بائعو البسطات في المدينة المنورة يتحولون لمعاجم لغوية

المساومة تختلف على معروضاتهم باختلاف لغة زبائنهم

اكتساب بائعي البسطات لغات عدة من الزوار بات أمراً ملحوظاً في حياة من اعتادوا العمل في تلك المواقع («الشرق الأوسط»)
TT

كالمعتاد عند خروجك من المسجد النبوي، تسمع هتافات بلغات متعددة ما بين العربية والإنجليزية والأردية والفارسية وغيرها من لغات العالم التي تزور بلاد الحرمين، تنادي على زوار بيت رسول الله «عليه الصلاة والسلام» لتشتري من محلات تجارية متنقلة «عربات خشبية» بأربع عجلات، أو بسطات صغيرة تعرض معروضات متنوعة للزوار المغادرين إلى مكة المكرمة لأداء مناسك العمرة، أو المغادرين إلى بلدهم، بعد انتهائهم من مناسكهم، إذ تأخذ تلك المعروضات الطابع ورائحة المسجد النبوي الشريف.

أعداد هائلة تقف على مخارج ومداخل المسجد وأصوات مختلفة ولغات أيضا مختلفة، البعض منهم يعمل وفق القانون، والبعض الآخر غير قانوني، الجميع يعمل على البيع في الأسواق المركزية بجوار الحرم المدني، فجنسياتٌ مختلفة ما بين سعودية وآسيوية وأفريقية رجال ونساء، وشباب وأطفال، جميعهم يعرضون بضائع مختلفة على زوار المسجد النبوي، بتعليمٍ كما يبدو متوسطا، يرددون بكلمات تسويقية، هتافاتٍ يسمعها الزبون بلغة بلده، كنوعٍ من الجذب، للظفر بقطعةٍ من هنا أو هناك، ليشتريها الزوار ويقدمونها هدية لأهاليهم أو أصدقائهم بعد عودتهم إلى بلادهم سالمين، مُستنشقين من خلال الهدايا التي اقتناها زائر المسجد النبوي رائحة المدينة المنورة.

تختلف المعروضات مع اختلاف جنسيات المشتري، فمن المعروضات التي تعرض وينادي ملاكها بلغات مختلفة ويتفاوضون مع الزبون بلغة البلد الذي ينتمي إليه، فمن «قمصان وإحرامٍ خاصٍ بصلاة النساء، إلى القرآن الكريم، والأشرطة والكتيبات الإسلامية، وبطاقات الهاتف، وشرائح الجوال، ونظاراتٍ شمسية وطبية، وساعات ومسابح وخواتم وعطور وملابس إسلامية مع سجادة صلاة» وحتى تصل إلى الخردوات والألعاب الخاصة بالأطفال، جميعها تتوفر في تلك المواقع.

يقول أبو أحمد في السادسة والعشرين من عمره، أحد البائعين حين تجولت «الشرق الأوسط» في ساحة الحرم الخارجية عن كيفية تعلم هذه اللغات المتعددة ومناداة الزبائن ومفاوضتهم كل زبون بلغة بلده: «نحن نتحدث عددا كثيرا من اللغات من أردية وفارسية وروسية وإنجليزية وبنغالية، ولغات كثيرة تعلمتها خلال ممارستي بيع ما أملك من سلع يشتريها الزوار كهدايا لهم من المدينة المنورة، لأن بعض الزوار خلال انتهاء زيارته، يتبقى له أن يشتري أي سلعة ليعود بها إلى أهله ويقول هذه السلعة اشتريتها من المدينة المنورة، هذه الهدايا والقطع لها طابعُ خاص وفريد لمن تُقدم له».

وأكمل: «إن بعض البائعين يغيرون لهجتهم عند قدوم زائر عربي يريد أن يشتري، فمثلا إن كان الزبون مصريا، فتجد الحديث معه باللهجة المصرية، وهكذا، سواءً كان الزبون مغربيا أو سودانيا، اللهجات تختلف بحسب الجنسيات، وهذا من ممارستهم العمل المتواصل واختلاطهم بأعداد كبيرة من الجنسيات المختلفة من العالم، أصبح البائعون يتكلمون بلغة البيع بعدد من اللغات». وقال: «في هذه الأيام تشهد المدينة المنورة انتعاشا كبيرا من الزبائن الزوار لمسجد رسول الله، وتعد هذه الأيام فرصة لمن يمتلك بسطة أمام المسجد لتحقيق مكاسب مالية ربما تكون كبيرة، وأنه وبشكل يومي لا نسلم من ملاحقتنا من قبل البلدية، لأننا مخالفون لقوانين البيع، إلا أننا نتحمل هذا الشيء كي نكسب قوت يومنا».

وفي نفس السياق، اعتبر أيمن سالم (23 عاما) أن بعض اللغات أتت خلال ممارستهم بيع الهدايا والتحف والبطاقات الخاصة بشحن الهواتف المحمولة على زوار المسجد النبوي، والاحتكاك بعدد من الزوار المختلفة جنسياتهم ولغاتهم، مشيرا إلى أنه مع مرور الوقت استطاع أن يتحدث اللغة الفارسية والأردية والإنجليزية وغيرها من اللغات البسيطة.

وأضاف: «الكلمات التي يتحدث بها بسيطة وقليلة، ولكن مفيدة بالنسبة لنا كبائعين عند الحرم، لأنك لا تحتاج إلا كلمات قليلة تستطيع أن تخاطب الزبائن أصحاب اللغات المختلفة، إن الاحتكاك بالزبائن أكسبنا معرفة ثقافات مختلفة من دول كثيرة».