اليمن: قتلى وجرحى في تعز.. ونائب الرئيس يكشف عن مقتل أجانب في أبين

قيادي في الحزب الحاكم: المجتمع الدولي يرى الحل من خلال الحوار وصولا إلى انتخابات رئاسية مبكرة

أحد رجال القبائل ينظر إلى صور لقتلى تتهم المعارضة السلطات اليمنية بقتلهم أثناء مسيرات مطالبة برحيل النظام في اليمن (إ.ب.أ)
TT

كشف نائب الرئيس اليمني، الفريق عبد ربه منصور هادي، عن أن أجانب قتلوا في المواجهات التي تدور في محافظة أبين، بجنوب البلاد، في الوقت الذي سقط قتلى وجرحى في هجوم عنيف للقوات الحكومية على مدينة تعز في جنوب غربي البلاد.

وقال هادي إن محافظة أبين، التي ينتمي إليها، تحولت إلى مكان لتجمع «شراذم من تنظيم القاعدة» قدموا إليها من عدة بلدان عربية وإسلامية، وذلك لغرض إقامة «كيان أو إمارة إسلامية» في المحافظة، ودلل هادي على صحة أقواله باكتشاف مقتل باكستانيين وشيشان، أول من أمس، في أبين، واعتبر ذلك «دليلا على هذا التجمع في أماكن بعيدة»، وقال، خلال لقائه السفير الفرنسي في صنعاء، الذي انتهت مهامه في صنعاء، إن المعركة ضد «القاعدة» «ستكون الحاسمة، وفرصة تجمعهم ستكون خاتمة العمل الإرهابي في اليمن».

على الصعيد ذاته، قالت مصادر محلية في مديرية لودر بمحافظة أبين، لـ«الشرق الأوسط»، إن عبوة ناسفة انفجرت، أمس، في سيارة تتبع ملتقى شباب لودر، الذين يحاربون عناصر تنظيم القاعدة في المديرية، وتمكنوا من طردهم من المديرية الأسابيع القليلة الماضية، وذكرت المصادر أن الانفجار وقع أمام مستشفى لودر العام وأسفر عن مقتل شخصين، على الأقل، وإصابة عدد آخرين، ويعتقد المراقبون أن الحادث جاء كرد فعل انتقامي من عناصر «القاعدة» هناك ضد شباب الملتقى.

وتتواصل المواجهات في أبين بين القوات الحكومية المكونة من عدة ألوية عسكرية، وبين عناصر تنظيم القاعدة المنتشرين في أكثر من مدينة، على مدى الأشهر القليلة الماضية، وتحاول القوات الحكومية في الوقت الراهن تمشيط مدينة زنجبار، عاصمة المحافظة، وتطهيرها بشكل نهائي من جيوب عناصر «القاعدة»، حيث تؤكد المصادر أن مفاوضات تجري معهم لمغادرة المدن وتسليمها إلى مجالس أهلية.

في موضوع آخر، لقي ما لا يقل عن 8 أشخاص مصرعهم في هجوم عنيف للقوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح، فجر أمس، على مدينة تعز، وقالت مصادر حقوقية ومحلية لـ«الشرق الأوسط» إن قصفا عنيفا شهدته المدينة واستمر حتى الفجر، وذلك بواسطة الدبابات والمدفعية وغيرها من الأسلحة الثقيلة.

وقد أدى الهجوم على تعز، إلى ردود فعل غاضبة، حيث انطلقت مسيرة في «ساحة التغيير» بصنعاء فجرا، ثم تبعتها مسيرات ومظاهرات في تعز، وعدد آخر من المحافظات للتنديد بما يصفونه بـ«جرائم الحرس العائلي»، على حد وصفهم، في إشارة إلى الحرس الجمهوري الذي يقوده نجل الرئيس، العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح، وطالب المتظاهرون بمحاكمة الرئيس صالح وأركان نظامه وفي المقدمة أفراد عائلته الذين يمسكون بالأجهزة العسكرية والأمنية في اليمن.

إلى ذلك، يترقب اليمنيون إحالة ملف اليمن إلى مجلس الأمن الدولي لتنفيذ المبادرة الخليجية تحت «البند السابع»، بعد أن فشلت مساعي مستشار ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، جمال بن عمر، في التوصل إلى تسوية تدفع بالرئيس صالح إلى التوقيع على المبادرة وآليتها التنفيذية.

وفي السياق ذاته، رفض قيادي في الحزب الحاكم اليمني إحالة ملف اليمن إلى مجلس الأمن الدولي، وقال عبد الحفيظ النهاري، نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المؤتمر الشعبي العام: «إن جهود المجتمع الدولي قد أثمرت في تقريب وجهات النظر، وتحتاج إلى مزيد من الوقت والجهد، وتواصل المساعي الإقليمية والدولية والضغط على الأطراف التي لا تتعاطى بمسؤولية وطنية مع ما تستلزمه الأزمة من حلول عاجلة وآمنة وديمقراطية، لا إلى إقحام مجلس الأمن في شأن المبادرة، لأنها محل ترحيب وتجاوب من قبلنا وقد سبق لمجلس الأمن أن حث الأطراف على المضي قدما في الحوار والحل السياسي».

وكانت مصادر دبلوماسية غربية أعلنت اعتزام الدول الغربية تكثيف الضغط على الرئيس اليمني للتنحي عن السلطة من خلال مشروع قرار مقترح في مجلس الأمن بعد فشل جهود المبعوث الأممي، جمال بن عمر، في إقناع صالح بتوقيع المبادرة، بعد أكثر من 8 أشهر من انطلاق ثورة الشباب المطالبة برحيل نظام صالح.

وقال النهاري لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نؤكد باستمرار استعدادنا للانفتاح على الحوار الجاد المسؤول باتجاه تنفيذ المبادرة الخليجية بحسب قرار التفويض الذي أصبح استحقاقا دستوريا ألزمنا أنفسنا به، ونوجه دعوة إلى الأطراف التي تراهن على التصعيد السياسي وتصعيد العنف أن تراجع حساباتها وأن لا تجازف بمصالح الوطن وتكرس الفتنة وتصر على خياراتها التحريضية والتخريبية وممارسة العنف والإرهاب وتدمير المكتسبات الوطنية».

وأشار النهاري إلى أن: «المجتمع الدولي أصبح متفهما أكثر من أي وقت مضى للأزمة اليمنية ويؤمن بأن الحل بيد اليمنيين من خلال الحوار المسؤول والجاد وصولا إلى انتخابات رئاسية مبكرة، ويكمن دور المجتمع الدولي في رعاية وتشجيع الأطراف المحلية ودفعها إلى المضي إلى الأمام باتجاه حوار وطني يفضي إلى تنفيذ المبادرة وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة».

من جانبه، دعا القيادي في الثورة الشبابية، وليد العماري، مجلس الأمن والمجتمع الدولي إلى «إصدار قرار دولي ضد علي عبد الله صالح ونظامه الفاسد»، بحسب قوله.

وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا نعول كثيرا على الموقف الدولي، لكننا نتمنى أن يصحو ضمير العالم وأن لا يستمر في تجاهل ما يحدث من مجازر ضد شباب الثورة في اليمن، وأي قرار دولي ضد اليمن كدولة أو شعب أعتقد أنه لن يقبل في الأوساط اليمنية»، موضحا أن على المجتمع الدولي أن «يراجع موقفه من اليمن، عليه أن يراجع ضميره تجاه ما يحدث ضد شعب اليمن من نظام صالح، عليه أن يصحو ضميره الآن قبل أن يكون قد فات الأوان».. ودعا العماري «مجلس الأمن الدولي إلى النظر إلى مصلحة الشعب اليمني وأي قرار يجب أن يكون في خدمة الشعب لا من أجل حماية علي عبد الله صالح ونظامه»، مشيرا إلى أن «الثورة اليمنية قامت بأياد يمنية ومجلس الأمن هو جزء من المنظومة العالمية التي لا تهتم إلا بمصالحها الخاصة، ونحن ندرك ذلك، لذا نقول لهم إن مصالحهم هي أن يقفوا مع الشعب اليمن اليمني».

على الصعيد ذاته، اعتبر رئيس المركز اليمني لقياس الرأي العام، حافظ البكاري، أن «إحالة الملف اليمني إلى مجلس الأمن ستعطي الثورة اليمنية شرعية دولية وغطاء دوليا وستكون في صالحها إذا اعتزم المجتمع الدولي الضغط على نظام صالح». وقال البكاري إن «أكثر من يتخوف من التعاطي مع مجلس الأمن هو النظام اليمني وليس المعارضة أو شباب الثورة، فعلى الرغم من أن النظام هو من طلب تدخل دول الخليج لحل الأزمة، فإنه أراد من ذلك كسب الوقت وأن تكون منقذا له». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المبادرات الدولية والخليجية تلبي جزئيا بعضا من المطالب الشعبية التي يرفضها النظام». مشيرا إلى أن «النظام كان يعتقد أن هذه المبادرات الدولية والخليجية ستحول الثورة إلى أزمة سياسية لكي يتعامل المجتمع الدولي وفق هذا الإطار، بمعنى إخراج الثورة من مسارها الشعبي إلى المسار السياسي والهروب من مطلب الثورة وهو إسقاط النظام وتغييره».. ويلفت البكاري إلى أن «الأطراف الدولية تعاملوا مع ثورة اليمن كأزمة سياسية، لكنهم على أرض الواقع وجدوا أن هناك ثورة شعبية ينبغي الاستجابة لها».

ويقول البكاري إن النظام اليمني «تلاعب بالجميع محليا ودوليا، هو يريد الحوار على نقل السلطة شكليا وإجراء انتخابات مبكرة، فهو يطلب التدخل العربي والدولي ثم يماطل من أجل كسب الوقت، ويقوم بتفسير المبادرات كما يريد لا كما جاءت». موضحا أن «الوعود التي أعلن صالح وحزبه الالتزام بها.. حين يتم الحديث عن موضوع نقل السلطة وهيكلة الجيش والأمن يرفض النظام التعاطي مع ذلك، فهو يريد أي حل أو مبادرة تكون خارج هذا المربع».