«فيات» تراهن على السوق الأميركية مرة أخرى بسيارتها «500»

أعدتها كأيقونة الموضة ومبيعاتها تنافس ميني كوبر

عشرات الموديلات المختلفة من السيارة فيات 500 في تايم سكوير بنيويورك (نيويورك تايمز)
TT

تحصل الشركة المصنعة للسيارات الإيطالية «فيات» على فرصة ثانية نادرة لأن تترك انطباعا أول جيدا لدى مشتري السيارات الأميركيين. وعلى عكس النهاية المأساوية لأول محاولة قامت بها منذ عقود، تمكنت الشركة المصنعة للسيارات من عمل ضجة حول إنتاجها. وتمتلك «فيات» شركة «كرايسلر» التي اشترتها بعد أن أعلنت إفلاسها منذ عامين. وتحاول «فيات» حاليا أن تجد لها موطأ قدم في البلاد من خلال شركة «كرايسلر» من أجل بيع واحدة من سياراتها وهي «فيات 500» للمرة الأولى منذ عام 1983 وهو العام الذي تركت فيه السوق.

من حسن حظ شركة «فيات» أن عددا قليلا من الأميركيين يتذكرون السيارة الـ«فيات» وماضيها سيئ السمعة من تراجع جودتها الذي أدى إلى انخفاض المبيعات من 199.511 عام 1975 إلى 14.113 عام 1982. لاقت السيارة الهاتش باك الجديدة من شركة «فيات» ترحابا ووصفها أحد المحللين بأنها «علامة الموضة» بين الكثير من مشتري السيارات الجديدة. واقتربت مبيعات السيارة الصغيرة ومنها «بوب» و«لاونج» الشهر الماضي من مبيعات منافستها الرئيسية «ميني كوبر».

وافتتح التوكيل رقم مائة وواحد يوم الأربعاء في ميامي ومن المزمع أن يبدأ 130 متجر توكيل في العمل في نهاية العام الحالي. الجدير بالذكر أن يوجد أكثر التوكيلات في الأحياء التي تعج بالمتاجر لا الضواحي. وستكون السيارة «فيات 500» محط الأنظار في أسبوع الموضة في نيويورك المزمع إقامته الأسبوع القادم والذي سيتم فيه إزاحة الستار عن السيارة فيات 500 المخططة باللونين الأحمر والأخضر من «غوتشي».

ويقول جيرمي أنويل، الرئيس التنفيذي لموقع أبحاث السيارات Edmunds.com: «يجب أن يتم تقديم تدشين السيارة بأنه ناجح نظرا لأنها سيارة جديدة. لكن التحدي الكبير أمام تلك السيارة هو الحفاظ على قدرتها التنافسية. إن الموضة لا تدوم بطبيعتها، فهي متقلبة والناس تميل للتغيير».

إن سيارة «فيات 500» هي مركز الاهتمام في عالم السيارات الصغيرة على الأقل حتى هذه اللحظة في وقت ترتفع فيه أسعار الوقود وتتمتع فيه السيارات الصغيرة بالرواج نظرا لرغبة المستهلك في الحد من استهلاك الوقود. وتتوقع شركة «فيات» تضاعف حجم مبيعاتها من السيارات الصغيرة بحلول عام 2014 وتأمل أن تحقق أرباحا لا تتمكن شركة «كرايسلر»، المتخصصة في إنتاج سيارات كبيرة، من تحقيقها.

يقول بول لوتشيغنو، المستشار المتقاعد البالغ من العمر 63 عاما في فيرجينيا والذي اشترى سيارة «فيات 500» الربيع الحالي عندما كان يبحث هو وزوجته عن سيارة أصغر وأقل استهلاكا للوقود من الشاحنة التي يمتلكونها: «إنها سيارة قوية وعملية وقيادتها ممتعة ومتسعة من الداخل. يسألني الكثيرون عن هذه السيارة».

ربما تكون «فيات 500» جديدة على الكثير من الأميركيين، لكنها متواجدة في أوروبا منذ عام 1957. وتم تعديل الموديل المتاح لقائدي أميركا الشمالية الذي صنع في المكسيك، بينما جاء المحرك من ميتشيغان بحيث تناسب ذوقهم. ومن ضمن التعديلات التي أدخلت على الموديل هو زيادة قوة نظام التعليق وجعل نظام التحكم في درجة الحرارة يناسب درجات الحرارة المرتفعة وتوفير خاصية النقل الآلي. تقول لورا سوف، رئيسة فرع شركة «فيات» في أميركا الشمالية: هي من الجيل الإيطالي - الأميركي الأول ولدى أسرتها صورة لها وهي تقف على سقف السيارة «فيات 500» بينما كانت في الثالثة من عمرها.

يمثل تقديم «فيات» في الولايات المتحدة بسيارة واحدة سعرها أقل من 19 ألف دولار رهانا كبيرا بالنسبة إلى سيرجيو مارشيوني، الرئيس التنفيذي للشركة وكذلك لأصحاب التوكيلات المطالبين بإنفاق أموال كثيرة من أجل بناء صالة عرض منفصلة لسيارة لا تعرف قدراتها.

لكن هناك مشاكل رغم الحماس الأولي، فعملية تعريف شبكة وكلاء «فيات» استغرقت وقتا أطول من المتوقع، بينما كانت المبيعات الأولية أقل من المتوقع. وانخفضت أسهم شركة «فيات» في إيطاليا مؤخرا بعد إعلان لورا سوف أن مبيعات السيارة خلال العام الحالي في أميركا الشمالية سوف تكون أدنى من الرقم المستهدف وهو 50 ألفا، حيث بلغ إجمالي المبيعات في الولايات المتحدة خلال شهر يوليو (تموز) نحو 8 آلاف وأقل من مبيعات السيارة في كندا التي تبلغ 4 آلاف.

لكن يتوقع الكثير من أصحاب توكيلات سيارة الـ«فيات» الجديدة أن تحقق السيارة نجاحا، حيث قالوا، وأكثرهم يبيعون الموديلات الأربعة لـ«كرايسلر»: إن عدد المشترين الذين تاجروا في سيارات «تويوتا» و«هوندا» و«ميني» و«فولكس فاغن» وعلامات تجارية فاخرة أجنبية مثل «ليكوس» بلغ 500.

يقول ريك كيس، الذي افتتح توكيلا لـ«فيات» في الأول من يوليو في صالة عرض كانت تستخدم في السابق لعرض سيارات «سمارت» بالقرب من فورت لوديرديل في فلوريدا: «إنهم يقومون بالكثير من الأشياء الصحيحة وسيرجيو رجل استثنائي في مجال صناعة سيارات. إن ما فعله بـ(كرايسلر) كان إعجازا». وباع متجر كيس 58 سيارة من موديل «فيات 500» خلال الشهر الأول وهو أكثر من أي صاحب توكيل آخر في أنحاء البلاد ويتوقع أن يبيع نحو 100 سيارة شهريا بداية من العام الحالي وهو ما سيجعلها تحقق أرباحا بحسب قوله.

ولكيس سجل مشرف في التوقيع مع مصنعي السيارات الصغيرة وقليلة الاستهلاك للوقود وكان من أول من باعوا سيارات «تويوتا» و«هوندا» و«هيونداي» في هذا البلد. لقد أقبل على الـ«فيات» لأنه شعر بأنها من الممكن أن تحقق نجاحا مماثلا رغم اعترافه أن حجم إنتاجه منها لن يماثل أبدا حجم إنتاج «هيونداي» التي تجاوزت مبيعاتها في الولايات المتحدة العام الماضي نصف المليون سيارة. وقال: «انجذب الكثيرون إليها لأنها لطيفة وقليلة الاستهلاك للوقود وقيادتها ممتعة». وتجذب هذه المزايا المشترين الذين حاولت «كرايسلر» جاهدة أن تجذبهم.

وتقول لورا سوف: «إنه عميل لم يروه منذ فترة طويلة». وفضلا عن موديل الهاتش باك وذي السقف القابل للطي، سيقدم أصحاب التوكيلات «أبارث» وموديل إلكتروني لسيارة «فيات 500» العام القادم. وتعتزم شركة «فيات» تقديم موديل ثان أكبر قليلا من هذه السيارة خلال السنوات المقبلة دون تحديد التاريخ.

وعملت شركة «فيات» على جذب قادة السيارات من الرجال في الولايات المتحدة بموديل «رياضي» ذي أداء أقوى. ويمثل الرجال 64% من مشتري السيارة «فيات 500» في أميركا الشمالية، بينما يمثلون 30% في أوروبا، حيث تغيب اللمسة الرياضية. وأيد 57% من المشترين هنا اللمسة الرياضية وأكثر هذه السيارات مجهزة بنظام نقل حركة يدوي رغم تفضيل الأميركيين ناقل الحركة الآلي.

تقول لورا سوف إن المشترين إما شباب أو كبار في السن، حيث لا يوجد بينهم من هم في الأربعينات والخمسينات من العمر وهي الفئة التي تكون سائدة في أشهر العلامات التجارية. وتعد ولاية تكساس من أقوى سوق سيارات «فيات»، حيث يبدو أن ولع سكانها بالشاحنات يمثل صعوبة على بيع سيارة يقل ارتفاعها عن 12 قدما.

يقول نايل ماكسويل الذي افتتح «فيات أوف أوستين» في مارس (آذار) الماضي وحقق أعلى المبيعات في يونيو (حزيران): «لا نملك جميعا آبار نفط وأحواض سباحة في تكساس». ويبيع فريق العمل لديه «فيات 500» في مركز «دومين» التجاري بدعم من نيمان ماركوس ويقدم خدمة بيع سيارات «كرايسلر» و«دودج» و«جيب» و«رام» للعملاء من متجره الذي يقع على بعد 5 أميال. ويقول ماكسويل: «إننا نبيع كل ما نعرض من سيارات ذات سقف قابل للطي. ينبغي أن يساعد النجاح الذي تحققه هذه السيارة العلامات التجارية الأخرى. إنها تتمتع بميزات كثيرة».

* خدمة «نيويورك تايمز»