الجامعات المصرية في اختبار الثورة

شهدت أول انتخابات لاختيار قياداتها.. وتبدأ اليوم عاما دراسيا جديدا

TT

في حين تفتح الجامعات المصرية اليوم أبوابها لاستقبال أكثر من مليوني طالب وطالبة في عامهم الأكاديمي، يقول مراقبون إنها «تستقبل معهم مليوني موقف سياسي»، بعد أن كان العمل السياسي بالجامعة مقيدا منذ صدور لائحة تنظيم الجامعات المصرية في نهاية حكم الرئيس المصري الأسبق أنور السادات. ويعتقد المراقبون أن بداية العام الجامعي ربما تعمق الأزمات التي تواجهها السلطات الحاكمة في مصر، مع اهتزاز الثقة في مسار انتقال السلطة للمدنيين في أعقاب ثورة أشعلها شباب يوفر لهم الحرم الجامعي فرصة أكبر في التنظيم وإدارة حواراتهم السياسية.

وبينما لا يزال صخب صراع أساتذة الجامعات مستمرا، من أجل ما سمي بـ«تطهير الجامعات المصرية من القيادات المنتمية إلى النظام السابق»، لا تبدو الأوضاع السياسية في البلاد هادئة بما يكفي لتوقع عام جامعي مستقر.

وكانت المناصب القيادية في الجامعات المصرية يتم اختيارها بالتعيين لسنوات طويلة، وهو النظام الذي يكافح أساتذة الجامعات حاليا لتغييره ليصبح بالانتخاب، خاصة في ظل الأجواء الديمقراطية المرجوة بعد ثورة 25 يناير. ويقول الأساتذة إن المناصب القيادية كانت دوما حكرا على الأساتذة المنتمين للحزب الوطني (المنحل) وإن جهات أمنية كانت تتدخل في اختيارهم بعيدا عن معايير الكفاءة.

وقبل عدة أيام أجريت انتخابات جزئية في 19 جامعة حكومية، بعد 17 عاما من الغياب، لاختيار القيادات الجامعية التي فضلت الاستقالة، وهو ما لم يكن مرضيا لتهدئة ثورة أعضاء هيئة التدريس. ومن بين 19 جامعة حكومية استقال 4 رؤساء فقط مفسحين المجال لانتخابات على مقاعدهم، وفي حين انتهت المدة القانونية لتسع آخرين فإن 6 رؤساء لجامعات يواصلون تحدي الجميع بالتمسك بمناصبهم.

اللافت هو أن الطلاب الذين شكلوا جزءا لا يستهان به من شباب ثورة 25 يناير، يناصرون أساتذتهم في مطلبهم، خاصة مع أحلام الديمقراطية والاستقلالية التي تدغدغ مشاعرهم كلما ذكرت الثورة وأثرها، وهم لا يمانعون في المشاركة في إضراب يمتد طويلا لتحقيق مطالب أساتذتهم، فالطلاب أيضا لهم مطالب واضحة تتمثل في انتخابات طلابية نزيهة وإحجام الأمن عن التدخل في أنشطتهم وفعالياتهم الطلابية.

ومن المحتمل أن يؤدي إضراب الأساتذة ومعهم الطلاب إلى شلل الدراسة وعدم انتظامها مع بداية العام الجامعي الجديد، وهو ما يشكل أزمة حقيقية، واتفق ممثلو أعضاء هيئات التدريس وممثلو الاتحادات والحركات الطلابية على بدء إضراب جزئي خلال أول أسبوع من العام الدراسي وتنظيم وقفات احتجاجية في ست جامعات لم تستقل قياداتها من الساعة التاسعة صباحا وحتى الساعة الثانية عشرة ظهرا، مهددين بتصعيد الإضراب والوقفات الاحتجاجية خلال الأسبوع الثاني من العام الدراسي ما لم تستقل القيادات الجامعية، وهو ما قد يحول الأزمة لوصلة من العند بين الطرفين.

ويعتقد الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، إنه رغم تعدد مطالب أعضاء هيئة التدريس فإن الانتخابات تأتي على رأس تلك المطالب، وقال نافعة لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أي تطوير يجب اختيار قيادات جامعية تؤمن باستقلالية الجامعة ودورها في النهوض بالبلاد»، مضيفا أن الأهم الآن هو ترسيخ مبدأ اختيار القيادات بالانتخاب.

المثير أن وسط كل ذلك الزخم والجدل الكبير حول الجامعات المصرية، يتراجع الحديث كثيرا عن الخدمة التعليمية المقدمة فيها، وهو ما يثير سؤالا بالغ الخطورة حول مستقبل التعليم في الجامعات المصرية والتي يقتصر الحديث عنها الآن على مشكلاتها الإدارية مع إغفال أنها غالبا ما تكون خارج ترتيب أفضل 500 جامعة في العالم، لكن نافعة يعتقد أن الجامعات المصرية ستظل تعاني من طريقة اختيار أعضاء هيئة التدريس بما يضمن كفاءتهم وعدم توفير وسائل البحث العلمي التي تساعد على تطوير الدراسة بالشكل المطلوب، وهو ما يراه سيظل يمثلا تحديا للعمل الجامعي لا يمكن التغلب عليه إلا بإدخال الديمقراطية للحرم الجامعي عبر انتخاب قيادات الجامعة.

وتعتقد هبة عاطف، المعيدة بكلية الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن أزمة جودة التعليم ستظل قائمة ما دامت معالجتها تتم بسطحية ودون التطرق لتفاصيلها. وقالت هبة عاطف لـ«الشرق الأوسط»: «لا توجد خطط واضحة للنهوض بالتعليم، والأمر غير مطروح للنقاش حتى الآن وسط كل ذلك الضجيج».