مذكرة أميركية سرية تصدق على مقتل العولقي

قتل معه سمير خان مسؤول تحرير مجلة «القاعدة» باللغة الإنجليزية

TT

قال مسؤولون في الإدارة الأميركية إن وزارة العدل أصدرت مذكرة سرية تصادق فيها على استهداف أنور العولقي، رجل الدين المتشدد الأميركي المولد، الذي قتل أثناء هجوم لطائرة من دون طيار يوم الجمعة.

وقد صدرت الوثيقة بعد مراجعة المسائل القانونية التي يمكن أن يثيرها قتل مواطن أميركي وتضمنت محامين بارزين من أنحاء الإدارة كافة. وقال المسؤولون: «لم يكن هناك أي معارضة حول شرعية قتل العولقي». وقد واجهت الإدارة دعوات قضائية وانتقادا عاما لقيامها باستهداف العولقي، الذي ولد في نيو مكسيكو، نظرا للحماية الدستورية المكفولة للمواطنين الأميركيين. وربما تعد هذه المذكرة محاولة لحل النقاش القانوني، على الأقل داخليا، الذي يتعلق بالتساؤل حول ما إذا كان ممكنا للرئيس أن يأمر بقتل مواطنين أميركيين بالخارج في خطوة لمكافحة الإرهاب.

وقد استخدم في عملية قتل العولقي معدات لوكالة الاستخبارات المركزية ومعدات تابعة للجيش تخضع لتحكم وكالة الاستخبارات المركزية. وذكر مسؤول استخباراتي سابق بارز أن وكالة الاستخبارات المركزية لم تكن لتقتل شخصا أميركيا دون أمر مكتوب.

الشخص الأميركي الثاني الذي قتل في هجوم الجمعة هو سمير خان، القوة المحركة لمجلة «إنسباير»، المجلة التي تصدر باللغة الإنجليزية والتي يصدرها تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وذكر مسؤول في الإدارة أن وكالة الاستخبارات المركزية لم تكن تعرف أن خان موجودا مع العولقي، لكنها اعتبرت أن خان أيضا مقاتلا لم يكن وجوده بالقرب من الهدف ليوقف الهجوم.

وقال مصدر أمني يمني إن «الإرهابي» سمير خان، الأميركي الجنسية من أصل باكستاني والخبير المتخصص في برامج الكومبيوتر رئيس هيئة تحرير مجلة «إنسباير» الناطقة باسم «القاعدة» على شبكة الإنترنت، قتل مع العولقي.

وتذكر ملابسات مقتل خان بالهجوم الأميركي من دون طيار عام 2002 في اليمن الذي استهدف أبو علي الحارثي، اليمني الذي ينتمي إلى تنظيم القاعدة والمتهم بالتخطيط لتفجير المدمرة الأميركية «كول» عام 2000. وقد أدى هذا الهجوم أيضا إلى مقتل مواطن أميركي علمت وكالة الاستخبارات المركزية أنه يوجد في سيارة الحارثي.

وقد تحدثت إدارة أوباما بصورة عامة عن سلطتها بشأن استخدام القوة العسكرية وشبه العسكرية ضد تنظيم القاعدة والقوات المقترنة به، وذكرت أن مواجهة تنظيم القاعدة أهم من ساحات المعركة الحادة أو التقليدية في العراق أو أفغانستان. وذكر مسؤولون أن مقاتلين معينين لم يكونوا محميين بسبب جنسيتهم.

وقال أحد مسؤولي الإدارة في بيان يوم الجمعة: «كقاعدة عامة، يكون للولايات المتحدة الحق الكامل في استهداف القادة البارزين في قوات العدو الذين يخططون لقتل أميركيين، بغض النظر عن جنسيتهم، وذلك تحت حماية الكونغرس الذي يجيز استخدام القوة العسكرية في صراع مسلح مع تنظيم القاعدة وطالبان والقوات المرافقة لهما، كذلك القانون الدولي الموضوع الذي يقر حق دفاعنا عن أنفسنا».

ولأول مرة أشار الرئيس أوباما ومسؤولون آخرون في الإدارة إلى العولقي بصورة علنية أثناء حديثه عن «العمليات الخارجية» المسؤولة عن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وهو مسمى ربما هدف إلى التأكيد على مكانته كقائد تنظيمي شكل خطرا وشيكا. وقد رفضت المتحدثة باسم وزارة الدفاع التعليق. كما رفض مسؤولو الإدارة الكشف عن التحليل القضائي الدقيق المستخدم لتوثيق استهداف العولقي أو ما إذا كانوا وضعوا أي تعديل خامس بشأن الحماية القانونية. وذكر روبرت تشيسني، أستاذ القانون بجامعة تكساس بأوستن والمتخصص في قانون الأمن الوطني، أنه من المحتمل أن تكون الحكومة قد قامت بمراجعة حقوق العولقي الدستورية، لكنه خلص إلى أن العولقي كان يشكل خطرا وشيكا وكان يختبئ في مكان لم تكن الولايات المتحدة أو اليمن تستطيع اعتقاله فيه بصورة حقيقية.

وقد قامت إدارة أوباما، العام الماضي، باستحضار امتياز أسرار الدولة لمناقشة رفض الدعوى القضائية التي رفعها ناصر العولقي، والد أنور العولقي في المحكمة الجزئية الأميركية في واشنطن والتي سعى من خلالها إلى منع استهداف ابنه. ووجد القاضي جون بيتس أن استهداف العولقي «مسألة سياسية» يجب أن يقرها الفرع التنفيذي.

وكان قرار وضع العولقي على قائمة المستهدفين بالقتل أو الاعتقال قد اتخذ في أوائل عام 2010، بعد أن خلص مسؤولون استخباراتيون إلى أنه لعب دورا مباشرا في التخطيط لتفجير طائرة نفاثة فوق ديترويت وأصبح عضوا عاملا داخل فرع تنظيم القاعدة في اليمن.

وقال مسؤول الإدارة: «إذا ما كنت حائزا على جنسيتين ومشتركا في المجموعة اليابانية المسؤولة عن تفجير بيرل هاربر، لا يمكن أن يتم إعفاؤك، كذلك لا يمكن إعفاء العولقي».

وقد ذكر اتحاد الحريات المدنية ومركز الحقوق الدستورية، الذي تحدث نيابة عن والد العولقي، العام الماضي، أنه ليس هناك «ساحة معركة» في اليمن، وأنه يجب إجبار الإدارة على أن تذكر علانية معاييرها القانونية لقتل أي مواطن مشتبه في ضلوعه بعمليات إرهابية خارج الولايات المتحدة. وإلا يكون هذا القتل إعداما دون محاكمة ينتهك القانون الأميركي والقانون الدولي، كما ذكرت الجماعات.

وقال فينس وارين، المدير التنفيذي لمركز الحريات الدستورية: «يوضح قانون حقوق الإنسان الدولي أنك لا تستطيع استهداف وقتل شخص ما من جانب واحد دون أن يشكل هذا الشخص خطرا وشيكا لمصالح الأمن. تشير المعلومات التي لدينا، من التصريحات التي أطلقتها الحكومة، إلى أنه مشترك بشكل ما، لكن ليس هناك دليل واضح على الأشياء التي قام بها والتي من الممكن أن تصل إلى الحد القانوني لجعل قتله عملية مبررة من الناحية القانونية لحقوق الإنسان».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»