كفة إيران ترجح على حساب أميركا في اجتماع قادة الكتل السياسية العراقية

المالكي اعتبر الوجود الأميركي «حراما».. والعامري اعتبره «كفرا».. وعلاوي رمى الكرة في ملعب القائد العام للقوات المسلحة

جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقده القادة العراقيون بعد اجتماعهم في مقر الرئيس جلال طالباني الليلة قبل الماضية (من موقع الاتحاد الوطني الكردستاني)
TT

عبر مصدر مقرب من اجتماع قادة الكتل السياسية الذي جرى برعاية الرئيس العراقي جلال طالباني وفي قصر السلام الرئاسي، أول من أمس، عن اعتقاده «بانتصار إيران على الولايات المتحدة الأميركية، وذلك من خلال دفاع قيادات عراقية مرتبطة أو قريبة من طهران عن وجهة نظرها الداعية لرحيل القوات الأميركية من العراق»، مشيرا إلى أن «نوري المالكي رئيس مجلس الوزراء قد وازن بين قوة النفوذين الأميركي والإيراني في العراق، فاختار الثانية على حساب الأولى التي دعمت بقاءه في منصبه لولاية ثانية».

وقال المصدر الذي فضل عدم نشر اسمه لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد أمس إن «أجواء الاجتماع كانت إيجابية وودودة، حيث استقبل الرئيس طالباني ضيوفه وكعادته بابتسامة عريضة قبل أن يخوض الجميع في سجالات استخدم فيها الدين الإسلامي والفقه الشيعي بقوة لدعم وجهات نظر ضد أخرى»، موضحا أن «المالكي اعتبر من وجهة نظر دينية وسياسية بقاء القوات الأميركية أو منح الحصانة لمن يبقى من المدربين حراما، بينما عد هادي العامري، رئيس منظمة بدر التي كانت قد تشكلت كفيلق ميليشيات في إيران، بقاء هذه القوات أو منحها الحصانة بمثابة الكفر والخطأ الكبير وهو أمر غير مقبول».

وأضاف المصدر قائلا إن «التيار الصدري أثار ضجة كبيرة ووقف بقوة ضد بقاء أية قوات أميركية أو منح حصانة لأي من المدربين، وطالب بقية أعضاء التحالف الوطني بدعم موقفهم، بينما طالب حسين الشهرستاني (نائب رئيس الوزراء) بإيجاد بدائل أخرى عن المقترحات المطروحة».

وحسب المصدر فإن «الدكتور إياد علاوي زعيم القائمة العراقية كان أكثر ذكاء عندما رمى كرة بقاء أو عدم بقاء القوات الأميركية في ملعب المالكي عندما أكد أن قائمته مع أية خطوة يتخذها القائد العام للقوات المسلحة (المالكي)، كونه المسؤول عن الجانب العسكري والأمني في البلد، وهو أكثر دراية بحاجة العراق عسكريا إلى هذه القوات من عدمها»، مشيرا إلى أن «موقف العراقية وإن بدا للبعض مؤيدا لموقف المالكي إلا أنه في النتيجة أحرج القائد العام للقوات المسلحة وحمله مسبقا مسؤولية أية إخفاقات أمنية أو عسكرية تحصل مستقبلا».

واعتبر المصدر غياب كل من عمار الحكيم زعيم المجلس الأعلى الإسلامي وإبراهيم الجعفري زعيم تيار الإصلاح الذي له مقعد واحد في البرلمان العراقي «محاولة لتحاشي الإحراج الذي قد يقعان فيه، سواء في حالة الموافقة أو الرفض لبقاء القوات الأميركية»، منبها إلى أن «الحكيم اعتذر مسبقا عن عدم الحضور، بينما قال الجعفري إنه مشغول بضيوف له». وبشأن خروج علاوي وطارق الهاشمي القيادي في القائمة العراقية ونائب رئيس الجمهورية من الاجتماع، قال المصدر إن ما جرى «مغادرة وليس خروجا من الاجتماع، أي أنهما غادرا بعد انتهاء الاجتماع لعدم رغبتهما في البقاء لتناول وجبة العشاء».

ومع أن المجلس الأعلى كان غائبا إلا أن عادل عبد المهدي، القيادي البارز في المجلس، قال إن الطرفين العراقي والأميركي «يتفقان على إنهاء اتفاقية الانسحاب، وهذا موقف صحيح لا لرفض الطرفين التمديد، بل لعوامل أخرى، عراقيا حبذ (أصحاب الاختصاص) بقاء القوات.. واختلفت القوى السياسية بين رافض وموافق ومتردد»، حسبما جاء في مقالة نشرها موقعه على شبكة الإنترنت أمس، مشيرا إلى أن «بقاء الاتفاقية أو تعديلها يتطلب قرارا تشريعيا. وتربط القوى موافقاتها ورفضها، حسب انحيازاتها، بالتجاذبات الداخلية وتأثيرات الحالة الدولية والإقليمية. فبقي الجو مرتبكا وغامضا لتشكيل رأي عام أو أغلبية برلمانية. أما الطرف الأميركي الراغب في التمديد أو التعديل فمع اقتراب مدة انتهاء الاتفاقية وجد نفسه ملزما بقبول الانتهاء الرسمي للاتفاقية».

القادة السياسيون العراقيون خرجوا في نهاية اجتماعهم الذي دام ساعتين ببيان يفيد بأن المدربين العسكريين الأميركيين الذين سيبقون بعد نهاية العام لتدريب قوات الأمن «لا يحتاجون إلى حصانة»، بينما تشدد واشنطن على ضرورة منحها لهم. وبموجب اتفاق وقع بين الولايات المتحدة والسلطات العراقية في 2008 سيتم سحب كل القوات الأميركية بحلول نهاية 2011، إلا إذا وقع الجانبان اتفاقا جديدا. وفي أغسطس (آب) الماضي شدد القائد السابق لأركان الجيش الأميركي الأميرال مايكل مولن خلال زيارة لبغداد على قيام البرلمان العراقي بمنح حصانة للجنود الأميركيين الباقين في العراق لحمايتهم من أي ملاحقات.

من جهة أخرى أكد المسؤولون العراقيون وفقا للبيان ضرورة أن يتم التدريب في قواعد عراقية وأن يكون مصمما لضمان أن تكون القوات العراقية محترفة ومهنية بكل صنوفها، كما شددوا على ضرورة أن تعمل القوات الأميركية وفق الدستور العراقي وتكون قادرة على تجنب أي تهديد للأمن الداخلي والخارجي للعراق والحفاظ على سلامة أراضيه ومياهه وأجوائه، إضافة إلى ديمقراطيته الدستورية.

ولم يعلق الجيش الأميركي على البيان العراقي، لكنّ مسؤولا في السفارة الأميركية في بغداد قال إنهم يراجعون ما جاء فيه. وقال المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه إن «السفارة ستتحدث مع القادة حول ما يعنيه هذا على وجه التحديد من حيث تعاوننا الأمني واتفاق الإطار الاستراتيجي»، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية أمس. وقال مؤكدا: «إننا نقدر روح الديمقراطية التي أظهرها القادة العراقيون في مناقشة هذا الموضوع الهام».