المجلس العسكري يعدل قانون انتخابات البرلمان تحت ضغط القوى السياسية

عنان عقد اجتماعا ماراثونيا مع قيادات الأحزاب ووضع جدولا زمنيا لتسليم السلطة > الإعداد لميثاق شرف للقواعد الدستورية الحاكمة

TT

أقر المجلس العسكري الحاكم في مصر تعديل قانون مجلسي الشعب والشورى (غرفتي البرلمان)، بما يتوافق مع مطالب القوى السياسية التي هددت بمقاطعة الانتخابات البرلمانية في حال عدم الاستجابة لمطالبها، ووعد رئيس الأركان، سامي عنان، خلال اجتماع ماراثوني بدأ صباح أمس السبت واستمر لما يزيد على 8 ساعات، بتعليق حالة الطوارئ مع فتح باب الترشح للانتخابات البرلمانية في 12 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بينما توافقت القوى السياسية على وضع ميثاق شرف فيما بينها لتحديد القواعد الدستورية الحاكمة قبل الذهاب للانتخابات البرلمانية.

وقبل 24 ساعة من انقضاء المهلة التي منحتها قوى سياسية مصرية للمجلس العسكري لتلبية مطالب تتعلق بالانتخابات البرلمانية التي ينتظر أن تجري جولتها الأولى في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، التقى رئيس أركان الجيش المصري، الفريق سامي عنان، نائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، عددا من قيادات الأحزاب للرد على مذكرة سلمها أول من أمس تحالف تقوده جماعة الإخوان المسلمين للمجلس العسكري.

وأكد الفريق عنان أن المجلس العسكري لا يسعى لإطالة الفترة الانتقالية، وأنه ملتزم بخارطة طريق واضحة ومحددة زمنيا لنقل السلطة بعد اختيار رئيس الجمهورية، على أن يتم انعقاد مجلس الشعب المنتخب في النصف الثاني من شهر يناير (كانون الثاني) 2012، بعد إعلان نتيجة الانتخابات لممارسة مهامه، كما يتم انعقاد مجلس الشورى بعد إعلان نتيجته يوم 24 مارس (آذار) من العام نفسه.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»: إن المجلس العسكري لا يزال متمسكا بموقفه الرافض لإصدار قانون العزل السياسي لقيادات الحزب الوطني المنحل التي لم تُدَن في جرائم فساد مالي، لكنه وعد بدراسة الأمر.

وأشارت المصادر إلى أن القوى السياسية توافقت مع المجلس على وضع ميثاق شرف يحدد المبادئ الأساسية التي ستتم بموجبها كتابة دستور جديد للبلاد، وتحديد قواعد يتم بموجبها اختيار اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، على أن تتم الدعوة لاجتماع مشترك لمجلسي الشعب والشورى في الأسبوع الأخير من مارس أو في الأسبوع الأول من أبريل (نيسان) المقبلين، ويتم خلاله اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور. وتابعت المصادر: إنه سيتم الإعلان عن بدء فتح باب الترشيح لانتخاب رئيس الجمهورية في اليوم التالي لإعلان نتيجة الاستفتاء على الدستور بالإيجاب، لانتخاب رئيس الدولة خلال مدة لا تزيد على 45 إلى 60 يوما.

كان التحالف الديمقراطي من أجل مصر، الذي يضم حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، وحزب الوفد الليبرالي وعشرات الأحزاب الأخرى، قد هدد، نهاية الأسبوع الماضي، بمقاطعة الانتخابات إن لم يستجب المجلس العسكري لمطالب يأتي على رأسها إلغاء المادة الخامسة من قانون مجلسي الشعب والشورى (غرفتي البرلمان المصري).

وتشترط المادة التي تطالب الأحزاب بإلغائها «فيمن يتقدم بطلب الترشيح لعضوية مجلس الشعب أو مجلس الشورى بنظام الانتخاب الفردي ألا يكون منتميا لأي حزب سياسي ويشترط لاستمرار عضويته أن يظل غير منتمٍ لأي حزب سياسي، فإذا فقد هذه الصفة أسقطت عنه العضوية بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس».

ويرى التحالف وقوى سياسية أخرى أن هذه المادة تمثل بابا واسعا لهيمنة السلطة التنفيذية على البرلمان، مبررين ذلك بقولهم: «إنه مع اتساع نطاق الدوائر الانتخابية لن يكون بمقدور المستقلين منافسة قيادات الحزب الوطني المنحل (الذي ترأسه الرئيس المصري السابق حسني مبارك خلال سنوات حكمه)، وبذلك يعود الحزب الذي تسبب في إفساد الحياة السياسية إلى البرلمان وهو يملك ثلثا معطلا».

وطالب التحالف أيضا بتعليق حالة الطوارئ المعلنة في البلاد منذ اعتلاء مبارك سدة الحكم مطلع ثمانينات القرن الماضي، وكذلك إصدار مرسوم بقانون من المجلس العسكري يسمح بمقاضاة قيادات حزب مبارك على جرائم سياسية وحرمانهم من المشاركة السياسية مدة 10 سنوات.

وأقر المجلس العسكري في وقت سابق قانونا يعطي الأحزاب السياسية حق التنافس على ثلثي مقاعد البرلمان، بينما قصر الثلث المتبقي على تنافس المستقلين، وحصن المجلس العسكري هذا النص القانوني بإعلان دستوري مكمل، صدر دون علم القوى السياسية قبل نحو أسبوع، وأعلن عنه نهاية الشهر الماضي.

واستجابت قيادات معظم الأحزاب والتحالفات لدعوة فريق الأركان، في محاولة لتجاوز المأزق السياسي الذي تمر به البلاد، لكن قوى حزبية على رأسها حزب الوسط الإسلامي رفضت الدعوة قائلة: «إن مطالب الأحزاب معروفة وهي ليست في حاجة للنقاش».

وأعرب عدد من النشطاء السياسيين وائتلافات شباب الثورة عن استيائهم من إصرار المجلس العسكري على دعوة قيادات الأحزاب، وتجاهل شباب الثورة في لقاءات تهدف لرسم ملامح مستقبل البلاد، قائلين إن عددا كبيرا من قيادات الأحزاب كانوا جزءا مما وصفوه بـ«الديكور السياسي لنظام مبارك». والتزم المجلس العسكري، الذي تولى إدارة شؤون البلاد منذ فبراير (شباط) الماضي، بتسليم السلطة للمدنيين. وأصدر المجلس إعلانا دستوريا يضع خارطة الطريق حددت مدة 6 أشهر لتسليم السلطة انقضت أول من أمس، وسط تنامي شكوك القوى السياسية والنشطاء بشأن التزام المجلس بالخارطة المعلنة.