انتخابات المجالس البلدية.. قاعدة بنيت على استثناء

تعديلات طرأت وأخرى في الطريق للوصول إلى «ترشيد القرار الحكومي»

TT

تبدو تجربة المجالس البلدية في السعودية خلال مرحلتها الأولى التي بدأت مع عام 2005 واستثني انتهاؤها في عام 2011 بدلا من عام 2009، تبدو هذه التجربة الحديثة في السعودية لافتة للنظر، خاصة فيما يتعلق بآراء الناس، والأعضاء والجهات الحكومية عنها.

ويظهر للمراقب أن النسخة الأولية من المجالس البلدية استدعت واحتاجت إلى الكثير من التعديل والتغيير والتطوير، سواء في الكيف أو في الكم، وليس أدل على ذلك من قرار مشاركة المرأة فيها مرشحا وناخبا، وكذلك زيادة عدد المجالس وأعضاء كل منها بالمملكة.

وليس جديدا ولا قديما اتجاه السعوديين لمراكز الاقتراع من أجل اختيار من يمثلهم أو يقوم بتسيير شيء من شؤونهم إداريا أو إشرافيا في مؤسسة ما، وليس من قبيل المصادفة أن تدخل آراؤهم صناديق اقتراع كان حدهم منذ حين أن يسمعوا عنها فقط، إذ سبق في المملكة إجراء جولات انتخابية مختلفة في أكثر من جهة ولأكثر من غرض وفي أرجاء مختلفة من البلاد الممتدة تضاريسها على 2.25 مليون كلم مربع.

فتجارب القبائل والغرف التجارية والأندية الأدبية والرياضية والأنشطة الأكاديمية والجامعية وبعض الجهات الخاصة كانت دون غيرها تعطي للمواطن السعودي فرصة وضع اسم مرشحه داخل صناديق الاقتراع، على فترات متفاوتة ومتباعدة وتحت طائلة شروط الانتساب لتلك الجهات.

ورغم ذلك، فإن السعوديين انتظروا قرنا إلا ربعا ليشهدوا أول تجربة انتخابية عامة تشملهم دون أن تشترط انتسابهم إلى مؤسسة معينة، وتشرف عليها الدولة بشكل مباشر، عبر وزارة الشؤون البلدية والقروية، ويستطيع جميع ذكور المملكة الذين تجاوزت أعمارهم 21 عاما أن يختاروا من يرونه مناسبا لتمثيلهم في تلك المجالس.

وأعطت الدولة الحق للمواطنين بانتخاب طواقم تلك المجالس من رؤساء ونواب رؤساء وأعضاء وذلك لتمثيلهم لأربع سنوات قبل الانتخابات التالية.

لقيت تلك الخطوة ترحيبا وإقبالا من قبل المواطنين وطموحا من قبل المواطنات، رغم أن ذلك استدعى من المجتمع بطريقة ما، أن يبدأ في تغيير جلده الافتراضي ليستطيع التلاؤم والتكيف مع الوضع الجديد عبر ما يعرف علميا بـ«الثقافة الانتخابية».

الثقافة الانتخابية أبصرت النور في العشرين من أبريل (نيسان) 2005، وهو اليوم الذي توافد فيه المواطنون إلى مراكز الاقتراع التي وزعت على المدارس، وقام عليها موظفون مدنيون من وزارات مختلفة، كل ذلك تحت سمع وبصر وزارة الشؤون البلدية والقروية.

وتمخض عن الانتخابات الأولى تلك 1212 عضوا موزعين على 179 طاولة مجلس بلدي في الأرجاء المختلفة من مدن البلاد، فيما ظلوا يشغلون مقاعدهم استثنائيا لعامين.

انتقلت التجربة الانتخابية من مرحلة الاقتراع إلى مراحل الحشد والدعاية، وسجلت في المرة الأولى مخالفات صريحة للأنظمة استدعت استبعاد أسماء عدد من المرشحين الذين ارتكبوا مخالفات صريحة لنظام الانتخابات.

وعندما أتت الانتخابات بمن أتت بهم في المجالس البلدية كان الكثير مما يتعلق بنظام عملها وصلاحياتها ودورها كان له من الأثر السلبي الذي جاء على تسجيل 35 في المائة فقط ممن يحق لهم الانتخاب أسماءهم بهدف المشاركة، ثم بـ«ضعف» مشاركة ذلك الثلث المسجل، في الانتخابات التالية التي أغلقت صناديقها الخميس الماضي.

هذا الضعف في المشاركة الذي لاحظه المهتمون والمراقبون وانشغلت به الصحافة بأنواعها، استثنى المسنين والمتقاعدين وتركز في فئة الشباب بين من فاته موعد الاقتراع وبين من عزم على المقاطعة وبين من لم يجد في جميع المرشحين من يشبع رغباته في «ترشيد الأداء الحكومي».

ولا يأتي هذا العزوف عن المشاركة ملائما مع التعديلات التي طرأت على شكليات تتعلق بالمجالس البلدية، ومن ذلك زيادة عدد أعضاء المجالس البلدية إلى 1632 عضوا، مقارنة بـ1212 عضوا في الدورة السابقة، مع ارتفاع عدد المجالس البلدية من 179 مجلسا إلى 258 مجلسا بسبب تحويل المجمعات القروية إلى بلديات.

بالإضافة إلى رفع عدد المراكز الانتخابية في هذه الدورة إلى 855 مركزا، مقارنة بـ631 مركزا في انتخابات الدورة الأولى، ثم أخيرا التبشير بمشاركة المرأة مرشحا وناخبا في الدورة المقبلة عام 2015.