برمجة العقل الأصفر

مسلي آل معمر

TT

مع كل سقوط للنصر يبدأ المحللون المهتمون بالأصفر بالتشخيص بالمعنيين العلمي والاجتماعي، فهناك من يشخص، أي يحاول تسليط الضوء على المشكلة أو وضع الإصبع على الجرح، وهناك من يشخص بالمعنى الاجتماعي ويجد السقوط فرصة للظهور والتنظير وكأنه يقول للآخرين «شوفوني». وعلى الرغم من أن فارس نجد قد حباه الله التشخيص والمشخصين بجميع أنواعهم وأطيافهم فإن علته وعلاجها ما زالا غائبين عمن يهمه الأمر.

في العام الماضي كان هناك من يقول إن النصر لديه أفضل فريق محلي لكنه فشل فقط بسبب الأجانب والمدربين، بينما قال قسم ثانٍ إن العالمي كان «عال العال»، لكنها الحرب القائمة ضده من الشرفيين والحكام، بينما ذهبت فئة ثالثة من المشخصين إلى أن تحليل ونقد يوسف خميس وماجد والهريفي هو الذي أسقط الفريق. ومع بداية الموسم الحالي اكتشف الجمهور أن الإدارة غير قادرة على التعاقد مع 4 أجانب وهي المشكلة (أي الأجانب) التي لعنها النصراويون كثيرا في السنوات الماضية، ثم أعلن العالمي ريكارد تشكيلته ولم تضم إلا لاعبا واحدا من أفضل فريق محلي – كما يراه بعض عشاقه - وفي النهاية جاء الاجتماع الشرفي الأخير وأذاب الخلافات التي قيل إنها سبب خسائر الفريق، فأفسد ذريعة الحرب المزعومة على النادي، بينما لا يزال نجوم النصر السابقون حتى هذه اللحظة صامتين، فلم يحللوا أو ينتقدوا.. ومع هذا كله يتجه الفريق من سيئ إلى أسوأ!

منذ سنوات قلت إن مشكلة النصراويين الرئيسية هي في تشخيص واقعهم وقراءته قراءة موضوعية، لكن من الواضح أن الذهنية النصراوية لم تتغير؛ فهذه الذهنية تمت برمجتها على الرضا بالقليل، ففي الوقت الذي يحصد فيه المنافسون البطولات تجد المشجع النصراوي راضيا بالمركز الخامس، كذلك تجد هذا المشجع يخرج إلى المطار لاستقبال اللاعبين الذين لفظتهم الأندية المنافسة ولم يجدوا لهم أماكن فيها، أيضا برمج العقل النصراوي على أن إنجازات المنافسين ليست مستحقة بل تأتي بطرق أخرى، ولم يسألوا أنفسهم: كيف حقق الاتحاد 25 بطولة خلال الـ15 عاما الماضية؟ كيف سمح لهم الهلاليون بذلك؟

في أي نادٍ جماهيري.. إذا لم يوجد الرئيس القيادي المقتدر ماديا، فهو يحتاج الرئيس المتعلم الفاهم.. وأبرز النماذج الناجحة: المهندس عبد العزيز العفالق، فهد المطوع، فهد المدلج وتركي البراهيم.

عندما أقول «رئيس قيادي» فأعني الرئيس القادر على إعادة صياغة الذهنية والثقافة، وهذا العمل ليس باليسير؛ لذا لا يمكننا الجزم بأن الحل سيأتي بمجرد رحيل الإدارة؛ لأن الثقافة ستبقى والرئيس القيادي المقتدر ماديا عملة نادرة، لكن المؤكد أن استمرار الإدارة الحالية لن يقود إلا إلى المزيد من الكوارث، والمؤكد أيضا أن أي شخص لديه تجربة إدارية في إحدى المنظومات الكبرى قادر على قيادة النادي بموارده المالية الحالية إلى وضع أفضل بكثير مما هو عليه!