الجيش الإسرائيلي يلغي خطة التدريبات الخماسية بسبب الميزانية

في خطوة غير مسبوقة

TT

في خطوة غير مسبوقة، كشفت أوساط قيادية في الجيش الإسرائيلي، أمس، أنها قررت إلغاء خطتها الخماسية المعروفة باسم «حلاميش» لإجراء تدريبات على حرب شاملة وذلك بدعوى قرار رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، تقليص الميزانية العسكرية.

وقالت هذه الأوساط إن رئيس أركان الجيش، بيني غانتس، وبقية أعضاء رئاسة الأركان «أصيبوا بالصدمة والذهول عندما فحصوا مغزى التقليصات في الميزانية وكيف سيكون أثرها على أدائه والأخطار الناجمة عن ذلك». وأضافت: «لقد عرفوا من اللحظة الأولى أن هناك آثارا سلبية خطيرة لهذه التقليصات، ولكنهم لم يتوقعوا حجمها. واليوم باتوا في حالة إحباط شديد جراء تعمقهم في دراستها».

وكان الجيش الإسرائيلي قد وضع عام 2010 خطة عشرية سماها «حلاميش»، هدفها «إعداد إسرائيل لموقعها الاستراتيجي الجديد في الشرق الأوسط على أثر التغيرات الحاصلة في العالم العربي والتحديات الجديدة التي تفرضها، وخصوصا تغير النظام في مصر والتأثير الذي سيُخلفه على الجيش الإسرائيلي وبنيته». وتأخذ هذه الخطة بالاعتبار أن الحرب القادمة التي ستخوضها إسرائيل قد لا تقتصر على إيران وأتباعها في المنطقة (يقصدون سوريا وحزب الله اللبناني وحماس غزة)، بل قد تشمل مصر والضفة الغربية أيضا وربما تفتح جبهة شرقية في الأردن. وهي تأخذ في الحساب أيضا، خطر إسقاط طائرات إسرائيلية مدنية بصواريخ تطلق من غزة أو الضفة.

وبناء على هذه التقديرات المفزعة، تشتمل خطة «حلاميش» على زيادة عدد الصواريخ الاعتراضية من نوع «حيتس» الموجودة حاليا في ترسانة الجيش الإسرائيلي، وبينها البطارية من طراز «رمح داود» المعدّة لاعتراض الصواريخ متوسطة المدى بحلول عام 2013.، وتسلم البطارية الثالثة من «القبة الحديدية» في نهاية 2011، وثلاث بطاريات أخرى مع نهاية 2012، والحصول على حاملة الجند المدرّعة (نمير) المبنية على هيئة دبابة «المركافا 4» وزيادة عدد بطاريات MLRS التي تُعد نظاما متعددا لإطلاق الصواريخ وله مديات طويلة وقدرة فتاكة عالية ودقة إصابة عالية المستوى.

كما تشتمل الخطة على دفاعات للبنية التحتية العسكرية المهمة التي قد تتعرض لهجمات إنترنت مستقبلية من بلدان كإيران التي يُعتقد بأنها تعمل على الحصول على هكذا قدرات، وعلى خطة لسلاح البحرية لتصنيع سفينتين جديدتين بناءً على تصميم ألماني في حوض بناء السفن في إسرائيل، وعلى خطة لسلاح الجو تقضي بوضع جهاز «رادار طارد»، يركب على الطائرات المدنية ويطلق صواريخ باتجاه الصواريخ الموجهة إليها ويفجرها في الجو.

وتحتاج هذه الخطة إلى ميزانية مقدارها مليار دولار في السنة، خلال السنوات العشر المقبلة، يفترض أن تضاف إلى الميزانية الحالية للجيش والبالغة 20 مليار دولار تقريبا. ورفضت وزارة المالية الإسرائيلية طلب الجيش ودعته إلى تنفيذ خطته من ميزانيته الحالية، مؤكدا أن هناك عشرات الألوف من البنود في الميزانية التي يمكن تقليصها وتوفير ليس فقط مليار دولار بل مليارين.

ويتبنى نتنياهو موقف وزارة المالية، وهو يريد تقليص ميزانية الجيش بمليار دولار لمدة ثلاث سنوات، لكي يتجاوب مع مطالب حملة الاحتجاج الشعبي. فقد أوصت لجنة طراختنبيرغ الحكومية بتقليص هذا المبلغ وهو مصر على أن يكون تقليص الميزانية العسكرية مصدرا أساسيا لتوفير المال من أجل تهدئة الجمهور ومنع تجدد الاحتجاج.

وفي المقابل، يسعى الجيش بكل نفوذه السياسي، لمنع هذا التقليص. وفي إطار محاولته تجنيد الجمهور، يروج للأخطار الداهمة على إسرائيل التي تحتاج إلى خطة عسكرية مكلفة. وصرح ضابط رفيع في الجيش لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، أنّ «دلالة التقليص في الميزانية هي أكثر خطورة وأهمية من التقليص الذي حصل قبل حرب لبنان الثانية، الذي أدّى إلى وقف التدريبات، وأنا أخشى أن يؤدي ذلك إلى وضع أسوأ مما حصل في لبنان». وذكر بأحداث تلك الحرب قائلا: «لقد اكتشفنا على الأرض اللبنانية قادة كتائب وسرايا إسرائيليين لم يجروا تدريبات مهمة وحيوية بسبب التقليص في ميزانية عام 2004».