في المعاهد الناشئة وجهات نظر وقصص نجاح، وجدت الدراسة التي أجرتها كلية المعلمين بجامعة كولومبيا التي تعقبت 51 ألف طالب جامعي في جامعة ولاية واشنطن على مدار خمس سنوات أن الطلبة الذين حصلوا على ساعات معتمدة عبر الإنترنت كانوا أقل احتمالية في التخرج أو الانتقال إلى مؤسسة تعليمية لأربع سنوات. ويرى الأساتذة التقليديون مثل البروفسور جوهان نيم، المؤرخ في جامعة ويسترن واشنطن، أماكن مثل جامعة وسترت غافرنرز مكانا لا يساعد على الفكر، مشيرا إلى أن إعلانها يؤكد على مدى السرعة التي سيحصل من خلالها الطالب على الساعات المعتمدة لا على كيفية التعلم.

وقال نيم: «تلقي المنهج عبر الإنترنت بنفسك ليس مثلما تكون في فصل مع أستاذ قادر على الرد على أسئلتك، وتقديم وجهة نظر مختلفة ودفعك إلى حل المشكلة». وأضاف «هناك الكثير من الجنس والدين على الإنترنت لكن الأفراد لا يزالون يكونون علاقات ويتزوجون ويذهبون إلى الكنيسة ويتحدثون إلى القساوسة».

لكن آنيا كامنتيز، التي يقتفي كتابها لعام 2010 «التعليم الجامعي الذاتي: التعليم الفوضوي التعليم التجاري» الموجة الجديدة من مشاريع التعليم عبر الإنترنت، تشير إلى أن المؤسسات الجديدة ستواصل التطور والتوسع. وتقول: «بالنسبة لبعض الأفراد سيعني ذلك الانتقال من تعليم جيد إلى آخر عظيم. وبالنسبة لآخرين سيعني الحصول على قسط من التعليم خير من لا شيء».

تتسم قائمة العروض الجديدة بتنوع مذهل، بقدر تنوع المؤسسات. ويمنح مشروع جامعة الشعب الناشئ غير المسجل الذي لا يهدف للربح خريجي المدارس الثانوية المتحدثين بالإنجليزية فرصة دراسة إدارة الأعمال أو علوم الحاسب مجانا على أيدي معلمين متطوعين. وهناك مشاريع مشتركة ناشئة بين الكيانات التي لديها مقرات والكيانات التي توجد على الإنترنت مثل «أيفي بريدج كوليدج» وهي ثمرة تعاون بين جامعة تيفين التي لا تهدف للربح في أوهايو ومعهد ألتيوس إديوكيشين التجاري الذي يمنح درجات علمية بعد عامين من الدراسة عن طريق الإنترنت ويمكن تحويلها إلى كليات شريكة مدة الدراسة بها أربع سنوات. وهناك كيانات لا تهدف إلى الربح مثل جامعة بير تو بير حيث يكون فيها الدارسون مجموعات دراسة عن مواضيع متنوعة مثل الجافا سكريبت وفن الباروك.

يلتحق نحو 3 أرباع طلبة الجامعة على مستوى الدولة بمعاهد حكومية وتمثل كليات تجارية مثل جامعة فنيكس وكابلان الجزء الأكبر من الربع المتمثل في الجامعات الخاصة التقليدية التي لا تهدف للربح مثل جامعة ستانفورد أو ديوك. تعد تكلفة الكثير من النماذج الناشئة أقل كثيرا من الكليات الحكومية المهنية، والتي خضعت بعضها إلى المراقبة على مدى العام الماضي بسبب تحميل طلابها أعباء من الديون والمؤهلات التي لا قيمة تذكر لها.

لا يزال أكثر المؤسسات صغيرة وجديدة، مما يجعل من الصعب تحديد الطلبة الذين انضموا إليها، ناهيك عن الذين تم تحويلهم من قبل تلك المؤسسات نفسها. من المبكر جدا معرفة من منهم سوف يزدهر وينجح ومن سيخفق. ويقول ريتشارد فيدر، أستاذ الاقتصاد بجامعة أوهايو ومدير مركز تكلفة الدراسة الجامعية والإنتاجية: «أنا في انتظار جامعة ويكيبيديا التي تتمتع بمستوى جودة مرتفع على الإنترنت التي تعد مصدرا مفتوحا لدورات تعليمية يقدمها مجموعة متنوعة من الأفراد. كذلك أنتظر اللحظة التي يعلن فيها شخص مثل بيل غيتس جامعة سوبر ستار وأفضل أساتذة لتدريس 200 دورة تعليمية توفرهم كلية فنون ليبرالية جيدة ودفع 25 ألف دولار مقابل كل دورة منهم على الإنترنت».

* خدمة «نيويورك تايمز»