الحملة الانتخابية تنطلق في تونس.. ولا توتر بين المرشحين

«النهضة» تختار سيدي بوزيد.. و«حزب العمال» ينظم حفلا جماهيريا في العاصمة

تونسي يقوم بتثبيت أحد الملصقات الإعلانية على جدار في تونس العاصمة أمس (أ.ب)
TT

خلافا للتخوفات التي سيطرت على المشهد السياسي خلال الأشهر التي تلت الإطاحة بنظام بن علي، لم تظهر أية بوادر توتر بين المرشحين لانتخابات المجلس التأسيسي خلال اليوم الأول من الحملة الانتخابية. وفضل كل حزب من الأحزاب السياسية عدم الاصطدام بالآخرين على مستوى انطلاق حملته الانتخابية ووجدت بعض مناطق تونس حظوة خاصة من قبل المتراهنين السياسيين، وتوجهت بعض الأحزاب إلى المدن التي عرفت تأجج الاحتجاجات الاجتماعية بعيدا عن العاصمة التونسية. وجاءت مدن سيدي بوزيد والقصرين ومدنين وصفاقس ونابل على رأس اختيارات الأحزاب السياسية في مرات قلائل يتم التوجه نحوها لإعطاء ضربة انطلاق الحملة الانتخابية.

وانطلقت الحملة الانتخابية لحركة النهضة من سيدي بوزيد على يد رئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي، وفسّر المتابعون للمشهد السياسي هذا الاختيار بالارتباط الكبير بين هذه المدينة ومآل الثورة التونسية. وفضل الحزب «الديمقراطي التقدمي» أبرز منافسي حركة النهضة التوجه إلى مدينة صفاقس أحد أهم أقطاب رجال الأعمال والاستثمار في تونس. وقد فسر المنجي اللوز مدير الحملة الانتخابية للحزب هذا الاختيار بالأهمية التاريخية والسياسية للمدينة التي عرفت سنة 1955 أول مؤتمر للدولة الحديثة. أما بالنسبة لـ«التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات» الذي يقوده مصطفى بن جعفر فقد فضل بدء الحملة الانتخابية انطلاقا من مدينة القصرين، ومن المنتظر أن يعقد اجتماعا شعبيا بالمدينة اليوم (الأحد). أما حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» بقيادة المنصف المرزوقي فسينطلق في حملته الانتخابية من العاصمة التونسية. في حين فضل «حزب العمال» الشيوعي التونسي بقيادة حمة الهمامي بورصة الشغل بالعاصمة وذلك عن طريق تنظيم حفل جماهيري. وسيتواصل تقديم بقية القائمات الانتخابية على امتداد الأيام المقبلة.

وكانت الحملة الانتخابية الخاصة بانتخابات المجلس التأسيسي المزمع إجراؤها يوم 23 من نفس الشهر قد انطلقت بصفة قانونية يوم أمس، الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. وتتقدم لهذه الانتخابات قائمات حزبية وأخرى ائتلافية إلى جانب مجموعة كبيرة من القائمات الانتخابية المستقلة. وانطلقت الحملة بصفة قانونية بداية من منتصف ليلة السبت. ويتنافس على مقاعد المجلس التأسيسي المقدرة بـ217 مقعدا، 10937 مرشحا موزعة على نحو 1424 قائمة، في الدوائر الـ27 داخل البلاد التونسية.

وتحتل القوائم التي قدمتها الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات المرتبة الأولى بـ787 قائمة، تليها القائمات المستقلة التي بلغ عددها 587 قائمة انتخابية، في حين وصل عدد القائمات الائتلافية إلى 54 قائمة. وحسب القانون الانتخابي، فإن الحملة الانتخابية تنطلق قبل يوم الاقتراع بـ22 يوما في حين تنتهي يوم الجمعة 21 أكتوبر في منتصف الليل أي قبل يوم الاقتراع المقرر يوم 23 أكتوبر بـ24 ساعة. وتشهد تونس لأول مرة منذ استقلالها سنة 1956 عن فرنسا عملية انتخابية يشرف عليها جهاز مستقل في جميع مراحلها، ممثلا في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي يديرها الحقوقي التونسي رئيسها كمال الجندوبي. وكانت مجمل الانتخابات التي عرفتها تونس منذ الاستقلال تحت إشراف وزارة الداخلية التونسية. ووجهت لها انتقادات كثيرة بالتلاعب بالنتائج والتزوير خلال فترات الحكم الخاصة بالحزب الحاكم، سواء أكان ممثلا في الحزب الاشتراكي الدستوري في عهد الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة أم التجمع الدستوري الديمقراطي في عهد زين العابدين بن علي. وكان إشراف هيئة انتخابية مستقلة على العملية الانتخابية من بين المطالب المتكررة للأحزاب المعارضة في عهد بن علي.

وتتولى هذه الهيئة خلال الحملة الانتخابية مراقبة وسائل الإعلام في تغطيتها للحملة الانتخابية وذلك بواسطة مراقبين تم انتدابهم للغرض.

أما فيما يتعلق بتمويل الحملة الانتخابية، فإن هذه العملية تخضع لرقابة دائرة المحاسبات والهيئة العليا المستقلة للانتخابات المكلفة بتطبيق مختلف مقتضيات المرسوم المتعلق بانتخاب المجلس الوطني التأسيسي يوم 23 أكتوبر الحالي بما في ذلك متابعة الحملات الانتخابية والحرص على احترام مبدأ المساواة بين كل المرشحين وقد وفرت السلطات التونسية نحو 10 ملايين دينار تونسي (نحو 7 ملايين دولار أميركي) لتمويل الحملة.

وكان جدل كبير قد انطلق في تونس حول «المال السياسي» ولم تتقيد مجموعة من الأحزاب بعدم الإشهار السياسي خلال الفترة التي سبقت الحملة الانتخابية إلا أن المحاكم التونسية أيدتها في ذاك التوجه.

أما بخصوص الموارد المخصصة لتمويل الحملة الانتخابية، فقد ضبط الفصلان 52 و53 من القانون الانتخابي المبادئ التي يتم على أساسها تمويل الحملة الانتخابية، وهي تتمثل في وجوب قيام كل حزب أو قائمة مرشحة بفتح حساب بنكي وحيد يخضع للرقابة التابعة لدائرة المحاسبات.

ويمكن القانون الانتخابي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من إلغاء بعض النتائج إذا تبين لها وجود مخالفة الأحكام القانونية وهو ما يدعو إلى إعادة احتساب النتائج الانتخابية دون الأخذ بالاعتبار القائمة أو القائمات التي ألغيت نتائجها.

وأقرت الهيئة، من ناحية أخرى، منع بث ونشر نتائج سبر الآراء والدراسات والتعاليق الصحافية المتصلة بالانتخابات، عبر مختلف وسائل الإعلام «المكتوبة والسمعية والبصرية والإلكترونية» بدءا من تاريخ انطلاق الحملة الانتخابية.

كما يحجر توزيع الإعلانات المتضمنة للقائمة الاسمية للمرشحين أو صورهم أو اسم القائمة وبرنامجها، وذلك بعد انتهاء الحملة الانتخابية في يوم 22 أكتوبر الحالي ويوم الاقتراع (اليوم الموالي)، فيما يمنع توجيه رسائل عبر الهاتف الجوال إلى العموم للتأثير عليهم أو استعمال أي وسيلة إشهار أخرى فور انتهاء الحملة الانتخابية ويوم الاقتراع.

وللتذكير، فإن الانتخابات ستدور في 27 دائرة انتخابية داخل تونس و6 دوائر مخصصة لأفراد الجالية التونسية في الخارج، موزعة على أوروبا والأميركتين والعالم العربي، حيث يحق لأكثر من 500 ألف ناخب الإدلاء بأصواتهم.