بينما تحيي إيران ذكراها.. سياسيون عراقيون يطالبون بطي متبادل لصفحة الحرب

قيادي في ائتلاف المالكي لـ«الشرق الأوسط»: طهران بحاجة لأن تغادر بعض المحطات السوداء

إيرانيان يجلسان بالقرب من صاروخ «زلزال» إيراني الصنع خلال عرض للحرس الثوري بطهران أول من أمس في ذكرى الحرب مع العراق (رويترز)
TT

منذ عام 2003 توقفت أجهزة الإعلام العراقية عما كانت تقوم به من احتفالات كبرى بما كانت تسميه «قادسية صدام»، وهي التسمية العراقية آنذاك لحرب الخليج الأولى (1980 - 1988) أو الحرب المنسية مثلما كانت تطلق عليها وسائل إعلام عالمية أو الحرب المفروضة مثلما كان يسميها الإعلام الإيراني، لكن إيران، الجار الأكثر عداوة لعراق ما قبل 2003 والأكثر صداقة لعراق ما بعد 2003، لا تزال تحيي سنويا ذكرى هذه الحرب.

وفي الوقت الذي تعلن فيه السلطات الإيرانية رفضها لها بوصفها كانت مفروضة عليها من قبل نظام صدام حسين حيث يختلف البلدان في اليوم الذي بدأت فيه الحرب ومن بدأها فإن استعراضها العسكري السنوي الذي يرافق ذكراها إنما هو رسالة إيرانية واضحة للأميركيين الذين يحزمون نصف حقائبهم للرحيل من العراق نهاية العام الحالي بينما يعملون وبإصرار مع الحكومة العراقية بهدف إبقاء إعداد من جنودهم في العراق لأغراض التدريب ولكي يكونوا عيونا على ما يمكن أن تقوم به إيران في المستقبل.

الإعلام العراقي الذي توقف عن الإشادة ببطولات الجيش العراقي وكذلك بصدام حسين بوصفه «بطل» تلك المواجهة فانه اختلف بعد الحرب كثيرا لينفتح على ملفات وأجندة وسياسات لا سيما مع الانفتاح الهائل لوسائل الإعلام فضلا عن هيمنة الخلافات بين القوى السياسية والتي لا تزال إيران أحد أبرز لاعبيها. وفي هذا السياق فقد حاولت «الشرق الأوسط» رصد هذه الظاهرة من خلال تصريحات لعدد من المسؤولين العراقيين ممن ترتبط كتلهم بعلاقات جيدة مع إيران.

المفكر الإسلامي الشيعي والإعلامي المعروف محمد عبد الجبار الشبوط عضو مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي اعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إحياء إيران لحرب الثماني سنوات «أمرا لا غبار عليه إذا كان الهدف منه التذكير بمساوئ تلك الحرب وضرورة تجنب اتخاذ سياسات خاطئة أو رعناء مثلما فعل النظام العراقي السابق الذي كان المتسبب الرئيسي في تلك الحرب». وأضاف الشبوط أن «دولا في الغرب تحتفل حتى الآن بذكرى الحرب العالمية الثانية وتدين النازية ولكن هذا لا يمثل إدانة لألمانيا التي تشارك الآخرين الاحتفالات ولكنها تدين حقبة سيئة وتذكر بضرورة تجنبها»، مشيرا إلى أن «إيران تهدف من وراء ذلك إلى مثل هذا الأمر فلا بأس به حيث إنه من الضروري أخذ العبر والدروس من هذه المناسبات السيئة لكي تتجنبها الشعوب مستقبلا». وأوضح أن «الأمر بالنسبة للعراق لم يعد يخيف حيث إن لدينا نظاما ديمقراطيا وهو نظام متسامح ومستقر ولا خوف لأحد منه ولا يخشى أحدا وبالتالي فإن ما حصل من مآس قد تحمله الشعب العراقي كله مثلما تحملته شعوب المنطقة».

أما عضو البرلمان العراقي والقيادي في ائتلاف دولة القانون خالد الأسدي فقد أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «إيران بحاجة إلى أن تغادر بعض المحطات السوداء ومع أن هذه المسألة لا يمكن أن تتحقق بسهولة وتحتاج إلى المزيد من إجراءات الثقة لتجاوز الأحقاد الشخصية وتخطي حالات الاحتقان فإن الأمر يجب أن نقوم به نحن بشكل مضاعف»، مشيرا إلى أن «القوى العراقية والمثقفين والمفكرين والفنانين العراقيين مطالبون بلعب دور في هذا المجال وذلك من أجل إشاعة ثقافة التسامح ونقل الأريحية العراقية إلى كل مكان وخاصة دول الجوار الذين تربطنا بهم جميعا علاقات تاريخية ولكنها سياسيا متفاوتة وهو أيضا جهد يجب أن تقوم به الدبلوماسية العراقية بحيث نجبر الآخرين إلى التحلي بروح الود والصداقة».

أما القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي محمد البياتي فيرى أن «علاقتنا مع إيران ومع غير إيران من دول المنطقة متشابكة وفيها إشكالات وهي كلها أمور تتطلب من الجميع الارتفاع فوق مستوى التحديات من أجل بناء علاقات جديدة». وأضاف أن «علاقاتنا مع كل من إيران وتركيا مثلا تتداخل فيها المياه بالحدود بالمشكلات الأخرى وهو ما يجعلها قلقة وبالتالي فإن إحياء الحرب من قبل إيران هو في كل الأحوال ليس رسالة موجهة إلينا لكنه يوحي بأشياء كثيرة من أهمها أنه في الوقت الذي نرتبط فيه نحن بعلاقات جيدة مع إيران إلا أن هناك معارضين لإيران لدينا منهم مثلا حزب بيجاك الكردي ومنظمة مجاهدين خلق وكذلك الأميركيون الذين يقفون على النقيض من إيران فكل هذه الأمور تشكل مصدر قلق لإيران».