أزمة السيولة النقدية تعمل على تآكل رواتب الموظفين في غزة

سببها قلة الشواقل واحتكار محلات الصرافة لها

TT

علا صراخ الموظفين الغاضبين صباح أمس في قاعة الصرف في أحد البنوك عندما أبلغهم أحد الموظفين بأنهم لن يتسلموا الرواتب بالشيقل، بل بالدولار أو الدينار. وكلما واصل الموظفون الاحتجاج على ما سمعوه، كان الموظف يرد ببرود بأن البنك لا يملك سيولة نقدية بالشيقل في الوقت الحالي. ولم يكن أمام الموظفين خيار سوى أن يأخذ كل منهم موقعه، على مضض، في الطوابير التي امتدت إلى خارج مبنى البنك.

ويشكو سمير حسين (34 عاما)، الموظف في إحدى الدوائر الحكومية والذي يتقاضى راتبه من حكومة رام الله، من أن حصوله على الراتب بالدولار يعني أنه سيخسر 15 شيقلا مقابل كل مائة دولار، وهذه الخسارة ناجمة عن الفرق في سعر صرف الدولار بين البنك ومحلات الصرافة. فعلى سبيل المثال في الوقت الذي يبلغ سعر صرف الدولار 3.76 شيقل للدولار الواحد، فإن محلات الصرافة تبيع الدولار بـ3.64 شيقل فقط. ويجزم الموظفون الغاضبون بأنه لا توجد في الواقع أزمة سيولة، بل الحديث يدور عن سعي البنوك ومحلات الصرافة لمراكمة الأرباح على حساب الموظف، علما بأن الراتب الذي تقاضاه الموظفون هو راتب شهر أغسطس (آب) الماضي، وهذا ما يزيد من حدة الإحباط لديهم.

من ناحيتها تقول البنوك إنه ليس بوسعها دفع رواتب الموظفين بالشيقل لأن البنك المركزي الإسرائيلي لم يحول أي حجم من عملة الشيقل منذ مطلع العام الحالي، كما أنها تتهم أصحاب محلات الصرافة بأنهم يحتفظون بمبالغ ضخمة من الشيقل ويتحكمون في حركة صرفه كما يحلو لهم.

ويرى الصحافي حامد جاد، المختص بالشؤون الاقتصادية، أنه على الرغم من أن البنك المركزي الإسرائيلي لم يحول بالفعل منذ مطلع العام مبالغ مالية بالشيقل للبنوك في غزة، فإن أصحاب محلات الصرافة يتحملون الجزء الأكبر من المسؤولية عن أزمة السيولة بسبب احتكارهم مبالغ ضخمة من الشيقل، وبالتالي يتحكمون في سعر صرف العملات الأجنبية بالشيقل. وأشار حامد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن أحد أسباب مشكلة نقص السيولة النقدية تكمن في وجود كميات كبيرة من الأوراق المالية الإسرائيلية (الشيقل) مهترئة، وتصل نسبتها إلى نحو 25 في المائة من العملة المتداولة في قطاع غزة ويرفض البنك المركزي الإسرائيلي تبديلها. وأوضح جاد أن خسارة الموظفين كبيرة، حيث إن السلطة الفلسطينية تدفع شهريا مبلغ 200 مليون دولار لتغطية رواتب الموظفين. وتتهم نقابة العاملين في الوظيفة العمومية في قطاع غزة البنوك تحديدا باستغلال أزمة الواقع الاقتصادي لتحقيق «مكاسب شخصية وتلاعب في لقمة عيش الموظفين المقهورين». وفي بيان صادر عنها قالت النقابة «لا يمكن السكوت عن تجاوزات البنوك في تعاملها مع الموظفين خاصة في صرف رواتبهم بالدينار والدولار»، داعية لموقف ما سمته بـ«المهزلة». وشددت النقابة في بيانها على أنه لا يعقل أن يصرف راتب الموظف بالدولار والدينار تحت ذريعة أزمة السيولة وعند تحويله إلى الشيقل من السوق يتعرض للخسارة نتيجة فروق الأسعار وخسارة في راتب الموظف».