ارتفاع العقارات يغير المفاهيم المجتمعية للأسر المكية

10 آلاف دولار متوسط إيجارات العاصمة المقدسة

مكة تزخر بأراض ستكون متاحة ومتوافرة لفئة الشباب في جهة «بوابة مكة» (تصوير: عبد الله بازهير)
TT

أسهم ارتفاع عقارات العاصمة المقدسة، إلى تغيير نمطي في الحياة المجتمعية لكثير من الأسر المكية، فما كان بالأمس شرطا قاسيا في بناء الحياة الزوجية، أصبح نافلة في عرف كثير من الراغبين في الزواج.

وانعكس ارتفاع القيمة العقارية في مكة المكرمة، إلى تعثر مشاريع زواج وذلك بسبب عدم اتساق المداخيل الشهرية مع القيمة المبالغ فيها للعقارات، فأضحى متوسط القيمة السوقية للإيجارات هو 10 آلاف دولار سنويا، في غير المناطق المركزية، أو التي تقع على تماس مع المناطق المتضمنة حدود الحرم المكي الشريف.

المكاتب الاستشارية العقارية شهدت هي الأخرى، إقبالا كبيرا في طلب تصاميم شقق صغيرة لا تتعدى الثلاث غرف، حيث لاقت رواجا كبيرا كمّا ونوعا، وباتت تتسق مع رغبات كثير من تلك الأسر التي اصطدمت بارتفاع قطاع الإيواء في جميع أنحاء العاصمة المقدسة.

وفي ذات السياق، قال عبد المحسن آل الشيخ، رئيس المجلس البلدي في العاصمة المقدسة لـ«الشرق الأوسط»، إن مكة تزخر بأراض ستكون متاحة ومتوافرة لفئة الشباب في جهة (بوابة مكة)، حسبما أدلى به أمين العاصمة المقدسة في مناسبة سابقة.

وزاد: «سيكون كذلك في جهة المتنزه الوطني، الذي ستتوافر فيه مساحات تفرض فرصا استثمارية لشريحة كبيرة راغبة في التملك في مكة المكرمة، ستكون مهيأة بكاملها، وتدعم فرصا كبيرة في هذا الاتجاه».

وأردف آل الشيخ بالقول إن «مكة المكرمة تعتبر سوقا ديناميكية للعقار، فهي قلب العالم الإسلامي، وتشهد تحولات جذرية تهيئها نحو التطور والتمدن والتنظيم، خاصة فيما يعرف بمنطقة الحرم، أي في منطقتي الحل والحرم، وتشهد نموا سكانيا مطردا، إلى جانب زيادة أعداد المعتمرين والحجاج»، وقال: «أنا أعتقد أنه شيء طبيعي أن يكون هناك ارتفاع، باعتبار الارتفاع وصل إلى حدود معينة، ويحكمه طبعا مفهوما العرض والطلب. وأعتقد أن الإنشاءات إذا تمت، فستكون جديرة باستقرار الأسعار، أو على الأقل أن تعود إلى مستويات مقبولة».

وحول رغبة شريحة كبيرة من فئة الشباب في الهجرة إلى مدن أخرى، بغية اللحاق بفرص استثمارية ممكنة، قال: «أعتقد أن الهجرة ظاهرة صحية، لا أقصد الهجرة من مكة المكرمة، لأن جوارها بلا شك مطلب عظيم، وكانت هناك هجرة كبيرة في معظم المدن الصغيرة، نحو المدن الكبرى فيما مضى من الأيام».

وأعرب عن اعتقاده بأن توافر الخدمات في تلك المدن الصغيرة أحالها إلى مناطق جذب على غير العادة، وأصبحت الحقيقة تكمن في أن هناك قفزات هائلة ونموا واضحا للعيان، بتوفير الكثير من الخدمات والمؤسسات العلمية أو الوظائف، وكلها تشجع على الهجرة العلمية، وهي ظاهرة صحية لا أعتقد أنها سلبية.

وأشار إلى وجوب تهيئة بيئة جاذبة لشباب المستثمرين، خاصة الذين في مقتبل العمر، حتى لا تكون الفرص منعدمة أمامهم، وقال: «هناك فرق بين المستثمر والراغب في السكن، والأخير يواجه مشكلات كبيرة في مكة، ونحن نسعى من خلال التعاون الكبير لحلها».

وكان المهندس إبراهيم البلوشي، المدير التنفيذي لشركة «البلد الأمين»، قال إن الشركة حريصة على إنشاء المشاريع التنموية القادرة على تحقيق النفع للاقتصاد الوطني وللمواطن، مبينا أنها تتوجه من خلال أربعة مشاريع للإسكان الميسر ستنفذها خلال مدة تتراوح بين 5 و7 أعوام، إلى إنشاء 15 ألف وحدة سكنية في العاصمة المقدسة.

وتابع البلوشي: «المواقع التي نستهدف إنشاء الوحدات السكنية فيها هي: أم الجود التي بدأت آليات العمل فيه مؤخرا، بالإضافة إلى ثلاثة مواقع هي العكيشية (جنوب مكة)، وشارع الحج (شمال مكة)، والراشدية (شرق مكة)، التي جميعها الآن تخضع لدراسات الجدوى الاقتصادية استعدادا لطرحها أمام المطورين من القطاع الخاص».

وكان البلوشي قد كشف عن أن هناك خطة لتطوير خمس مناطق عشوائية في قلب العاصمة المقدسة، هي: الكدوة وجبل الشراشف والنكاسة والزهور والخالدية 2، لافتا النظر إلى أن عمليات المسح الميداني والدراسات الاجتماعية قائمة الآن، وأن الشركة ستعتمد في تطوير الأحياء العشوائية على عدة محاور، تتصدرها توسعة الطرق وإكمال منظومة خدمات البنية التحتية فيها، ومن ثم تطوير المنطقة وإعمارها وفقا لموقعها وعوامل الجذب فيها.