سوق العيد.. متنفس فقراء مصر

امتدت إلى الشوارع الفرعية لأول مرة منذ سنين

TT

بالنسبة للفقراء وأبنائهم، لا يمثل العيد فرحة وبهجة فقط؛ حيث إنهم لا يمتلكون ترف النزهة أو الذهاب إلى الملاهي الضخمة المقصورة على أبناء الفئات الغنية، لكنهم ينتظرون العيد بفارغ الصبر باعتباره متنفسا للبعض منهم، ويستخدمونه للعمل بالتجارة والتربح.

هذا العام تجددت الأسواق في مصر وظهر عليها الاتساع، لتضاهي مساحة مدن الملاهي الكبيرة، وسط الأحياء الشعبية المكتظة بالأطفال. ويبدو أن عدم نزول شرطة المرافق منذ ثورة «25 يناير» حتى الآن كان أحد الأسباب المؤدية لهذا الاتساع غير المعهود، مما شجع المنسقين والمشرفين على هذه الأسواق إلى توسيع دائرة السوق لتحتل بعض الشوارع الجانبية والرئيسية أحيانا.

ففي بعض الأحياء والمناطق الشعبية بالقاهرة، كمنطقتي دار السلام وشبرا، تبدلت الأمور؛ فبعد أن كانت الألعاب تقتصر على الألعاب البسيطة مثل المراجيح، وألعاب التصويب باستخدام بنادق الرش، وبعض فقرات العرائس المتحركة (الأراجوز)، والمهرج الذي كان يلقى قبولا واسعا لدى الأطفال وصغار السن، تجد الآن بعض ألعاب السيارات الكهربائية التي تعمل بالبنزين، والألعاب الإلكترونية الكبيرة والمسدس الإلكتروني وبعض الألعاب التي لم تكن لتوجد إلا في الملاهي الكبيرة التي كانت حكرا على أطفال الأغنياء، وتجد أيضا في الساحة الخارجية لسوق العيد الكثير من الخيول والجمال التي يبهج الأطفال ركوبها وتقديم الطعام لها، بينما كان في السابق عددهم أقل بكثير من الممكن أن تجد حصانا واحدا أو اثنين على الأكثر.

هذه التعديلات كلها على ألعاب ووسائل الترفيه وتنوعها وتوسعها، كانت لافتة للنظر هذا العام، بعد قيام الثورة والتحرر من كل ما كان يحارب من أجل عدم إقامة هذه الاحتفالات في الأماكن العامة، وعلى الرغم من أن معظمها يكون معطلا لحركة السير في الشوارع، ويؤذي السكان المقيمين في منطقة الاحتفالات، فإن الناس اعتادوا على هذا الوضع متفاعلين مع الزحام الشديد، في ظل عدم وجود أي من رجــــــال الأمن الذين كــــانوا يفرضـــــــون إتـــــــاوات على أصحاب هذه التجمعات.

من ناحية أخرى، كانت مثل هذه الاحتفالات تشهد الكثير من المضايقات التي كانت تحدث والمشاجرات بين أصحاب الألعاب المشاركين في هذه التجمعات وبين بعض من كانوا يدعون أنهم تابعون لأقسام الشرطة، فكان مثل هذا المشهد يتكرر كل عيد، ولم يلاحظ نهائيا هذا العام، كما توقع البعض أن تكون هناك بعض المضايقات من الشباب والتحرش بالأسر التي تزور هذه الأماكن، إلا أن روح التجمع في التحرير هي التي سادت على الحس العام، فأصبح الجميع يعتاد الزحام والمحافظة على الآخرين دون أي إســــــــاءة ملحوظة إلا ما ندر.

بجوار سوق العيد تجد عادة أماكن لبيع الألعاب والوجوه البلاستيكية والقبعات الطريفة التي تلفت أنظار الأطفال، كما تجد بعض من يرسم على وجوههم أشكالا جميلة تعكس ابتسامتهم، فتشعر الكبار ببهجة العيد وفرحته، وعلى جانب الطريق تتراص عربات بيع المأكولات السريعة والشعبية مثل الكبدة والكشري والحلوى مثل غزل البنات والعسلية وغيرهما من الحلويات، يقبل عليها الأطفال ببهجة وفرحة ولا يهدأ زخم هذه الأسواق والتجمعات الاحتفالية إلا هروبا من موجات الحر الشديد، لتعود مرة أخرى آخر النهار مع قدوم الليل.

لكن على الرغم من الكثير من الإيجابيات فإن غلاء الأسعار كان أكبر السلبيات هذا العام؛ حيث لوحظ ارتفاع أسعار الألعاب عن الأعوام الماضية، كما أن ثمن اللعبة فــــــي ســـاعات الظهيرة ينخفض عن سعرها في ساعات الزحام لتحفز الأطفال على الوجود.

وعلى الرغم من غلاء الأسعار فإن كثيرا من الأسر المصرية يعتبر النزول لمثل هذه الأماكن في العيد بمثابة طقس يتوارثه جيل عن جيل، فلا يكون للعيد معنى دون وجود هذه الاحتفالات حتى إن أغلقت الميادين والطرق الرئيسية أو حتى إن ارتفعت الأسعار أو اشتدت الحرارة.