الجيش السوري يستعيد الرستن بعد 4 أيام من المعارك.. ويحول المدارس إلى معتقلات

ناشطون يتحدثون عن «مجزرة» تقترفها قوات الأسد بعد دخولها المدينة ويؤكدون أن المنشقين يقاتلون وهم «جياع»

صورة مأخوذة من موقع «أوغاريت» لمظاهرة حاشدة في إنخل بحوران، بعد صلاة العصر، تضامنا مع الرستن
TT

استعاد الجيش السوري السيطرة على مدينة الرستن في حمص أمس، بعد 4 أيام من القتال المتواصل مع جنود منشقين. وأصدرت مساء أول من أمس «قيادة كتيبة خالد بن الوليد» بيانا أعلنت فيه انسحابها من الرستن، وذلك «نظرا للتعزيزات الكبيرة والأسلحة الضخمة التي استخدمها الجيش في قصف الرستن». وقال البيان: «بعد مقاومة الأبطال لأربعة أيام والخسائر الكبيرة للعصابة الأسدية على مشارف الرستن ازداد جنون الكتائب الأسدية واستخدام الطيران الحربي والمدفعية وجميع الوسائل، وقد قررت قيادة كتيبة خالد بن الوليد الانسحاب والخروج من الرستن ليس خوفا على حياتهم ولكن ليستمروا في النضال في طريق الحرية». وأكد البيان دخول كتائب الجيش السوري إلى الرستن والبدء بحملة تفتيش تمشيط للمدينة. وقال إن «شوارع الرستن خالية».

وأكد الناشط رامي عبد الرحمن المقيم في بريطانيا أمس، إن القوات السورية سيطرت على معظم بلدة الرستن. وأضاف عبد الرحمن رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الجيش انتشر في نحو 80 في المائة من البلدة بعد أن أرسلت قوة من 250 دبابة إلى منطقة الرستن أول من أمس. وقال إن الاتصالات مع الرستن التي تبعد 180 كيلومترا إلى الشمال من دمشق، صعبة، لكن أحد السكان تمكن من الفرار من الرستن في وقت مبكر من صباح أمس، تحدث عن وقوع إطلاق كثيف للنيران طوال الليل.

وأكد ناشطون سوريون آخرون أن الجيش السوري تمكن من السيطرة على الرستن وأنها تعرضت لتدمير كبير، وقالوا إن المدينة «تتعرض لمجزرة بعد اقتحامها من قبل قوات تابعة للجيش والأمن وميليشيات الشبيحة باستخدام مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة مدعومة بالطائرات المقاتلة». وقالت مصادر في حمص إنها تأكدت من شخص خرج من الرستن، وإن حصيلة الاشتباكات لغاية صباح أول من أمس، كان مقتل 22 شابا وامرأتين وطفل وجرح 400 شخص آخرين. وأضافت المصادر أن عناصر الأمن والشبيحة قاموا «بنحر الطبيب أنور الشيخ علي الذي كان يسعف الجرحى».

وبحسب مصادر في المعارضة، فإن إطلاق نار عشوائي على البيوت جرى يوم أمس في الرستن، مع نهب وتخريب للبيوت، وإن جثثا لا تزال في الشوارع. وتحولت ثلاث مدارس في المدينة إلى معتقلات، وهي مدرسة الريفية ومدرسة 16 تشرين، ومدرسة عقبة بن نافع. وقد احتجز في تلك المدارس نحو 3000 معتقل.

وكانت نحو 240 دبابة حاصرت مدينة الرستن وتم شن أوسع عملية عسكرية قامت بها قوات الجيش، حيث استمرت الاشتباكات لمدة أربعة أيام، دمر جراءها جزء كبير من المدينة. وقالت المصادر إن «مجزرة حقيقية ارتكبت بحق المنشقين عن الجيش»، في حين قالت مصادر حقوقية إن عدد القتلى بين المنشقين كان نحو عشرين قتيلا.

وحول الوضع العسكري لـ«كتيبة خالد بن الوليد»، إحدى كتائب الجيش السوري الحر، والتي قيل إنها كانت تقاتل في الرستن، كتب أحد الناشطين على الصفحات المؤيدة للثورة أن «معركة الرستن تختزل الوضع السوري»، واصفا رجال الكتيبة المقاتلين بـ«الشجعان» والمعارضة بـ«الخسيسة» وأنها «تتاجر بدماء الشهداء». وقال: «ما يدمي القلب أن هناك من جمع الملايين على اسم كتيبة خالد بن الوليد وأن هناك من استشهد وهو يحلم بالحصول على ثمن رشاش، مثل الملازم أول أحمد الخلف الذي باع ذهب زوجته بمبلغ سبعين ألف ليرة وطلب من تنسيقية الرستن في الخارج سبعين ألف ليرة أخرى ليشتري قناصة ثمنها مائة وعشرون ألف ليرة، وانتظر في الأردن بعد انشقاقه أكثر من أسبوعين ولم تصله ولا ليرة لأن تنسيقية الرستن ما طرقت بابا إلا وسد في وجهها». وتابع الناشط أن خلف «دخل درعا واشترى روسية بما لديه من مال وأذاق الشبيحة والأمن الويل، ودرعا كلها تشهد له قبل الرستن التي انتقل إليها مؤخرا لمؤازرة إخوانه. وكان يقول إن حلمه قناصة ليقتص بها لكل الشهداء، وإنه إذا دخلت الدبابات الرستن فاعلموا أني استشهدت وفعلا نال الشهادة قبل أن يسمح بدخول الدبابات». وأكد الناشط أن الجنود المنشقين «كانوا يقاتلون وهم جياع، ولا يملكون من السلاح إلا القليل، وأن الرائد عبد الرحمن الشيخ علي باع سيارته كيا نوع ريو بخمسمائة ألف ليرة ليطعم بها جنوده». ويصعب التأكد من صحة ما أورده الناشط في شهادته، لصعوبة التواصل مع الجنود المنشقين.

وفي حمص تأزم الوضع الأمني بعد ظهر أمس على خلفية تحول جنازات القتلى الذين سقطوا يوم الجمعة إلى مظاهرات غاضبة، تنتصر للرستن. ومع أن الجنازات التي خرجت في حي الإنشاءات وبابا عمرو بمشاركة واسعة من النساء لتشييع رامي فاخوري انفضت بسلام، فإن الأمر لم يكن كذلك في حي الخالدية، حيث جرى إطلاق نار من عربات (بي تي آر) وغيرها، على المنازل في محيط جامع النور استمر لعدة ساعات. واقتحمت قوات الأمن المنطقة وتركزت في الحديقة، كما تم إغلاق مدخل الحي من جهة حي البياضة عند دوار القاهرة.

وفي منطقة الحولة، شنت قوات الأمن والشبيحة حملة مداهمات واعتقالات طالت أكثر من 40 شخصا بينهم 15 طفلا من طلاب المدارس الابتدائية، وذلك عقب أنباء عن انشقاق أربعة جنود في الحولة واشتباكهم مع الشبيحة. وفي بلدة تلدو في الحولة جرى إطلاق نار كثيف جدا من مدرعات عند دوار الحرية. وفي بلدة تلبيسة أصيب طفلان في المسجر الجنوبي برصاص قناصة.

وأبلغ ناشطون عن وقوع هجمات على حواجز في طرق يسلكها الجيش في بلدة تلبيسة المجاورة، مما دفع إلى إطلاق صيحات التحدي خلال مظاهرات شهدت مشاركة عشرات الآلاف من الأشخاص في مسيرات مناهضة لنظام الأسد.

من جانب آخر أعلنت الهيئة العامة للثورة السورية أمس عن مقتل أربعة أشخاص في حي القدم بدمشق، الذي تم اقتحامه وتنفيذ حملة دهم واعتقالات بين سكانه. وفي سياق متصل، دعا محامي عام حماه المنشق عدنان بكور، في تسجيل منسوب له، سفارات العالم، إلى اتخاذ موقف لحماية المحتجين في سوريا ودعمهم.

إلى ذلك، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن ثلاثة قتلى إضافيين سقطوا منذ الجمعة، ليضافوا إلى 19 قتيلا أبلغ عنهم أول من أمس وبينهم ستة جنود في أعمال عنف وسط البلاد. وقال المرصد إنه «في مدينة تلبيسة (محافظة حمص) أعيد جثمان شاب اعتقل أمس (الجمعة) إلى ذويه، وفي محافظة ريف دمشق استشهد شاب في مدينة حرستا متأثرا بجروح أصيب بها خلال ملاحقات أمنية الجمعة واستشهد فجر السبت شاب من ضاحية قدسيا متأثرا بجروح أصيب بها الجمعة خلال إطلاق رصاص».

والجمعة، قتل في ريف حماه 11 شخصا هم خمسة مدنيين وستة عسكريين خلال اشتباكات بين الجيش والأمن (السوري) من جهة وعناصر منشقة عن الجيش من جهة أخرى، وفق المرصد. وقتل أيضا ثمانية مدنيين أول من أمس، في محافظة حمص جراء إطلاق نار من جانب قوات الأمن السورية وعمليات اقتحام في أحياء عدة من مدينة حمص ومناطق أخرى في المحافظة.