هل يستفيد الحزب الحاكم في بولندا من الازدهار الاقتصادي؟

TT

إذا كنت بحاجة لزوجين من الصنادل الصينية الرخيصة أو برامج كومبيوتر غير مرخصة أو سجائر مهربة وأنت في وارسو، فستجد بغيتك في تلك السوق النشطة في موقع استاد «الذكرى العاشرة» - الذي كان أكبر استادات وارسو حتى ثمانينات القرن الماضي لكنه تهدم وتحول إلى سوق تجارية مفتوحة.

بني الاستاد في خمسينات القرن الماضي وكان يستضيف مهرجانات الحزب الشيوعي والاحتفالات الرسمية إبان حكم النظام الشيوعي للبلاد، لكن يد الإهمال طالته فتحول إلى أطلال بعد انهيار الشيوعية عام 1989 وأصبح سوقا مفتوحة منذ سنوات. لم يبق من الاستاد الآن سوى الأساسات، وتم إطلاق عملية بناء استاد وطني على أحدث طراز. واجهة الاستاد الجديد على شكل قطعة قماش فاخرة مطرزة باللونين الأحمر والأبيض لوني العلم الوطني ترتفع مطلة على نهر فيستولا على الضفة المواجهة لوسط وارسو، ومن المقرر أن يتم افتتاح الاستاد الجديد رسميا في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ليستضيف بعد ذلك بطولة كأس الأمم الأوروبية 2012 التي تستضيفها بولندا بالمشاركة مع أوكرانيا.

التحول الذي يشهده الاستاد يرمز إلى التحول الذي تشهده بولندا نفسها: دولة طوت صفحة تاريخها الشيوعي لتصبح عضوا مزدهرا في الاتحاد الأوروبي. عملية التحديث تلك هي إحدى أهم النقاط التي يعتزم حزب «المنتدى المدني» بزعامة رئيس الوزراء دونالد توسك التركيز عليها خلال حملته الانتخابية قبيل الانتخابات البرلمانية المزمعة في التاسع من أكتوبر (تشرين أول) الحالي. لقد ركز الحزب على السياسات التي جعلت من بولندا الدولة الأوروبية الوحيدة التي تمكنت من النجاة من السقوط في هوة الركود عام 2009. لقد نما معدل الناتج المحلي بنسبة 4.4 في المائة خلال الفترة 2007 - 2010، بينما تزايد متوسط الأجور بنسبة 18 في المائة منذ 2007 عندما تولى الحزب مقاليد السلطة.

ذلك الرخاء الاقتصادي منح «المنتدى المدني» هامش تفوق تجاوز عشرة في المائة على حزب القانون والعدالة المعارض في استطلاعات رأي أجريت مؤخرا. وقال المعلقون إن النجاح الذي أحرزته بولندا سوف يمكن حزب «المنتدى المدني» من أن يكون أول حزب يتولى قيادة البلاد لفترتين متتاليتين منذ سقوط الشيوعية. لكن على الرغم من ذلك النجاح، تظل هناك بعض المشكلات التي قد تمنح حزب القانون والعدالة دفعة إضافية هو في حاجة إليها للفوز بالانتخابات.

لقد وعد «المنتدى المدني» ببناء طرق وبنى تحتية أخرى لازمة لاستضافة مشجعي كرة القدم خلال كأس الأمم الأوروبية 2012. غير أن عمليات البناء في وارسو وجدانسك تعرضت لسلسة تأخيرات. وذكر تقرير لإحدى الصحف اليومية صدر في أغسطس (آب) الماضي أن 5 طرق فحسب هي التي ستتمكن السلطات من تجهيزها للبطولة من أصل 27 طريقا.

لقد جاء حزب القانون والعدالة، يميني، بزعامة ياروسلاف كاتشينسكي الشقيق التوأم للرئيس البولندي الراحل ليخ كاتشينسكي - الذي لقي حتفه العام الماضي في حادث تحطم طائرة في روسيا - في ركاب «المنتدى المدني» بنسبة تأييد بلغت 32 في المائة خلال استطلاع للرأي أجري في السابع والعشرين من سبتمبر (أيلول) الماضي، متخلفا عنه بفارق أربعة في المائة فحسب. وقال المحلل توماس جروس من معهد كوشيوزكو ومقره كراكوف «انتصار (المنتدى المدني) ليس مؤكدا بنفس القدر الذي كان عليه قبل شهر مضى، حتى.. قبل عدة أشهر كان ذلك يبدو مستحيلا».

يقول النقاد إن توسك مرشح كلامه معسول لكنه لا يتحرك، البعض يلومه لعدم الوفاء سوى بقدر ضئيل من الوعود التي أطلقها طيلة السنوات الأربع الماضية، وعدم الاضطلاع بإصلاح نظم الرعاية الصحية والتعليم. باقي المشكلات المزعجة قد تدفع الناخب البولندي للإدلاء بصوته لصالح حزب كاتشينسكي.

وقال المحلل يان ستانيلكو من مؤسسة «معهد سوبيسكي»: «أكبرها التكلفة المرتفعة للغذاء - وهي غير مرتبطة بالضرورة بتصرفات الحكومة، غير أن البولنديين يربطونها بالحكومة... بالإضافة إلى عوامل أخرى ضخمة، مثل الدين العام الذي ارتفع بنسبة ثمانية في المائة العام الماضي، على الرغم من ارتفاع متوسط الناتج المحلي بنسبة 3.8 في المائة».

وقال المعلقون إن نجاح بولندا قد يكون مبهرا عند مقارنته بأداء الاتحاد الأوروبي، لكنه ليس كافيا لضمان الفوز لـ«المنتدى المدني».

وقال جروس «على الرغم من أن التطور الذي تحققه بولندا جيد إلى حد نسبي مقارنة بدول أخرى، فإننا نعاني مشكلات أيضا.. هناك نمو لكنه بطيء..المجتمع يشعر بآثار الأزمة وهذا لن يكون في صالح الحزب الحاكم».