طنطاوي: شهادتي في قضية مبارك «شهادة حق».. ومصر لن تسقط وسنعبر بها للاستقرار

سخر من التعليقات حول ارتدائه زيا مدنيا.. وجدد بجولة ميدانية جدلا حول بقاء الجيش في السلطة

المشير محمد حسين طنطاوي القائد العام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر يصافح أحد العاملين في مجمع إنتاج الكيماويات بمحافظة الفيوم خلال افتتاح المرحلة الثانية أمس (أ.ب.أ)
TT

أكد المشير محمد حسين طنطاوي القائد العام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر، أن شهادته أمام المحكمة يوم 24 سبتمبر (أيلول) الماضي في قضية قتل المتظاهرين المتهم فيها الرئيس المصري السابق حسني مبارك ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، «شهادة حق أمام الله»، قائلا في تصريحات صحافية أمس إنه «لم يطلب أحد من الجيش إطلاق النار على المتظاهرين خلال ثورة (25 يناير)».

وفي أول جولة ميدانية رسمية من نوعها يقوم بها المشير طنطاوي منذ تسلم المجلس العسكري السلطة بشكل مؤقت في البلاد، عقب تنحي مبارك عن السلطة في 11 فبراير (شباط) الماضي، قام المشير يرافقه الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء ووزراء الكهرباء والبترول والبيئة والزراعة والإنتاج الحربي وعدد من قيادات القوات المسلحة، أمس، بافتتاح المرحلة الثانية من مجمع إنتاج الكيماويات بمحافظة الفيوم (جنوب غربي القاهرة على بعد 92 كم).

وجددت جولة المشير الجدل السياسي بشأن شكوك حول إمكانية أن تدفع المؤسسة العسكرية بأحد أبنائها للترشح على منصب الرئاسة، على الرغم من تأكيد السلطات المحلية أن الجولة تأتي ضمن الاحتفالات بذكرى انتصارات السادس من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973، التي شهدت تحقيق الجيش المصري نصرا على إسرائيل التي احتلت شبه جزيرة سيناء في عام 1967.

وانقسم مراقبون حول المغزى السياسي لجولة المشير؛ وبينما يرى مراقبون أن جولة المشير لها أبعاد سياسية، خاصة بعد ظهوره قبل عدة أيام في جولة بوسط العاصمة المصرية مرتديا الزى المدني، مشيرين إلى أن جولاته قد تكون مؤشرا على رغبة المجلس في لعب دور أكبر في مستقبل البلاد خلال المرحلة المقبلة، وربما التنافس على منصب الرئاسة، استبعد سياسيون هذا الأمر، قائلين إن «المشير أراد بحكم منصبه كرئيس مؤقت توجيه رسالة للعالم، أن الحكومة الجديدة تملك القدرة على تحقيق إنجازات.. وأن البلاد بدأت تتعافى».

واعتاد الرئيس المصري السابق أن يرتبط ظهوره قبل احتفال البلاد بالمناسبات الرسمية، بافتتاح مشروعات أو طرق.

وكان المشير قد افتتح المرحلة الثانية من المنطقة الصناعية بالفيوم، وتضمنت مصنع إنتاج الشبَّة السائلة بطاقة إنتاجية 200 ألف طن، ومصنع إنتاج الأسمدة المركبة بطاقة إنتاجية 150 ألف طن، ومصنع إنتاج حامض الفسفوريك بتركيز 50% بطاقة إنتاجية 100 ألف طن سنويا.

وقال المشير على هامش جولته: «إحنا لم يطلب منا ضرب نار ولا عمرنا هنضرب نار»، مضيفا أن المهام الأساسية للقوات المسلحة هي الدفاع عن البلاد ضد أي عدوان خارجي، مشيرا إلى أن الدستور حدد مهام القوات المسلحة تجاه الوطن والشعب، قائلا: «نحن نقاتل من أجل الله ومصر وليس من أجل أحد منذ 40 عاما».

وأكد طنطاوي أنه لا بد من تضافر جهود القوات المسلحة والشعب ومقاومة أي عدائيات غرضها النيل من مصر، موضحا أن أقصى ما يمكن الآن أن تبذله القوات المسلحة هو الخروج بمصر لبر الأمان وأن تتكاتف الجهود من أجل تنمية الاقتصاد، مشددا على ضرورة العمل، ومنتقدا ازدياد الاعتصامات التي تعطل عجلة الإنتاج.

وأضاف المشير: «مصر لن تسقط ولن نتركها تسقط، ولن نسمح بأن يحدث شيء لمصر؛ فهي محنة نمر بها الآن»، مؤكدا رفضه التام أن تكون مصر مثل الدول الأخرى، قائلا: «إننا نصبر حتى لا يتم تشويه صورة مصر».

وطالب المشير المواطنين بالعمل والإنتاج ودفع عجلة التنمية للأمام، بدلا من الاستماع إلى هواة الكلام والحديث عن ارتداء ملابس جديدة أو قديمة، في إشارة إلى من انتقدوه، بارتدائه «بدله مدنية» وصفوها بأنها «شيك»، وقال المشير: «هل كانوا يريدون ارتدائي (بدلة مقطعة)».

من جانبه، يرى الدكتور سعيد اللاوندي الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، أن جولة المشير طنطاوي لا تحمل بعدا سياسيا على الإطلاق، وأن ما قام به يدخل ضمن عمله الأساسي كرئيس مؤقت لمصر باعتباره رئيسا للمجلس العسكري الحاكم. وقال اللاوندي لـ«الشرق الأوسط»: «كثرت التكهنات مؤخرا عندما نزل المشير في منطقة وسط القاهرة ولم يرتد الزى العسكري، بأنه سوف يرشح نفسه أو نائبه الفريق سامي عنان للرئاسة»، لافتا إلى أن كل هذه التكهنات لا أساس لها من الصحة؛ لكنها تعكس قلق البعض من أن مصر لا يوجد فيها قيادة سياسية.

واستبعد الدكتور حسن أبو طالب الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية بالقاهرة، أن يكون لجولة الفيوم بعد سياسي، بقوله: «لا أتصور ذلك، لأن المشير الآن يمثل السلطة التنفيذية التي قامت بإنجاز بعض المشروعات التي تهم المواطنين»، لافتا إلى أن المشير أراد في جولته أن يوجه رسالة للعالم، بأن المجتمع والاقتصاد المصري بخير، وأن الحكومة لديها إنجازات تهم العاملين في الدولة والمواطنين.. «المشير أراد أيضا إلقاء ضوء أكثر على التحسن النسبي للأداء الاقتصادي». في المقابل، لم يستبعد حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أن يكون للزيارة بعد سياسي، قائلا: «أعتقد أن الجولة تحمل دلالات سياسية بشأن نوايا المشير بترشيح نفسه للرئاسة»، مدللا على ذلك بأن منصب رئيس الدولة سوف يكون متاحا للتنافس وبالتالي من حق المشير الطبيعي الترشح للرئاسة مثل باقي المرشحين المحتملين.

وقال أبو سعدة لـ«الشرق الأوسط» «أعتقد أن زيارة المشير لميدان التحرير ونزوله في أحد شوارع وسط القاهرة، وافتتاحه بعض المشروعات، هي محاولات لخلق أرضية شعبية جماهيرية له، وهذا مشروع»، لافتا إلى أن «مطلبنا الرئيسي قبل الثورة وبعدها، هو أن يكون هناك حرية تنافس على منصب رئيس الدولة، وأن يكون في النهاية الاختيار للشعب في انتخابات حرة نزيهة».