باب العزيزية يتحول إلى مزار

الليبيون يتمتعون بما كانوا يعجزون عن رؤيته وراء الأسوار المنيعة

صورة ارشيفية لباب العزيزية خلال اقتحام الثوار له في الأشهر الماضي
TT

لا يزال الليبيون يتدفقون بأعداد كبيرة على باب العزيزية الذي تحول إلى ما يشبه المزار، لزيارة المقر السابق للزعيم الليبي المطارد والتنزه في أرجائه، بعد مرور أكثر من شهر على سقوط طرابلس في أيدي مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي.

ويقع المقر السابق للقذافي، المحاط بجدران خضراء وأسلاك شائكة، في جنوب طرابلس، ويمتد على مساحة تبلغ 6 كيلومترات مربعة تشمل منازل ومقرات سياسية وعسكرية.

وسيطرت قوات المجلس الانتقالي على هذا المقر الذي تعرض لقصف من قبل طائرات حلف شمال الأطلسي في إطار الحملة العسكرية التي يقودها هذا الحلف في ليبيا، في 23 أغسطس (آب) إثر معارك طاحنة بينهم وبين القوات الموالية للقذافي.ولطالما شكل هذا المقر على مدى سنوات طويلة مصدر رعب بالنسبة إلى سكان العاصمة الليبية، الذين يقولون إنهم كانوا يلتزمون الصمت كلما مروا إلى جانبه، ويركزون أنظارهم على الطريق أمامهم متجنبين النظر إليه، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وظن الكثير من المقاتلين أنهم سيعثرون على العقيد المطارد الذي حكم البلاد لأكثر من 4 عقود بيد من حديد، داخل المقر، إلا أن القذافي تركه وهرب.

وبدأ الليبيون منذ ذلك الحين يترددون على باب العزيزية، متفقدين ما كانوا يعجزون عن رؤيته وراء الأسوار المنيعة.

وقالت آسرة كامل (22 عاما) لوكالة الصحافة الفرنسية: «كنا نخشى دوما هذا المكان، وفي السابق لم نكن نريد أبدا الوجود هنا».

وتضيف الطالبة التي تتنزه في المقر برفقة عمتها: «الآن يستطيع أي شخص أن يدخل إلى هنا. إنه أمر رائع».

ويضم المقر، التي تربط أرجاءه شوارع متشعبة، عشرات المباني بينها مقر القذافي ومستشفى خاص ومقرات مخصصة لحراسه.

وتحولت معظم هذه المباني اليوم إلى أنقاض، بعدما تضررت بشكل كبير خلال فترة القتال ومرحلة النهب التي حدثت بعد سقوط طرابلس في أيدي الثوار، بينما تزين جدرانها الصامدة عبارات كُتبت بالإنجليزية والعربية، بينها: «ليبيا حرة» و«القذافي: وقتك انتهى».

ويتمشى الزوار في المقر فوق قطع من الزجاج المحطم والمطاط الممزق، ويتفقدون بالمئات الغرف المظلمة حاملين معهم بعض آثار القتال، كبقايا الرصاص الذي يفترش أراضي معظم المباني.

وتنتشر على الأرض أيضا صفحات من «الكتاب الأخضر» الذي يعود إلى عام 1975 ويحمل أفكار العقيد الليبي ضمن رؤية سياسية كان يعتبرها بمثابة دستور للبلاد.

وبدأ العشب في الحدائق التي تنتشر فيها أشجار النخيل يتحول يوما بعد يوم إلى وحل تعبر فوقه السيارات التي تجوب المقر بحرية تامة، وتمر بالقرب من المداخل المفتوحة للملاجئ والأنفاق التي يقال إنها تمتد لعدة كيلومترات.

وفي منزل القذافي الذي قصفته طائرات أميركية عام 1986 وترك على حاله منذ ذلك الحين رمزا لـ«مقاومة» القذافي، تجد مجموعة من الأطفال المساحة الكافية للعب.

أما نصب القبضة الذهبية الشهير، القابض على طائرة أميركية، وكان يرتفع أمام المنزل، فقد أنزل عن موقعه بعد سيطرة قوات المجلس الوطني الانتقالي على المكان.

ويقول محمد فتحي، وهو يتجول مع ابنتيه (3 أعوام و4 أعوام) أمام المنزل: «أشعر بغرابة جرَّاء وجودي هنا؛ إذ إن هذا المكان لطالما كان موقعا سريا». ويضيف: «أحضرت ابنتيّ معي لأريهما كم من الأمور تغيرت. إن شاء الله لن يكون هناك قذافي آخر».