قوات المجلس الانتقالي الليبي تدخل وسط سرت

تكلفة معركة السيطرة عليها باهظة في صفوف المدنيين

TT

شقت قوات الحكومة الليبية طريقها شارعا تلو الآخر لتدخل وسط سرت مسقط رأس معمر القذافي أمس، بعد أن قال قادة ميدانيون إن معركة السيطرة على المدينة دخلت ساعاتها الأخيرة.

والسيطرة على سرت لها أهمية رمزية كبيرة للحكام الجدد في ليبيا، لأن ذلك سيعني السيطرة على أكبر جيب مقاومة موال للقذافي وسيسمح للحكومة المؤقتة بإجراء عملية انتخابات ديمقراطية. وكانت تكلفة المعركة للسيطرة على المدينة باهظة في صفوف المدنيين. فقد تقطعت بهم السبل بفعل القتال مع تضاؤل إمدادات الغذاء والمياه وعدم توافر منشآت طبية مناسبة لعلاج الجرحى.

وخفت حدة نيران المدفعية الثقيلة والقذائف الصاروخية من جانب الموالين للقذافي ضد مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي عند أطراف المدينة أمس، مما سمح للقوات الحكومية بالتقدم.

وقال عادل الحاسي، وهو قائد محلي لقوات المجلس الوطني الانتقالي الليبي، «أكثر من نصف المدينة يخضع الآن لسيطرة الثوار. وخلال يومين ستكون سرت حرة بإذن الله».

وقالت مراسلة لـ«رويترز» قرب وسط سرت، إن بإمكانها سماع دوي قذائف المورتر وهي تسقط قرب مواقع مقاتلي المجلس الانتقالي، لكن القوات الموالية للقذافي لجأت الآن إلى استخدام الأسلحة الصغيرة مع تحول القتال إلى حرب شوارع.

وتقدمت قوات المجلس الانتقالي إلى حي الحكومة في سرت الذي يضم مجموعة من الفنادق الفاخرة والفيلات ومراكز المؤتمرات، حيث اعتاد القذافي استضافة الزعماء الأجانب.

وتمركزت مجموعة من المقاتلين المناهضين للقذافي في فندق فاخر على ساحل البحر المتوسط، استخدمته ستارا لإطلاق النار على الموالين للزعيم المخلوع في منطقة سكنية تقع على بعد نحو 300 متر. وقال هؤلاء المقاتلون إن الفندق الذي أقيم خصيصا للقذافي وضيوفه به تجهيزات فارهة. غير أن آثار طلقات الرصاص والقذائف الصاروخية باتت واضحة الآن على المبنى. وينتشر حطام الزجاج على الأرض وتوجد بقع دماء على درج الفندق.

وقال قائد آخر بقوات المجلس الانتقالي في المدينة ويدعى العقيد أحمد العبيدي «لم نسيطر على وسط مدينة سرت حتى الآن. ما زالت توجد اشتباكات في الشوارع. لديهم بعض مدافع المورتر وإن كانت ليست كثيرة. وما زال لديهم قناصة».

وحذرت وكالات المساعدات الدولية من كارثة إنسانية تحدث داخل سرت. وقال مسؤولون بهذه الوكالات إن المصابين يموتون داخل المستشفى لعدم تلقيهم العلاج المناسب، بينما يصاب السكان بالمرض نتيجة سوء التغذية وتلوث مياه الشرب.

وقال روبرت لانكناو، وهو عامل إغاثة لدى منظمة «أطباء بلا حدود»، إنه يعمل في مستشفى ميداني قرب سرت كان يعالج يوميا ما يصل إلى 100 مدني من الفارين من القصف.

وصب بعض السكان في سرت جام غضبهم على حلف شمال الأطلسي وقالوا إن طائرات الحلف تقصف الأحياء السكنية بالمدينة.

وقال متحدث باسم حلف «الأطلسي» إن طائرات الحلف لم تنفذ أي غارات على سرت منذ مطلع الأسبوع وإنها ملتزمة بالتفويض الممنوح لها بحماية المدنيين. وتابع المتحدث رولاند لا فوي في بيان «الوضع بالغ الصعوبة ويبدو أنه مربك بالنسبة للسكان المدنيين في سرت في هذه اللحظة».

وقال «تحلق طائرات حلف (الأطلسي) على ارتفاع منخفض، وبينما لا تقوم بالقصف أثناء القتال المتلاحم في المدينة فإنها تنفذ دائما مهام مراقبة واستطلاع لمتابعة الوضع».

وفي الطرف الغربي من سرت، كان وفد من اللجنة الدولية للصليب الأحمر ينتظر توقف القتال وموافقة من الجانبين لإرسال قافلة من شاحنتين تحملان إمدادات.

وقال هشام خضراوي، المسؤول باللجنة الدولية للصليب الأحمر «نحن قلقون على السكان المدنيين. اهتمامنا الرئيسي هو رعاية الجرحى والمرضى. نريد أن نتأكد من حصولهم على الرعاية المناسبة».

وقال «نحاول مرة أخرى القيام بعملية أخرى للإغاثة. أجرينا حوارا مع جميع الأطراف في الصراع وهم يؤكدون لنا تأييدهم».

وقرب الموقع الذي توقفت عنده قافلة الصليب الأحمر، تمركزت دبابتان تابعتان للمجلس الانتقالي وأطلقتا قذائف على المدينة، مما أثار سحابة من التراب وهز الأشجار القريبة. وشوهدت على مسافة أبعد أعمدة الدخان تتصاعد.

ولا يوجد ما يشير إلى أن الموالين للقذافي يردون بأسلحة ثقيلة. وربما يعود ذلك إلى قصف مواقعهم على مدى أيام من جانب مدفعية قوات المجلس الانتقالي المدعومة بغارات طائرات حلف «الأطلسي».

ولم تعد هناك عربات مدنية تغادر المدينة على عكس الأيام السابقة عندما كانت مئات الأسر تغادر سرت بحثا عن ملجأ أمن.

ويقول المجلس الانتقالي إنه أخر تقدمه النهائي نحو سرت إلى أن يغادرها كل المدنيين الذين يريدون الخروج منها.