الأسر السعودية تستقبل العيد بمأكولات حجازية وولائم شعبية

الشوكولاته السويسرية والفرنسية تأخذ مواقع خلفية.. ولو مؤقتا

الأسر السعودية تزاحم على وجود المأكولات والحلويات الخاصة بها في المناسبات («الشرق الأوسط»)
TT

على الرغم من انتشار محلات الشوكولاته السويسرية والفرنسية وغيرها من المنتجات، التي تمثل المنافس الأقوى للحلويات التقليدية والولائم الشعبية في العيد، فإن الحنين إلى هذه المأكولات، لا سيما في المناسبات والأفراح، يظل له طعم وذكريات خاصة، حيث تحرص العديد من العائلات والأسر السعودية على المحافظة عليها وتعليمها لأبنائها خوفا من الاندثار.

ويتراجع الاهتمام بمائدة رمضان خلال العشر الأواخر من الشهر، ويبدأ الالتفات والتجهيز لمائدة العيد، حيث تقل المواد الغذائية المستهلكة في رمضان كالسمبوسة والشوربة والعصير، وتحل مكانها المواد الغذائية الخاصة بأيام عيد الفطر المبارك.

علا رجب تحاول من خلال مشروعها «البيت الحجازي» أن تحافظ على المأكولات الحجازية. قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها «لاحظت أن الجيل الحديث من الشباب والبنات ليست لديهم فكرة عن المأكولات الحجازية التي تقدم في المناسبات الخاصة، كالأعياد والأفراح أو حتى في العزاء، لذا قررت أن أقوم بإحياء هذا التراث من خلال عمل مشروع صغير داخل منزلي يساعدني فيه بناتي وبعض المقربين للتعريف بالمأكولات والتراث الحجازي».

وبينت رجب أن والدها قبيل وفاته كان شديد الاهتمام بالتراث والعادات الحجازية لا سيما في المناسبات، وكان يهتم بتحضير ما يسمى «التعتيمة الحجازية» في الأعياد والأفراح، وأضافت «قمت بفتح صفحة على الـ(فيس بوك) للتعريف بهذه المأكولات ومناسباتها وأسباب تسميتها». وفي السعودية، تختلف حلويات وولائم العيد بحسب المناطق، فلكل منطقة عادات وتقاليد «مختلفة» في تحضير هذه الولائم، إلا أن المنطقة الغربية لا سيما «مكة والمدينة وجدة» تتميز بتشابه عاداتهم ومأكولاتهم في المناسبات والأعياد، فلا تكاد تخلو بيوتهم خلال الأيام الأخيرة في شهر رمضان من ما يسمى «قمر الدين» وبعض الفواكه المجففة والمكسرات، المستخدمة في صنع «الدبيازة» التي تعتبر الطبق الرئيسي في إفطار عيد الفطر المبارك لديهم.

إضافة إلى المعمول والغريبة التي يحرص النساء في هذه المناطق على صنعها داخل المنزل على الرغم من وجود محلات تبيعها جاهزة، وقالت أم وليد «إن عمل البيت له نكهة خاصة، إضافة إلى شعورنا بفرحة العيد ونحن نصنع هذه الحلويات».

وتعتبر «التعتيمة الحجازية» هي أساس «سفرة العيد» بالنسبة لأهالي الحجاز، التي تحظى باهتمام كبير من ربة المنزل في الإعداد والتجهيز، كونها سهلة وسريعة التحضير، إضافة إلى قلة تكلفتها، لافتة إلى أن سر «التعتيمة الحجازية» يكمن في طريقة تقطيع موادها وترتيبها حتى تقدم بشكل مناسب وفق طريقة أهل مكة والحجاز.

وفي ذلك، قالت رجب «أعمل على تطوير (التعتيمة الحجازية) بإضافة بعض الديكورات ومواد الزينة حتى تتماشى مع العصر، وذلك من خلال دمج بعض القطع الفنية القديمة ومواد الزينة الحديثة في ديكوراتها بهدف المحافظة على التراث الحجازي».

و«لتعتيمة الحجازية» تتكون من «الهريسة»، وهي حلوى تصنع في البيت من الدقيق واللوز ويضاف إليها السمن البلدي ويوضع عليها حبات اللوز البجري، وتوضع في صحون بأشكال هندسية، كما تشتمل التعتيمة على «الشريك أبو السمن»، حيث يصنع منه العدد اللازم وفق عدد الحضور.

ومن أشهر مواد «التعتيمة الحجازية» الشهيرة «اللدو» و«اللبنية» و«السمسمية». وبينت رجب أن سبب تسميتها «التعتيمة» يعود لأنها تقدم في وقت متأخر من الليل بعد وجبة العشاء الأساسية، أي في «عتمة الليل».

ومن الحجاز إلى الرياض، نجد التي تشتهر في العيد بعصيدة التمر و«حلاوة بالسكر» التي وصفتها الحاجة أم ريان بأنها تصنع من السكر والدقيق المعصد، وتعتبر من مأكولات أهل الرياض في العيد، إضافة إلى «الحلاوة التركية» التي تصنع من الزبدة والدقيق والسكر والماء، وتقول أم ريان «توضع هذه المكونات على النار وتقلب طوال الوقت، ثم نضيف لها قليلا من الهيل، وعندما يصبح لونه مائلا للصفرة يكون قد نضج».

وبعد صلاة العيد في منطقة الرياض، يقدم طبق الجريش، وهي أكلة شعبية تحرص الأسرة النجدية على تقديمها أول أيام العيد كطبق رئيسي في وجبة الإفطار، ثم بعد ذلك يتناولن القهوة مع ملبس يسمى «الصعو» إضافة إلى «القريض» وهو عبارة عن حبات من الحمص كالمكسرات أو التسالي يقدم مع الشاهي إضافة إلى «الحلقوم».

هناك بعض النساء اللاتي يشعرن بالفخر، كونهن ما زلن يحرصن على عادات الأسرة في تقديم المأكولات، خاصة في المناسبات كالأعياد والأفراح، حيث تقول أم سعيد وهي من سكان مدينة الطائف إنها حرصت على الاحتفاظ بنكهة العيد المميزة التي اكتسبتها من جدتها ووالدتها، وأضافت: «أبدأ من ليلة العيد بتجهيز العجين وخبز (القرصان) المحلى بالسمن والعسل وهي من أكلات العيد لدى أهل الطائف، فبعد الانتهاء من صلاة العيد نفطر على هذه القرصان بجانب الأرز بالحليب والعصيدة»، مشيرة إلى أنها تحرص كل عيد على صناعة هذا الصنف، كما أنها علمت بناتها كيفية صنعه حتى لا ينسى الجيل الحديث عادات أجدادهم.

وفي المنطقة الجنوبية، لا يكاد يخلو منزل صباح يوم العيد من «المندي والحنيذ»، حيث يعتبرهم أهالي الجنوب «سيدتي وجبات نهار العيد»، ويبدأ التحضير لهذه الوجبة بإشعال النار في التنور، ولصنع «الحنيذ» يفرش شجر المرخ أو البشام على الحطب وتوضع قطع اللحم على المرخ حتى لا يلامس اللحم الجمر ويحترق، ثم يغطى التنور بالغطاء ويوضع عليه كيس مبلل بالماء أو القماش، وخلال ساعة أو ساعتين يكون اللحم جاهزا لتحضير الوجبة.

وبينت نورة المبارك أن «العريكة» التي تعد من الخبز المعجون بالدقيق ويخبز في التنور ثم يضاف إليه السمن والعسل تعتبر من المأكولات المشهورة لدى أهالي المنطقة الجنوبية في العيد، كما أن هناك ما يسمى «المرظوفة» وتكون على شكل قرص من خبز التنور ويوضع عليه أيضا العسل والسمن.