المالكي يحذر من بقاء العراق في دائرة الخطر.. وعبد المهدي يتوقع انهيارا أمنيا

مصدر رسمي لـ «الشرق الأوسط» : اطلعنا على مخطط لعزل المنطقة الغربية عن العراق

TT

حذر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس من أن العراق لا يزال في «الدائرة الحمراء». من ناحية ثانية، كشف مصدر رسمي عراقي مطلع لـ«الشرق الأوسط» عن «وجود مخطط يقضي بعزل المنطقة الغربية من العراق تمهيدا لإقامة الإقليم السني من خلال تورط جهات إقليمية به».

وقال المالكي في كلمة ألقاها في حفل تأبيني أقيم في بغداد لمناسبة الذكرى السنوية لاغتيال المرجع الشيعي الراحل محمد محمد صادق الصدر، إن «العراق ما زال في الدائرة الحمراء والخطر». وأشار إلى أن «الطريق ما زال طويلا أمامنا ويحتاج إلى عمل إصلاحي تعبوي مستمر بالشكل الذي يضمن عدم العودة إلى الوراء وإلى الذين استرخصوا الدماء وقتلوا الرجال والمراجع». وأضاف المالكي في كلمته أن «أحدا لم يتقدم الآن بكلمة إدانة لكل هذه الجرائم البشعة التي استهدفت مراجع المسلمين بل يعملون لها ويفتخرون أنهم يحملون أفكار تلك المدرسة»، معتبرا أنه من الضروري العمل على منع «عودة الماضي بكل أشكاله والمحافظة على المنجز وتثبيته بشكله الصحيح والتطلع إلى أن نمتد عبر الزمن بحركة تصاعدية تكاملية».

من ناحية ثانية، كشف مصدر رسمي عراقي مطلع عما وصفه بـ«مخطط اطلعت عليه الجهات السياسية العليا ومبني على معلومات استخبارية دقيقة يسمى المرحلة الثالثة طبقا للمعلومات التي حصلنا عليها وتتمثل في سلسلة ضربات بدأت فعلا بالنخيب مرورا بكربلاء والرمادي والفلوجة وأخيرا بالحلة وربما مناطق أخرى في الأيام المقبلة». وحسب المصدر فإن هذا المخطط «يستهدف تقسيم البلاد من خلال هذه الضربات التي أخذت كلها بعدا طائفيا واضحا». وأوضح المصدر أنه «في الوقت الذي فقد فيه تنظيم القاعدة الكثير من مصادر قوته فضلا عن الأمكنة التي كان يتحصن بها، إلا أنه لا يزال يشكل خطرا نظرا لتحالفاته واستعداده للقيام بأدوار مختلفة طبقا للحاجة والظرف».

يذكر أن القيادات العراقية كانت قد ركزت خلال الفترة القليلة الماضية، وتحديدا منذ حادثة النخيب التي وقعت خلال شهر أغسطس (آب) الماضي والتي أخذت بعدا طائفيا واضحا من خلال إقدام مجموعة مسلحة مجهولة الهوية حتى الآن على إعدام 22 مسافرا شيعيا من كربلاء إلى سوريا، على ما كانت قد حذرت منه في السابق من وجود مؤامرة ترقى إلى انقلاب عسكري طبقا لما أعلنه المالكي في تصريح تلفازي. وبينما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن حادثة النخيب فإن الجهات الرسمية العراقية قد وجهت أصابع الاتهام إلى تنظيم القاعدة، غير أن العناصر التي تم اعتقالها ومنهم من ينتمي إلى هذا التنظيم أثبتت التحقيقات التي أجريت معهم في كل من كربلاء وبغداد والرمادي عدم مسؤولية أي منهم عن هذه الحادثة، وهو ما عزز كثيرا لدى المصادر العراقية لا سيما الاستخبارية منها من نظرية المؤامرة من خلال توجيه الاتهامات إلى بعض دول الجوار بالضلوع في مخطط يهدف إلى تقسيم العراق من خلال تشجيع إقامة إقليم الأنبار، وهو ما باتت تعارضه القيادات الشيعية التي سبق لها أن تبنت مخططا مماثلا لإعلان البصرة إقليما فيدراليا. وعلى الرغم من الزيارات التي قام بها شيوخ من عشائر الأنبار والموصل إلى كربلاء لتقديم التعازي بضحايا حادثة النخيب، فإن هذه الحادثة لا تزال تلقي بظلالها الكثيفة على المشهد السياسي العراقي خصوصا مع تزايد عمليات الاستهداف بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة في كل من محافظتي كربلاء والحلة.

يذكر أن المالكي كان قد حذر خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي من أن العراق ما زال في دائرة الخطر «ودعا جميع شركائه السياسيين إلى مواجهة ذلك والتصدي له». غير أن التطورات اللاحقة للأحداث عمقت من الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد عقب فشل عدة اجتماعات سياسية عقدت في منزل الرئيس العراقي جلال طالباني من حصول تقارب بين القائمة العراقية التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، وائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي بسبب الخلافات الحادة حول مفهوم الشراكة الوطنية وتنفيذ اتفاقيات أربيل التي عقدت العام الماضي وتشكلت بموجبها الحكومة الحالية التي لا تزال تفتقر إلى حقيبتي الدفاع والداخلية.

من جهته، دعا زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم العراقيين إلى ما سماه «التلاحم والتوحد والتحول إلى فريق واحد لمواجهة التحديات التي تواجه العراق والمنطقة والدول الإسلامية». وقال في كلمته خلال الحفل التأبيني إن «هذه التحديات التي قد تكون أمنية أو ثقافية أو سياسية لا تعالج إلا من خلال الوحدة والتنازل عن المصالح الشخصية ومراعاة المصالح العامة لأبناء الشعب العراقي». غير أن نائب الرئيس العراقي السابق عادل عبد المهدي ذهب بعيدا حين حذر من احتمال وقوع «كارثة أمنية وتراجع خطير في الملف الأمني في العراق». وقال عبد المهدي في بيان له تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن الهدف من التفجيرات الأخيرة «هو إثارة الفتنة الطائفية في البلاد». وأضاف البيان أن «وقوع مثل هذه الجرائم وبشكل يكاد يكون متواصلا يؤكد بشكل قاطع ما أشرنا أليه سابقا من وجود تراجع أمني خطير وثغرات في المنظومة الأمنية للبلاد تنذر بكوارث جديدة إذا لم تتم معالجتها على النحو المطلوب وبشكل عاجل». ودعا القيادي البارز في المجلس الأعلى «الحكومة والأجهزة الأمنية إلى ضرورة إيقاف مسلسل التداعي الأمني الخطير وتوفير بيئة آمنة للمواطنين الذين أرهقتهم معاناتهم في جوانب الحياة الأخرى».