«ويكيليكس»: بن لادن كان يعتقد وجود مؤامرة داخل «القاعدة» ضده بعد هجمات سبتمبر

نشر أكثر من 250 ألف برقية دون تنقيح يثير غضب واستنكار الصحف الـ5 الكبرى

TT

نشر موقع «ويكيليكس»، أول من أمس، كل البرقيات الدبلوماسية الأميركية التي يملكها من دون تنقيحها، ويبلغ عددها 251 ألفا و287، مما أثار إدانة صحف شريكة مرموقة تأخذ على مؤسس الموقع جوليان أسانج تعريض المصادر للخطر.

وأعلن «ويكيليكس» على «تويتر» أنه «نشر 251 ألفا و287 برقية دبلوماسية أميركية يمكن الاطلاع عليها بكلمات مفتاح». وقدم عنوانا إلكترونيا للموقع الذي يضم الوثائق.

كان موقع «ويكيليكس» قد هدد، الخميس، بنشر صيغة كاملة للبرقيات على الرغم من تحذيرات منظمات لحقوق الإنسان والحكومة الأميركية من مغبة ما يمكن أن يمثله هذا الأمر بالنسبة إلى الأشخاص الواردة أسماؤهم فيها.

وعلى الفور، أثار نشر هذه الوثائق انتقادات الصحف الكبرى الـ5 التي أبرم معها «ويكيليكس» منتصف عام 2010 شراكة لنشر برقيات أميركية تحذف منها أسماء يمكن أن يتعرض أصحابها للخطر.

وفي بيان مشترك، أعربت كل من «الغارديان» (بريطانيا) و«نيويورك تايمز» (الولايات المتحدة) و«دير شبيغل» (ألمانيا) و«إلباييس» (إسبانيا) و«لوموند» (فرنسا) عن «أسفها لقرار (ويكيليكس) نشر برقيات لوزارة الخارجية الأميركية من دون تنقيحها، الأمر الذي يمكن أن يعرض بعض المصادر للخطر».

وبحسب «الغارديان»، فإن أكثر من ألف وثيقة نشرت الجمعة تعرف عن «ناشطين» وتتضمن آلاف أخرى إشارات إلى مصادر تعتبر الولايات المتحدة أنها قد تتعرض للخطر. وتتضمن البرقيات أيضا إشارات إلى أشخاص تعرضوا للاضطهاد من قبل حكوماتهم وضحايا جرائم جنسية ومواقع منشآت وبنى تحتية حكومية حساسة بحسب الصحيفة البريطانية.

وأوضحت الصحف الـ5، في بيانها، أن «القرار بنشر كامل هذه البرقيات يعود إلى جوليان أسانج، وإليه وحده؛ فهو المسؤول عن ذلك»، مما يدل على تدهور علاقاتها مع مؤسس «ويكيليكس» الأسترالي جوليان أسانج.

فبث الوثائق بنسختها الكاملة سابقا كان السبب في الخلاف الأخير بين «الغارديان» و«ويكيليكس»؛ إذ اتهم كل منهما الآخر بكشف كلمة السر التي تسمح بالوصول إلى البرقيات. كذلك يقيم أسانج مع «نيويورك تايمز» علاقات متوترة، حتى إن منظمة «مراسلون بلا حدود»، المكلفة بالدفاع عن حرية الصحافة، نأت بنفسها بإعلانها، أول من أمس، أنها تعلق نسخة «ويكيليكس» على ملقمها. وقد تعذر الاتصال أمس بـ«ويكيليكس» الذي كشف، حتى الآن، عن برقيات دبلوماسية يملكها على دفعات في أوقات مختلفة. وكان نشر أول سلسلة من نحو 20 ألف وثيقة اعتبارا من نهاية عام 2010 بالتعاون مع الصحف الـ5.

وقدم الموقع، في الأيام الأخيرة، دفعة جديدة من قرابة 134 ألف برقية دبلوماسية أميركية، بعضها كامل.

والبلدان الرئيسية المعنية بالوثائق التي نشرت أول من أمس هي: العراق (36687 برقية) وإيران (30179) والصين (29431) وإسرائيل (24198) وأفغانستان (19714) بحسب «ويكيليكس».

وبات «ويكيليكس» العدو اللدود لواشنطن ببثه في أبريل (نيسان) 2010 شريط فيديو يظهر خطأ ارتكبه الجيش الأميركي في بغداد، ثم عشرات آلاف الوثائق السرية حول الحربين في أفغانستان والعراق، التي تشير خصوصا إلى حالات تعذيب تستر عليها الجيش الأميركي.

والخميس وصفت وزارة الخارجية الأميركية موقف «ويكيليكس» بأنه «غير مسؤول ومتهور وخطير»، مضيفة أن الموقع تجاهل طلباتها بعدم نشر الوثائق الجديدة.

وجوليان أسانج (40 عاما) يخضع للإقامة الجبرية في بريطانيا في انتظار انتهاء معركة قضائية طويلة للتخلص من طلب تسليمه إلى السويد في إطار قضية يُتهم فيها بالاعتداء الجنسي، الأمر الذي يرقى إلى مستوى الاغتصاب.

إلى ذلك، كشف محضر اجتماع بين جوليان أسانج، مؤسس «ويكيليكس»، وزملاء له، عن أنه أراد، أواخر العام الماضي، الكشف عن كل البرقيات الدبلوماسية الأميركية المسربة «بطريقة أو بأخرى». وجاء بمحضر المناقشة التي دارت بين أسانج وزملائه أن نقاشا حادا دار بين أسانج ونشطاء آخرين في «ويكيليكس» في نوفمبر (تشرين الثاني) في فيلا ألينغهام هول، شرق إنجلترا، حيث يقيم أسانج منذ أن أفرجت عنه محكمة بريطانية بكفالة لحين اتخاذ قرار بشأن طلب سويدي بترحيله لاستجوابه في مزاعم اعتداء جنسي.

وذكر المحضر، الذي اطلعت عليه «رويترز»، أن فحوى الاجتماع كان «نقاشا حاميا حول الكشف عن البرقيات». ووردت أنباء النقاش للمرة الأولى يوم الجمعة في موقع صحيفة «الغارديان» البريطانية على الإنترنت.

كانت جماعات معنية بحقوق الإنسان قد انتقدت «ويكيليكس» العام الماضي؛ لأنه كشف عن وثائق عسكرية أميركية غير منقحة، مما قد يعرض حياة مدنيين للخطر. وذكر محضر اجتماع المناقشات أن أسانج «كان مصرا على أنه يجب الكشف عن كل البرقيات في نهاية المطاف بطريقة أو بأخرى».

إلى ذلك، أفادت مذكرات سرية أميركية حصل عليها موقع «ويكيليكس» ونشرها أول من أمس بأن أسامة بن لادن كان يعتقد وجود مؤامرة ضده من داخل تنظيم القاعدة بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.

وهذه القضية كشف عنها عضو سابق سعودي في «القاعدة» معتقل في غوانتانامو قام بإبلاغ المحققين بأنه اعتقل وتعرض للتعذيب في أكتوبر (تشرين الأول) 2001 على يد عناصر من التنظيم المتشدد، بحسب برقية من البنتاغون نشرتها صحيفة «إلباييس» الإسبانية.

وبحسب هذه الوثيقة، فإن المعتقل السعودي في غوانتانامو الذي قاتل القوات السوفياتية في أفغانستان قبل الانضمام إلى «القاعدة» أوضح أنه اعتقل «بسبب خلاف حول نقل أموال» إلى مسؤول متطرف أوزبكي. وأشارت وثيقة البنتاغون التي صاغتها السلطات العسكرية في غوانتانامو إلى أن «هذا النقل تم من دون علم أسامة بن لادن الذي كان يعتقد أن الأمر مؤامرة للإطاحة به». وقتل أسامة بن لادن في 2 مايو (أيار) خلال عملية نفذتها قوات أميركية خاصة في أبوت آباد في باكستان. قدم المقرر الخاص للأمم المتحدة، المعني بالإعدامات خارج نطاق القانون، فيليب ألستون، تقريرا حول إعدام جنود أميركيين لـ10 عراقيين على الأقل بينهم 4 نساء و5 أطفال خلال عملية عسكرية عام 2006 في بغداد، وذلك بحسب برقية دبلوماسية أميركية نشرها موقع «ويكيليكس». وتشير البرقية المؤرخة في 6 أبريل 2006 إلى رسالة من ألستون أكد فيها أن «القوات الأميركية قيدت وأعدمت 9 أفراد من عائلة واحدة وامرأة كانت تزورهم في منزلهم في مدينة بلد على بعد 70 كيلومترا شمال بغداد، ثم شن الجيش الأميركي غارة جوية لمحو الأدلة».

وكتب ألستون، بحسب البرقية، أنه «تلقى تقارير تشير إلى عملية نفذتها القوات متعددة الجنسيات في 15 مارس (آذار) 2006 في منزل فايز حرات خلف المجمعي، وهو مزارع في مدينة بلد في محافظة صلاح الدين راح ضحيتها 10 أشخاص على الأقل».

وتابعت البرقية الدبلوماسية الصادرة في جنيف، المرسلة إلى وزير الخارجية الأميركية في واشنطن والبعثة الأميركية في الأمم المتحدة، أنه «في أعقاب تلك العملية وقعت غارة جوية دمرت المنزل». وأشارت إلى أن العسكريين الأميركيين هاجموا هذا المنزل لتوقيف أفراد عائلة فايز المجمعي المشتبه في ضلوعهم بمقتل جنديين أميركيين بين 6 و11 مارس. كان الجنود الأميركيون قد أبلغوا، في أعقاب ذلك، الإعلام بأنه «تمت مهاجمة هذا المنزل للقبض على مقاتل أجنبي على صلة بتنظيم القاعدة». وأشار مقرر الأمم المتحدة إلى أنه «خلال الأشهر الـ5 الأخيرة وقعت حوادث دامية كثيرة، وأن القوات متعددة الجنسيات لجأت خلالها إلى الاستخدام المفرط للقوة عند نقاط تفتيش للرد على ما كان يعتقد أنه تهديدات أو من خلال شن غارات جوية في مناطق مأهولة».

وكشفت وثيقة نشرها موقع «ويكيليكس» ونقلتها صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، عن أن «الجيش الإسرائيلي استخدم طائرات مسلحة من دون طيار في تصفية مسلحين فلسطينيين خلال الحرب الأخيرة التي شنها على غزة قبل أكثر من عامين». ولفتت الصحيفة، في موقعها الإلكتروني، إلى أن «هذه الوثيقة المسربة أكدت أن المستشار القانوني للجيش الإسرائيلي أبلغ في ذلك الحين الولايات المتحدة باستخدام الجيش لطائرات مسلحة من دون طيار وتحمل صواريخ في قتل 16 فلسطينيا بعد قصف مسجد في غزة». وذكرت أن «هذه المعلومات وردت في برقية حصل عليها (ويكيليكس) جاء فيها أن المستشار أفيحاي ماندلبليت أبلغ هذه المعلومات للسفير الأميركي السابق في إسرائيل جيمس كاننغهام خلال لقاء جمعهما في شهر فبراير (شباط) 2010».

وقد كشفت عن تفاصيل هذه المحادثة بين السفير الأميركي والمستشار الإسرائيلي وثيقة حصل عليها «ويكيليكس» أرسلها الأول إلى وزارة الخارجية في واشنطن «وقد شكلت واحدة من 250 ألف وثيقة تأكد أن (ويكيليكس) سوف ينشرها».