أهالي حمص يتحدون الرصاص بالغناء والرقص والمدينة تكنى بـ«عاصمة الثورة السورية»

خسرت 9 مدنيين في مظاهرات أمس بينهم طفل وطبيبان

TT

عندما كتب أحد الناشطين السورين على موقع «فيس بوك»: «من يريد أن يتعرف على العنقاء فليذهب إلى حمص»، أثار عاصفة من النكات حول الحماصنة والتي تؤكد على جبروت أهالي المدينة التي استحقت أخيرا لقب «عاصمة الثورة السورية» و«مدينة الألف شهيد». فهذه المدينة التي دفعت وما تزال من دماء أبنائها الكثير من أجل إسقاط نظام عائلة الأسد، ارتسمت حولها علامة استفهام كبرى، تلحق بها علامة تعجب.

وإذا كان المتظاهرون في عموم أنحاء البلاد يتحدون رصاص الأمن بالخروج إلى الشوارع للتظاهر من أجل إسقاط النظام، فإنهم في حمص يتحدون الدبابات المنتشرة في كل الشوارع وعلى أبواب كل الأحياء، حتى صدقت النكتة التي ألفها الحماصنة مع وصول أول دبابة إلى حمص منذ أربعة أشهر، بأنه «تم افتتاح مغسل دولي للدبابات».

وإذا كان المتظاهرون في كل البلاد يتظاهرون وهم يمشون على الأقدام، أو يركضون تحت وابل الرصاص، فإنهم في حمص يعقدون حلقات الدبكة والرقص. ويوم أمس، وفيما كانت القذائف تنهال على تلبيسة والرستن، وقوات الأمن والجيش متأهبة في شوارع حمص، خرجت مظاهرات في عدة أحياء. وبحسب ما قالته مصادر محلية فإنه منذ ساعات فجر يوم أمس الجمعة حلق الطيران الحربي في سماء المدينة في معظم الأحياء وفي بعض مدن ريفها وبخاصة تلبيسة والرستن والحولة ليعود ويحلق مرة أخرى وعلى ارتفاع منخفض قبل صلاة الجمعة للترهيب. بعدها فتحت الحواجز في حي البياضة وتحديدا في شارع القاهرة النار بشكل كثيف ومن الرشاشات الثقيلة والخفيفة ومن المدرعات المدعومة.

وأضافت المصادر أن شباب حمص وريفها خرجوا يوم أمس رغم الرصاص والاعتقال والتنكيل في كل من أحياء باب هود وباب الدريب وصليبه العصياتي وديربعلبة والبياضة والخالدية والوعر والقرابيص وجورة الشياح وباب السباع والمريجة وباب الدريب وكرم الشامي والميدان والشماس وكرم الزيتون والنازحين وجب الجندلي وحي عشيرة والوعر والغوطة والحمرا والإنشاءات، وفي الريف في مدن وقرى القصير وتلكلخ وتدمر والقريتين ومهين وتيرمعلة والغنطو والبويضة الشرقية.

وقد هاجمت قوات الأمن والجيش المظاهرات في أحياء الشماس والبياضة والخالدية وديربلعبة وكرم الشامي وجورة الشياح حي عشيرة وكرم الزيتون وباب الدريب والقصور ومدينه القصير.

وأسفرت العمليات أمس عن مقتل 9 مدنيين في محافظة حمص، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، سقط اثنان منهم في حي الخالدية إثر إطلاق قوات الأمن النار لتفريق مظاهرة، واثنان في حي البياضة نتيجة إطلاق نار من قوات الأمن والجيش أثناء اقتحام الحي، وسقط ثلاثة شهداء في مدينة الرستن هم طفل وطبيبان، أثناء قيامهما بعلاج جرحى العملية العسكرية. وصباحا استشهد شاب في حي الإنشاءات متأثرا بجراح أصيب بها قبل شهر، وعثر الأهالي في منطقة البياضة على جثة لشخص في الـ60 من عمره كان قد فقد قبل 10 أيام.

وكل ذلك لم يمنع أهالي حمص من الذين تظاهروا في حي الإنشاءات من الرقص على أنغام أغنية حمصية طريفة تسخر من الموت ومن الإجرام «نحنا الحمصية ونحنا الحمصية ودينا ماهر عالعصفورية» و«نحنا الحمصية ونحنا الحمصية جننا ماهر ابن النورية»، وذلك في وقت كانت تتوارد فيه الأخبار عن إطلاق نار كثيف مستمر من مدرعات شيلكا وقصف عنيف جدا على القلعة في منطقة تلبيسة مع سماع أصوات أكثر من 20 انفجارا وحصول انشقاق عند حاجز الجسر. وبحسب مصادر محلية، فإنه أول من أمس حصل انشقاق أيضا في صفوف الجنود في حاجز المضخة شمالي تلبيسة.