شهر العسل انتهى.. واليورو يفقد بريقه في سلوفاكيا

حلموا بالرفاه بعد خروجهم من الشيوعية وانتهوا إلى دفع مرتباتهم لإنقاذ اليونان

TT

يشبه جاكوب فرانشيسكي، مالك مطعم سان مارتن في المدينة القديمة في براتسلافا، تبني اليورو بالزواج، فيقول فرانشيسكي، (33 عاما)، الأعزب، على مائدة الغداء في مطعمه في العاصمة السلوفاكية: «عندما تتزوج تعتقد أن شريكك هو أفضل إنسان في الوجود، لكنك تكتشف بعد فترة من الوقت أنه شخص آخر، هنا يكون شهر العسل قد انتهى، لكن على الرغم من ذلك ستظل مرتبطا بالشريك في السراء والضراء». هذا هو الحال بالنسبة اليورو الذي فقد بريقه لدى أحدث أعضاء منطقة اليورو، أصحاب الاقتصادات الأسرع نموا والأقل دينا لما كان يفترض أن تكون عليه المنطقة قبل حلول الكارثة. ربما يكون شهر العسل لدول الاتحاد السوفياتي السابق التي استقلت وكانت تحلم بالرفاه في ظل انضمامها إلى منطقة اليورو - قد انتهى مبكرا، وتعيش الآن مأساة النضال لتسديد التزاماتها تجاه إنقاذ اليونان. وبعد أقل من ثلاث سنوات من سلوفاكيا اليورو، كان عليها أن توافق على توسيع صندوق الاستقرار المالي الأوروبي، حيث تناضل رئيسة الوزراء السلوفاكية، أيفيتا راديكوفا، لكسب دعم كل شركاء التحالف الآخرين للفوز بتمويل نصيبها من التوسيع. ويتوقع أن يجرى التصويت في 11 أكتوبر (تشرين الأول) بعد أن فشل اجتماع الأمس في التوصل إلى اتفاق. وقد دعم الإستونيون، الذين انضموا إلى العملة الموحدة في الأول من يناير (كانون الثاني)، بعد اعتماد الكرون لمدة 18 عاما بعد الاستقلال عن الاتحاد السوفياتي السابق، خطة توسيع صندوق إنقاذ الاتحاد الأوروبي بـ59 صوتا من أصل 101 دعموه في 29 سبتمبر (أيلول). وأمام المجلس التشريعي، وقف اثنا عشر محتجا في 27 سبتمبر خلال مناقشة خطة الاستقرار المالي الأوروبي، حاملين لافتات كتب عليها «إستونيا، مرحبا بك على ظهر تيتانيك». وربما تكون مساهمتها بسيطة مقارنة بدولة ألمانيا ولكنها تيسر المتاعب بالنسبة للمواطنين السولفاك. وقد التزمت ألمانيا بتقديم النصيب الأكبر في إنقاذ اليونان وآيرلندا والبرتغال، لتكون أكبر مساهم في توسيع صندوق الاستقرار المالي الأوروبي بضمانات تبلغ 27 في المائة من الصندوق الذي يبلغ إجمالي مبالغه 780 مليار يورو (1.04 تريليون دولار). وستقدم سلوفاكيا 7.7 مليار يورو للصندوق، أو 1 في المائة، في الوقت الذي تعهدت فيه إستونيا بملياري يورو أو 0.3 في المائة، بحسب الاتفاقية. ويبدو أن منطقة اليورو تواجه معارضة من الدول الأصغر حول تسديد التزامات الإنقاذ، ومن المحتمل أن تبدد هذه المعارضة جهود الحكومات بتطوير أعمال اتحاد العملة ووقف الأزمة. وعلى الرغم من تعبير وزير المالية السلوفاكي إيان ميكلوس، عن أمله موافقة البرلمان على خطة صندوق الاستقرار المالي الأوروبي، فإن خطط تقديم آلية إنقاذ دائمة العام القادم يتوقع أن تتطلب موافقة المشرعين. ويقول جابور ناغيفيدجي، (34 عاما)، في تعليقات لوكالة «بلومبرغ»، الذي يعمل لدى شركة كومبيوتر في دونجاسكا سترادا في سلوفاكيا: «قبل عامين كان الانضمام إلى منطقة اليورو يعني علامة الجودة، لكن الأمر مختلف الآن. فما يحدث الآن أمر يثير الشفقة فالدول الفقيرة مثل سلوفاكيا لا ينبغي أن تسهم في إنقاذ الدول الغنية»، وعندما بدأت اليونان إنفاق المساعدات التي تأتي مع عضوية الاتحاد الأوروبي عام 1981، كانت سلوفاكيا وإستونيا لا يزالان أمامهما تسع سنوات للانعتاق من قيد الشيوعية. ويبلغ معدل الراتب الشهري في إستونيا 792 يورو حتى الربع الثاني من العام، بينما بلغ 781 يورو في سلوفاكيا، اعتمادا على البيانات التي تم الحصول عليها من مكاتب الإحصاءات الوطنية. وفي اليونان، كان أدنى متوسط للدخل الشهري، في الأول من يناير (كانون الثاني) 863 يورو، بحسب إحصاءات «يوروستيت». وتقول بيرت بنت، (33 عاما)، أم لطفلين والتي تدير شركة لخدمات الطعام في تالين: «يمكننا أن نقوم بما هو أفضل من منح الأموال لليونان والدول الأخرى التي بددت أموالها والتي تحظى بمستوى رفاهية أعلى من هنا. أنا غاضبة بطبيعة الحال من دعم إستونيا هذه الدول ويمكننا بهذه الأموال أن نزيد من مستوى دعم أطفالنا أو المعاشات». وقد نما الاقتصاد السلوفاكي الذي تقوده الصادرات مثل (فولكس فاغن إيه جي)، منذ أن انفصلت عن جمهورية التشيك، في عام 1993، بمعدل سنوي بلغ 3.3 في المائة في الربع الثاني. وعلى الرغم من تباطؤ النمو الذي بلغ 3.5 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، فإنه لا يزال ضعف سرعته في باقي منطقة اليورو. وقد بلغ دين الدولة 41 في المائة من المنتج الاقتصادي في نهاية 2010 بحسب الإحصاءات الواردة من «يوروستيت»، في لوكسمبورغ. في المقابل، بلغت ديون اليونان 43 في المائة أكبر من حجم اقتصادها بنهاية العام الماضي وتتوقع الحكومة أن يرتفع ليصل إلى 62 في المائة بنهاية العام الحالي. وسوف يتقلص الاقتصاد اليوناني للعام الرابع على التوالي في 2012، لينكمش بنسبة 5 في المائة خلال العام الحالي و3 في المائة خلال العام القادم، بحسب توقعات صندوق النقد الدولي الشهر الماضي. وستبلغ عائدات السندات الحكومية أجل 10 سنوات 23.1 في المائة، مقارنه بـ4.32 في المائة على السندات السلوفاكية المستحقة في عام 2020. وقال فرانشيسكي، صاحب مطعم براتيسلافا: «لقد سئمت مشاهدة ضعف قادة اليورو على إصلاح الموقف، إنهم يريدون من الدول الفقيرة مثلنا تسديد ديونهم، أليس ذلك مدعاة للسخرية؟! ينبغي لليونان أن تعلن إفلاسها وأن تعود إلى الدراخمة». وفي إستونيا، يبرز سجل النتائج الاقتصادية ما هو أكثر من ذلك، على الرغم من أن دولة البلطيق لا تزال أفقر دولة في منطقة اليورو، بناء على نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بعد ثاني أعمق ركود في الاتحاد الأوروبي 2008 - 2009، فالاقتصاد البالغ قيمته 19 مليار دولار هو الأسرع نموا في دول أعضاء الاتحاد الأوروبي في الربعين الأول والثاني، بنسبة بلغت 9.5 في المائة و8.4 في المائة عن العام السابق. وكان الدين العام الأقل في الاتحاد الأوروبي العام الماضي، حيث بلغت نسبته 6.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي والدولة الوحيدة التي حققت فائضا في الميزانية بين أعضاء منطقة اليورو. ولا تملك أي سندات حكومية. ويرى جانوس ميك، رئيس شركة «نارفا غيت» للتطوير العقاري على الحدود الشرقية لإستونيا مع روسيا، أن اليورو كان جيدا بالنسبة للدولة، لأن العملة قادرة على أن تظهر للمستثمرين كيف أنها لم تعتمد على الدين وحافظت على الإنفاق داخل حدود معقولة. وقال ميك، (48 عاما)، من مكتبه في نارفا: «إذا حافظت منطقة اليورو على تماسكها فسيكون ذلك جيدا بالنسبة لنا، وإذا لم يكن هناك خيار آخر سوى الانقسام إلى فريقين أو التخلي عن بعض الدول، فربما لن نتعرض لضرر بالغ بقدر الدول الكبيرة التي كانت تدعم اللامبالاة في الإنفاق». وقد أكد وزير المالية جورغين ليغي إن إستونيا تختلف عن سلوفاكيا في ما يتعلق باليورو. وقال الوزير للمشرعين الإستونيين في تالين خلال المناقشة التي أجريت في 27 سبتمبر حول صندوق الاستقرار: «نحن نميل لأن نكون في معسكر مختلف، فسياسة ميزانيتنا أكثر قوة وشكوكنا نحو اليورو أضعف بكثير. فنحن لم ننتقد أوروبا على الإطلاق كما نسمع منهم».