الاشتباكات تمتد من حمص إلى حماه.. والآلاف ينتفضون في «جمعة النصر لشامنا ويمننا»

250 آلية عسكرية اقتحمت الرستن ومقتل 12 شخصا على الأقل معظمهم بريف حماه

آلاف المتظاهرين خلال تجمعهم بعد صلاة الجمعة في درعا أمس (ا.ب)
TT

امتدت الاشتباكات بين القوات السورية ومنشقين عن الجيش من مدينة الرستن في حمص، إلى مدينة حماه، حيث قتل 11 شخصا على الأقل في الاشتباكات التي وقعت بقرية كفر زيتا بريف حماه، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، في وقت خرج الآلاف من السوريين في أنحاء البلاد في مظاهرات شعبية دعت لإسقاط النظام، تحت شعار «النصر لشامنا ويمننا، والشعب أقوى من الطاغية».

ونقل المرصد عن ناشط من حماه أن «من بين الشهداء خمسة مواطنين مدنيين وستة من الجيش والأمن، بالإضافة إلى عدد من الجرحى». وأطلقت قوات الأمن النار على مظاهرة حاشدة خرجت بعد صلاة الجمعة في حي الحميدية في حماه. كذلك، قتل شاب إثر إطلاق رصاص بعد صلاة الجمعة في حي الشماس في مدينة حمص، وأصيب «19 شخصا بجروح إثر إطلاق الرصاص من قوات الأمن في عدة أحياء في المدينة، سبعة منهم في البياضة، وخمسة في الخالدية، وطفل في القصور، ورجل وامرأة في عشيرة، وأربعة في الشماس». وفي الرستن، تحدث المرصد عن «استشهاد مواطنين اثنين متأثرين بجروح أصيبا بها» الأربعاء والخميس.

وقالت لجان التنسيق المحلية في سوريا من جهتها، إن عدد القتلى وصل أمس إلى 13 قتيلا، 7 منهم في حمص، واثنان في كفر زيتا في ريف حماه، واثنان في قدسيا في ريف دمشق، وقتيل في كل من دوما ودمشق.

وفي حمص، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أكثر من 250 دبابة وآلية عسكرية مدرعة اقتحمت مدينة الرستن، في ظل استمرار الاشتباكات مع العناصر المنشقة عن الجيش منذ أربعة أيام. وتحدثت لجان التنسيق السورية عن نقص في المياه والغذاء والدواء في الرستن، وقالت إن هناك نداءات للتبرع بالدم وشبه انعدام العناية الطبية اللازمة مع استمرار الحملات الأمنية. إلى ذلك، حذرت ما تعرف بـ«كتيبة ضباط خالد بن الوليد» في الجيش السوري الحر من قيام قوات الجيش بعملية ضخمة في مدينة حمص وريفها، وقالت في نداء وجهته يوم أمس وتداولته عدة صفحات مؤيدة للثورة السورية على موقع «فيس بوك» «وردنا ليلة أمس من مصادر موثوقة أنه تم اجتماع لقيادة العصابة الأسدية بقيادة بشار وماهر بعد فشلهم في السيطرة على المنطقة الوسطى والخروج عن سيطرتهم في الآونة الأخيرة، واتفقوا على بدء عملية ضخمة على مدينة حمص والأرياف التابعة لها وفرض طوق شديد على حمص والبلدات والقرى المحيطة بها». وتوقعت الكتيبة أن يتم البدء بتنفيذ العملية اليوم، وقالت «الآن تتحرك أعداد هائلة من الكتائب الأسدية إلى حمص»، وإن جميع أنحاء محافظة حمص تشهد «قدوم مدرعات وأعداد هائلة من العصابة الأسدية»، وختمت بالقول إنها لو لم يتم التأكد من الخبر لم تسارع إلى نشره، ووجهت الكتيبة نداء إلى الأهالي في حمص «لأخذ الحيطة والحذر وعمل التدابير اللازمة»، وناشدت «جميع المدن لتكثيف العمل للوقوف إلى جانب حمص».

وعلى الرغم من العملية الأمنية، خرجت مظاهرة حاشدة في مدينة تدمر بحمص، جابت معظم شوارع المدينة وتجاوزت أعداد المتظاهرين عشرة آلاف متظاهر، بحسب المرصد السوري. وحاولت قوات الأمن تفريق المظاهرة، لكنها فشلت. كذلك خرجت مظاهرات بعد صلاة الجمعة في أحياء باب السباع وباب هود والخالدية والحمرا والقصور والغوطة وباب دريب الوعر، تهتف لإسقاط النظام وتتضامن مع الرستن.

وأكد المرصد ورود أنباء مؤكدة عن إصابة نحو 32 جنديا بجراح خلال اشتباكات ليلية مع عناصر منشقة في محيط بلدتي تلبيسة والرستن، وأسعفوا إلى المشفى العسكري بحمص، جراح بعضهم حرجة. كما تحدث عن انفجار كبير هز حي الغوطة فجر أمس، ترافق مع إطلاق نار بكثافة كبيرة من العناصر الأمنية بشكل عشوائي على المنازل. وقال المرصد إن أحياء حمص شهدت إطلاق نار كثيف من الحواجز الأمنية في المدينة ومن سيارات الأمن، حيث شملت أحياء باب الدريب وباب السباع وحي الخالدية.

وفي حمص أيضا، اغتيل مساء أول من أمس العميد برهان حميش، وقال ناشط من المدينة للمرصد السوري لحقوق الإنسان إن العميد برهان رفض الخروج إلى منطقة الرستن بعد توجيه أوامر له بذلك، وقد تم اغتياله أمام منزله في حي عشيرة، وقد قامت سيارة كيا ريو بيضاء بإطلاق النار عليه على باب منزله ويعتقد أنها تابعة للشبيحة، بحسب الناشط.

وفي اللاذقية، نفذت قوات الأمن السورية حملة مداهمات واعتقالات في حي العمود، وروعت الأهالي من خلال إطلاق رصاص كثيف، وأسفرت الحملة عن اعتقال خمسة أشخاص من أهالي الحي. وعلى الرغم من ذلك، خرجت مظاهرة من جامع الإيمان في حي العزي بمدينة جبلة تهتف لحمص والرستن وتطالب بإعدام الرئيس. وفي ريف دمشق، خرجت مظاهرة في مدينة الزبداني وسط انتشار أمن وعسكري كثيف وإطلاق الرصاص من قبل قوات الأمن لتفريق المتظاهرين وطاردتهم بالحارة الغربية والجبل الغربي، ووردت أنباء عن وقوع إصابتين على الأقل. وفي محافظة إدلب، خرجت مظاهرة حاشدة تضم نحو 3000 متظاهر من معظم مساجد مدينة معرة النعمان بعد صلاة الجمعة، تطالب بإسقاط النظام والنصر للشام واليمن ونصرة للرستن وسط حصار أمني شديد على المداخل الأربعة للمدينة. وفي ميدنة سراقب، خرج آلاف المتظاهرين لنصرة الرستن والمطالبة بإسقاط النظام. وذكرت لجان التنسيق المحلية، أن الجيش اقتحم بلدة كفر عويد في إدلب، ودخلت البلدة ثلاث حاملات جند كانت قد تحركت صباحا من كفرنبل إلى كفرعويد. إلى ذلك، حثت لجنة حقوقية مدعومة من الأمم المتحدة سوريا على السماح لها بدخول البلاد للتحقيق في تقارير عن قتل وتعذيب أشخاص بينهم أطفال خلال الاحتجاجات الممتدة منذ ستة أشهر ضد حكم الرئيس بشار الأسد.

وقال باولو بينهيرو، وهو خبير برازيلي متخصص بحقوق الإنسان يرأس لجنة التحقيق، في مؤتمر صحافي، أمس «تلقينا الكثير من التقارير المثيرة للقلق عن وضع الأطفال خلال الصراع. في هذه اللحظة تحديدا، نحاول الحصول على إذن بالدخول من الحكومة السورية».

ولم يشر بينهيرو إلى حالات بعينها، لكن تسجيلا بالفيديو على موقع «يوتيوب»، لجثة الطفل حمزة الخطيب البالغ من العمر الثالثة عشرة من عمره مخضبة بالدماء، أثارت غضبا دوليا في وقت سابق من العام الحالي. وأصبح الخطيب الذي يقول نشطاء إن قوات الأمن السورية عذبته وقتلته، رمزا قويا في الاحتجاجات على حكم الأسد التي قوبلت بحملة قمعية. وتنفي السلطات السورية أنه عذب قائلة إنه قتل في مظاهرة أطلقت خلالها عصابات مسلحة النيران على حراس.

وقال بينهيرو «في كل الأحوال، سواء تعاونت سوريا أم لم تتعاون، سنعد تقريرا. من الأفضل دائما أن تتعاون الدولة العضو مع لجنة التحقيق». وتقول الأمم المتحدة إن 2700 شخص على الأقل قتلوا في الحملة. وتقول سوريا إن أكثر من 700 من رجال الجيش والشرطة قتلوا في الاحتجاجات التي تنحي باللائمة فيها على عصابات مسلحة مدعومة من قوى خارجية. وتقول منظمة العفو الدولية إن لديها أدلة بالفيديو على أنه تم العثور على جثث أشخاص بينهم أطفال في الثالثة عشرة من العمر تحمل جروحا، مما يشير إلى تعرضهم للضرب والحرق والجلد والصدمات الكهربائية وأشكال أخرى من الانتهاكات.

ويشك العديد من الدبلوماسيين الغربيين في أن تسمح الحكومة السورية التي تزداد عزلتها بدخول اللجنة المكونة من ثلاثة أعضاء التي شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الشهر الماضي لفحص المزاعم بارتكاب القوات السورية جرائم ضد الإنسانية.

وقال بينهيرو إن الفريق بالكامل، ويتألف من 15 فردا بينهم خبراء في الطب الشرعي والقانون، يتعشم أن يلتقي ممثلي السلطات السورية في جنيف الأسبوع القادم لمناقشة الزيارة. كما يعتزم الفريق زيارة دول مجاورة من بينها تركيا لجمع الشهادات من اللاجئين والشهود قبل إعداد تقريره بحلول نهاية نوفمبر (تشرين الثاني). وقال بينهيرو «نحن لجنة مستقلة لها استقلالية وحيادية كاملة».

وكان تحقيق أولي أجرته الأمم المتحدة قد وجد أدلة على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية ووضع قائمة سرية تضم 50 شخصا يزعم ضلوعهم في جرائم من أجل محاكمات محتملة. وحين سئل بينهيرو عما إذا كان التحقيق الجديد سيتاح له الاطلاع على القائمة السرية، أجاب «الخبراء القانونيون بمكتب المفوضة السامية لحقوق الإنسان يبحثون هذه المسألة». وكان قد قال في وقت سابق «من أجل صالح تحقيقنا نحن لا نعمل لحساب مجلس الأمن الدولي أو المحكمة الجنائية الدولية. نحن نعمل من أجل مجلس حقوق الإنسان».