أمين عام الناتو: مهمة الحلف في ليبيا نجحت بفضل القدرات الأميركية «المتفردة والأساسية»

وزراء «شمال الأطلسي» بحثوا في بروكسل الدفاع الذكي والتحديات الجديدة وتنمية القدرات

TT

قال أندرس فوغ راسموسن، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، إن نجاح مهمة الناتو في ليبيا لم تكن لتتحقق لولا القدرات والإمكانات التي وفرتها الولايات المتحدة، والتي تمثلت خاصة في وسائل المراقبة والمعلومات والطائرات من دون طيار، مشيرا إلى أن «نجاح العملية ارتبط بالقدرات المتفردة والأساسية التي لا توفرها إلا الولايات المتحدة».

وبين راسموسن، في كلمة ألقاها على هامش اجتماعات وزراء الدفاع في دول حلف الشمال الأطلسي (ناتو)، التي انطلقت أمس، وتتواصل اليوم أيضا، أنه على الحلف أن يكون مستعدا للتحرك بسرعة وفعالية تجاه التحديات الجديدة، وأن تتوافر مجموعة من القدرات الذاتية داخل الدول الأعضاء من أجل تحقيق ذلك. وأكد راسموسن أن الناتو وشركاءه حققوا نجاحا في دعم موقف الأمم المتحدة في ليبيا، وأنهم أنقذوا حياة الكثيرين، وساعدوا الشعب الليبي على تولي تسيير شؤونهم بأنفسهم «بعيدا عن مخالب العقيد معمر القذافي»، مشيرا إلى أن هذا النجاح يشجعهم على البقاء في ليبيا، حسب طلب المجلس الانتقالي الليبي، وبالتالي سيواصلون مهمتهم حتى تنتهي الحاجة إليهم.

وأعلن راسموسن، في مؤتمر صحافي أمس، أن إنهاء العمليات في ليبيا غير مرتبط بإلقاء القبض على القذافي، وقال إن «الحلف لم يهدف أبدا إلى القبض على أشخاص معينين، وتمثلت مهمتنا في الحفاظ على أمن المدنيين»، موضحا أن السلطات الليبية الجديدة هي التي ستقوم بالبحث عن القذافي وتقرير مصيره. كما أكد راسموسن أن الحلف ليست لديه أي نية للتدخل في سوريا أو أي دولة أخرى بعد إنهاء عملياته في ليبيا. وأوضح أن الناتو تدخل في ليبيا لوجود تفويض واضح من الأمم المتحدة، وتأييد قوي من المنطقة، ولكن ليس ثمة أي من هذه الشروط بالنسبة لسوريا أو أي دولة أخرى.

وحول نظام الدفاع الصاروخي، قال راسموسن إن بولندا ورومانيا وتركيا وافقت على استضافة المكونات الرئيسية لنظام الدفاع الصاروخي، مشيرا إلى أن الحلف يعتزم الإعلان في قمة شيكاغو، التي ستعقد في مايو (أيار) المقبل، عن امتلاكه لقدرة القيام بعمليات مؤقتة للدفاع عن أراضي الحلفاء ضد الصواريخ، يصبح بعدها قادرا على استقبال إنذار مبكر بشأن الهجمات الصاروخية الموجهة ضده. وفي معرض حديثه عن أفغانستان، قال راسموسن إن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح نحو انتقال السلطة، وإن الحكومة الأفغانية توفر الأمن لربع السكان في الوقت الحالي، وإن الناتو يأمل في انتهاء مهمته في أفغانستان سنة 2014، لكنه تدارك قائلا إن «التزامنا تجاه الشعب الأفغاني لن ينتهي مع ذلك التاريخ، وسنتحاور حول هذا الأمر في شيكاغو».

وتركزت المحاور التي بحثها وزراء دفاع الناتو حول التعاون المشترك بين مختلف دول الحلف، وتنمية القدرات والتحضير لمؤتمر شيكاغو. وطرح الاجتماع رؤى «طموحة وواقعية تعكس دور وقدرة الناتو على مواجهة حاجيات اليوم وتحديات المستقبل»، كما قال راسموسن. وشملت المباحثات والنقاشات أيضا محور الدفاع الذكي الذي يهدف إلى تحقيق الأمن بتكاليف أقل، وهو ما يروم الناتو تحقيقه عبر العمل المشترك بين مختلف الدول الأعضاء، وهذا ما يتطلب التعرف على المجالات التي يحتاج الناتو إلى مواصلة الاستثمار فيها.

وفي نهاية اجتماعات أمس، أعلن الأمين العام للناتو ورئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو، ووزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا، عن اتفاقية مشتركة حول تطوير القدرات.

وفي السياق نفسه، تحدث الجنرال ستيفان ابريال، قائد مشاريع التحولات في الناتو، عن أهم التغييرات التي وقعت في الحلف، وأهم الدروس المستفادة من عملياته في أفغانستان وليبيا، وقال إن أهم ما يجب العمل عليه مستقبلا هو تطوير القدرات والعمل في إطار ما يسمى «الدفاع الذكي»، والاستعداد لمواجهة كل أنواع التحديات.

وفي معرض رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول عملية الحلف في ليبيا، قال الجنرال ابريال إنه ومن خلال التجربة الليبية لم تواجه الدول أي مشاكل في مسألة التنسيق والتعاون بينها، فقد كان الانتقال في كل مرة من مرحلة إلى أخرى يتم بشكل سلس وباتفاق كامل بين مختلف الأعضاء. وأكد أبريال في مؤتمر صحافي سبق انطلاق اجتماعات الناتو، على أهمية العمل في إطار تعاون وشراكة بين كل الدول الأعضاء في الحلف، مشددا على تنمية وتطوير التعاون مع تجنب الالتزام بما هو أكبر من القدرات المتاحة للناتو.

وبين ضرورة فتح آفاق جديدة للتعاون خاصة في مجالات الدعم الطبي والجوي، مثل صيانة المروحيات والتزود بالوقود في الجو. وقال إن من متطلبات النجاح في مختلف المهمات تقاسم الرؤى الاستراتيجية، وتوفير معرفة وفهم ثقافي وجغرافي لمختلف مناطق العمل. وأشار الجنرال ابريال إلى أنه يتم العمل حاليا على أكثر من 150 مشروعا مشتركا في الناتو، منها مشاريع متفق عليها وأخرى مقترحات تتعلق بالتلوث، تتم دراستها، وصيانة الطائرات وبرامج التكوين والخدمات المختلفة. وقال ابريال إن الحلف يعمل وينسق بشكل كبير مع الاتحاد الأوروبي.

وبشأن التعاون مع المصنعين والشركات، قال إنهم يعملون مع 35 شركة كبيرة، ويسعون في الوقت الحالي إلى إيجاد الإطار المناسب للعمل مع الشركات المتوسطة والصغيرة داخل البلدان الأعضاء في الحلف. وحول مسألة الالتزام بالشراكة بين دول الحلف مع الحفاظ على السيادة، أكد الجنرال ابريال أنه من حق مختلف الدول أن تقول «لا أو نعم أو أريد استغلال سلاح ما لأمني الوطني». وأشار إلى أن التحدي الأهم أمام الناتو هو أن يكون مستعدا لمواجهة أي تغييرات ومفاجآت استراتيجية لأي عمليات محتملة، مذكرا بالربيع العربي وما حدث في ليبيا، وهي أحداث لم تكن متوقعة.

وأثيرت في أروقة الناتو أيضا العديد من القضايا المتعلقة بالتهديدات والتحديات التي يواجهها الحلف من قبيل اختراق مواقعه عبر الإنترنت. كما تشكل الهجمات الإرهابية هاجسا من الهواجس الأساسية، ويعتبرها الحلف خطرا يصعب تقدير حجمه.