«زهور الثورة» تتفتح على نصب الجندي المجهول

صارت تميمة العسكر وتنتظر رئيسا مدنيا العام القادم

TT

«زيارة لنصب الجندي المجهول ووضع باقات من الزهور على قبور الشهداء».. مشهد لا يزال حاضرا في ذاكرة المصريين، وفي ذاكرة رؤسائهم الذين كانوا يحرصون عليه، وينوعون مجالات الاحتفال به باعتباره رمزا وطنيا. لكن هذا المشهد الأثير فقدَ هذا العام طابعه البروتوكولي وتحول إلى مشهد سياسي، زاده تعقيدا الالتباسات التي تعيشها الحياة السياسية في مصر حاليا، خصوصا بعد الظهور الطاغي للآلة العسكرية في احتفالات هذا العام، حيث امتلأت سماء القاهرة بطلعات استعراضية للكثير من المقاتلات الحربية، ما فسره مراقبون بأنه استعراض لقوة الجيش الحاكم، وتأكيدا لحضوره على الساحة السياسية.

فعبر ثلاثين عاما كانت زيارة الرئيس السابق حسني مبارك للنصب التذكاري في ذكرى احتفالات أكتوبر تعد تجديدا سنويا لشرعية حكمه المستمد من نصر أكتوبر، فمبارك رابع رؤساء مصر لم يستمد شرعيته من ثورة 1952 كسابقيه، بل استمدها مباشرة كونه قائد القوات الجوية المصرية في حرب أكتوبر 1973، وكان مشهد وضع مبارك إكليل الزهور على قبر الجندي المجهول يمر هادئا ودون إثارة تساؤلات، لكن هذا العام بدا مشهد وضع الزهور على قبر الجندي المجهول ملتبسا إلى حد كبير، فالمشير طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الحاكم في مصر)، تقدم صباح أمس لوضع باقة الزهور بينما لا يزال الجدل في الشارع المصري مستعرا حول نية المجلس البقاء في الحكم من عدمه.

وكانت زيارة مبارك للنصب التذكاري تعد بداية لاحتفالات نصر أكتوبر في مصر، حيث كان يعقبها احتفالات فنية من بطولة نجوم الفن المصريين، يحضرها الرئيس السابق وكبار رجال الدولة، وهو ما كان يعد احتفالات شعبية فنية أكثر منها عسكرية، حيث لم يكن هناك وجود للعروض العسكرية.

وشهدت الأيام القليلة الماضية ارتباكا وقلقا في أوساط الناشطين المصريين تجاه استمرار المجلس العسكري في الحكم، بدءا من ظهور المشير طنطاوي بملابسه المدنية في أحد شوارع القاهرة، وحتى إقدامه منذ أيام على افتتاح مشاريع وطرق، وهو ما عده مراقبون بداية لممارسة المشير لمهام رئيس الجمهورية.

وبالإضافة إلى وجود المعدات العسكرية للجيش المصري في الشارع منذ الثامن والعشرين من يناير (كانون الثاني) الماضي، فإن احتفالات هذا العام شهدت ولأول مرة بُعدا عسكريا إلى حد كبير، حيث فضلت القوات المسلحة هذا العام الاحتفال بذكرى انتصارات أكتوبر من خلال عروض جوية عسكرية، حيث سيطرت المقاتلات المصرية العسكرية على سماء مصر في القاهرة والجيزة وعدة مدن رئيسية أخرى بمحافظات الدقهلية والشرقية والغربية والإسماعيلية والسويس وبورسعيد والفيوم وبني سويف والمنيا، وشاركت مختلف أنواع طائرات سلاح الجو المصري بالكثير من التشكيلات والعروض الجوية.

وبينما دعت قوى سياسية لمليونية يوم الجمعة 7 أكتوبر (تشرين الأول) في ميدان التحرير، تطالب بتحديد جدول زمني لتسليم المجلس الأعلى حكم البلاد إلى السلطة المدنية المنتخبة، حيث أبدت اعتراضها على ما تضمنه البيان الذي انتهى إليه اجتماع الفريق سامي عنان، نائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، رئيس الأركان، مع ممثلي الأحزاب المصرية، دعا المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الأربعاء، الشعب المصري للاحتفال مع القوات المسلحة بالذكرى الـ38 لحرب أكتوبر، في ميدان التحرير وأمام نصب الجندي المجهول وفي مختلف ميادين مصر. ووجّه المجلس من خلال رسالته السادسة والسبعين على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» رسالة إلى الشعب المصري قدم فيها التهنئة للشعب بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر، داعيا الشعب المصري لمشاركة القوات المسلحة في الاحتفالات التي ستقام يوم السادس من أكتوبر في ميدان التحرير ونصب الجندي المجهول والميادين الرئيسية.