دير الزور: انشقاقات عن الجيش.. ومظاهرات مستمرة رغم الحصار واعتقال الناشطين فيها

«مجلس عشائر الثورة السورية» يطالب أطياف المعارضة في الداخل والخارج بتوحيد صفوفها

درعا تشيع أحد الجنود الذين قتلوا أول من أمس بسبب رفضه إطلاق النار على المتظاهرين
TT

يظهر شريط فيديو، بثه ناشطون سوريون على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، ملازم أول في الجيش السوري، يدعى أحمد الخلف وينتمي إلى الفرقة 15 (قوات خاصة)، وهو يعلن انشقاقه عن الجيش السوري وانضمامه إلى الانتفاضة السورية المستمرة منذ 15 مارس (آذار) الماضي.

أحمد الخلف الذي يتحدر من مدينة دير الزور، شرق سوريا، ليس الوحيد من المنطقة الذي أعلن انشقاقه عن الجيش السوري. ويكشف أحد أعضاء تنسيقية دير الزور، ويدعى أبو صالح، لـ«الشرق الأوسط»، أن «عدد المنشقين من الجيش الذين ينتمون إلى عشائر دير الزور أصبح كبيرا جدا، ومعظمهم يلجأ إلى المدينة وينضم إلى (كتيبة عمر بن الخطاب العسكرية) المتمركزة داخل أحياء الدير».

ويشير أبو صالح إلى أنه «لا معلومات عن أسلوب عمل الكتيبة وأماكن توزع عناصرها»، لافتا إلى «أنها قامت بعمليات نوعية وأحدثت أضرارا في آليات الجيش والعصابات الملحقة به». ويتحدث عن عمليتين نفذتهما عناصر الكتيبة المنشقة ضد مقر المخابرات الجوية وضد مقر الأمن العسكري داخل المدينة.

ويشكل أهالي مدينة دير الزور، الذين يصل عددهم إلى نحو مليون ونصف المليون نسمة، 8 في المائة من سكان سوريا. ويقبع عدد كبير من أبنائها حاليا في السجون وهم يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب، وفي مقدمتهم الشيخ نواف البشير، كبير مشايخ قبيلة البكارة المعروف بمعارضته الشديدة لنظام الرئيس بشار الأسد، قبل اندلاع الثورة ضد هذا النظام. ويؤكد ناشطون، في هذا السياق، أن «النظام حاول ابتزاز الشيخ البشير، حيث عرض عليه إطلاق سراحه مقابل التعهد بوقف المظاهرات التي يخرج بها أبناء عشيرته، لكنه رفض».

ويشير المحامي المنشق عن نقابة محامي دير الزور، خير الله دعيجي، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المعتقلين الذين يقبعون في سجون الأسد ينتمون إلى جميع أطياف المجتمع الديري، ومنهم المحامي عبد الرزاق الزرزور، والمهندس يوسف علوان، والتاجر حمش حمش»، وهو ما يدحض، وفق دعيجي، «رواية النظام بأن المتظاهرين هم عبارة عن حثالة ومتعاطي مخدرات»، مؤكدا أن «جزءا كبيرا من المتظاهرين في دير الزور ينتمي إلى النخبة».

وكانت دبابات الجيش السوري ومدرعاته الحربية قد اقتحمت مدينة دير الزور في 7 أغسطس (آب) الماضي وقامت بقصف أحيائها بالقذائف والمدفعية والرشاشات الثقيلة. وينفي الدعيجي أن تكون المظاهرات قد تراجعت بسبب الاقتحام العسكري الذي تعرضت له المدينة في ذلك الوقت، ويقول: «يوجد أكثر من 5000 معتقل من مدينة دير الزور وأكثر من 500 شهيد، إضافة إلى التهجير الذي تعرض له أهالي المدينة بشكل منهجي واعتقال معظم الناشطين والتنكيل بعائلاتهم»، موضحا أنه «قد يكون هذا الأمر قد أسهم في انخفاض زخم الاحتجاجات في دير الزور لكن هذه العوامل لم تؤد إلى تراجعها».

ويرى المحامي، الذي غادر سوريا منذ مدة ويقيم حاليا في لبنان، أن «التغطية الإعلامية هي التي تراجعت وليس المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام، فالإنترنت في المدينة محدود الانتشار ولا تتجاوز عدد خطوط الإنترنت التي يستخدمها أهالي الدير الألف خط، مما يجعل عملية تحميل فيديو تم تصويره لمظاهرة خرجت في المدينة أمرا صعبا». ويلفت الدعيجي إلى صعوبة الوصول إلى المدينة بسبب بعدها الجغرافي، «إذ يوجد أكثر من 15 حاجزا أمنيا في الطريق بين الدير ودمشق، ويقومون بتفتيش كل شيء حتى الهواتف الجوالة».

وكان «مجلس عشائر الثورة السورية»، الذي يمثل قطاعا واسعا من مجتمع مدينة دير الزور، أصدر بيانا طالب فيه «أطياف المعارضة بتوحيد صفوفها خلال مدة لا تتجاوز 15 يوما والجلوس إلى طاولة مستديرة تضم كافة أطياف الشعب السوري دون تهميش لأحد، والوصول إلى الهدف الذي من أجله سالت دماء الشهداء، والعمل على تحقيق أهداف إسقاط النظام ومحاكمة رموزه، ودعم الثورة بالداخل، وطلب الحماية الدولية للشعب السوري».

وأفاد البيان أنه «وفي حال عدم اتفاق المعارضة على رأي واحد، فإننا سنأخذ على عاتقنا المسؤولية الكاملة في العمل مع الثورة في الداخل والخارج والدفاع عن شرفنا وأرضنا بكافة السبل المتاحة، وبعد انتهاء هذه المهلة وفي حال لم يتم الاتفاق بين المعارضة في الخارج على تشكيل مجلس انتقالي حسب الأهداف التي ذكرناها سابقا، ستصبح المعارضة السورية في الخارج مستهدفة من قبل الثوار في الداخل».

وأشار الناشط السياسي وائل الخلف، وهو أحد الموقعين على البيان، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الهدف من البيان دعوة المعارضة إلى التوحد احتراما لدماء السوريين، فكلما تشرذمت المعارضة أدى ذلك بالضرورة إلى إضعاف المتظاهرين». وعن استهداف معارضة الخارج من قبل ثوار الداخل، أوضح خلف «أن المقصود بذلك هو الاستهداف السياسي عبر رفع الثقة عن جميع أطياف المعارضة السورية في الخارج».

وتجدر الإشارة إلى أن مدينة دير الزور تخرج بشكل يومي من 15 نقطة ساخنة، في مظاهرات معارضة تطالب بإسقاط نظام بشار الأسد، ويتم التجمع في دوار المدلجي وسط المدينة.