قادة الخط الأول في العراق.. ألغاز وأحاج وكلمات متقاطعة

علاوي والمالكي لا يلتقيان.. والأكراد و«دولة القانون» كل يعتصم بالدستور.. والصدريون لا يريدون الأميركيين

الرئيس العراقي جلال طالباني وإياد علاوي زعيم القائمة العراقية في إحدى المناسبات السياسية (رويترز)
TT

انعقد أول من أمس اجتماع جديد لقادة الكتل السياسية العراقية أو فيما يعرف بزعامات الخط الأول. وكان آخر اجتماع لهم عقد في منزل الرئيس جلال طالباني وبرعايته في شهر أغسطس (آب) الماضي. وتم الاتفاق بين الجميع على تشكيل لجان مرهونة بتوقيتات زمنية تمتد من أسبوعين إلى شهرين.لكن أيا من النتائج التي تم الاتفاق عليها لم تتحقق على أرض الواقع، بل تحول الأمر إلى أشبه ما يكون بمجموعة ألغاز وأحاجي وكلمات متقاطعة. فالقائمة العراقية التي يتزعمها الدكتور إياد علاوي التي كان مقررا لها أن تقدم أسماء مرشحيها لمنصب وزير الدفاع تقول إنها قدمت أسماء 9 من المرشحين الذين قال عنهم ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي إنه لم يتسلمهم من رئاسة الجمهورية مرة وإنهم مرفوضون كلهم مرة أخرى بسبب شمول قسم منهم بإجراءات المساءلة والعدالة أو لقضايا أخرى بما في ذلك ضلوع أحدهم بمخطط لانقلاب عسكري. وبينما كان مقررا لمثل هذا الإجراء أن ينتهي في غضون أسبوعين فإن المالكي كلف وزير الثقافة سعدون الدليمي بمنصب وزير الدفاع وكالة حتى تقدم «العراقية» مرشحا مقبولا لدى رئيس الوزراء ليتولى المنصب أصالة.

أحد قادة «العراقية» أبلغ «الشرق الأوسط» أن «المالكي يماطل في الأمر وأنه لن يقبل أي مرشح سني لمنصب وزير الدفاع في هذه الدورة الحكومية حتى لو تقدم كل السنة في العراق واحدا واحدا لتبوؤ هذا المنصب». قيادي «العراقية» يرى أن «المالكي (قافل) على علاوي وهو ما يعني عدم الاستجابة لكل ما يأتي منه سواء كان على مستوى المرشحين للدفاع ومن ثم لحقت بهم الكهرباء أو على مستوى المجلس الوطني للسياسات العليا». وفي الوقت الذي تم فيه الاتفاق على مبدأ تقديم مرشحي «العراقية» في غضون أسبوعين فقد جرى الاتفاق أيضا على تكليف الحكومة التفاوض مع الأميركيين بشأن إبقاء أعداد من قواتهم بصفة مدربين بعد الانسحاب نهاية هذا العام. وبينما أعلن التيار الصدري رفضه الصريح لهذا الترتيب فقد تبادلت الكتل الأخرى رمي الكرات فيما بينها. فالقائمة العراقية ترى أنها ليست جزءا من القرار السياسي وأن تقدير ذلك من عدمه متروك للمالكي بوصفه قائدا عاما للقوات المسلحة وهو من يتوجب عليه تقرير ما إذا كانت هناك حاجة لبقاء أميركيين أم لا. من جهته، يفهم المالكي رسالة «العراقية» بوصفها ذات محتوى سلبي لأنها تريد أن تجعله بمواجهة مفتوحة مع الصدريين الرافضين لبقاء الوجود الأميركي حتى بصفة مدربين لينتهي الآن الأمر إلى قضية «الحصانة» لهؤلاء المدربين في حال الاتفاق على بقائهم.

من جهتهم، طور الأكراد موقفهم من خلاف بين المركز والإقليم إلى قضية سياسية تتعلق بمفهوم الشراكة الوطنية، وهم بذلك يلتقون مع «العراقية» التي تعاني هي الأخرى مما تسميه غياب الشراكة الوطنية في صنع القرار، بينما هي موجودة في المناصب السيادية والسياسية معا. وفي وقت يسعى طالباني إلى توحيد مواقف الكتل المتضاربة جدا فإنه وفي ضوء ما تبادله كل من علاوي والمالكي من اتهامات بالغة الصعوبة بحيث تحولت الخصومة من إطارها السياسي إلى طابع شخصي بحت فإن من الصعب جلوسهما على مائدة واحدة بعد الآن. فالمالكي طور موقفه من علاوي باتجاه تراجعي خطير حين اعتبر أنه لم «يعد مقبولا كشريك في العملية السياسية». من جانبه فإن علاوي رد الصاع صاعين حين قال إنه «لا يشرفه» ذلك، وهو أمر بات يلقي ظلالا من الشك في مدى إمكانية نجاح الاجتماع المقبل لقادة الكتل السياسية التي تتضارب الأنباء حتى الآن بشأن إمكانية عقده خلال الأيام القليلة المقبلة، خصوصا إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار تحركات رئيس البرلمان أسامة النجيفي الذي أطلق مبادرة في الداخل لترطيب الأجواء بين المالكي ومسعود بارزاني وأطلق مبادرة من طهران لحل إقليمي لقضايا المنطقة وكلتا المبادرتين لا تعبر عن موقف موحد لـ«العراقية».. فلا ترطيب الأجواء بين المالكي وبارزاني يخدم علاوي ولا طهران مكان مناسب بالنسبة لعلاوي لإطلاق مبادرة من هذا النوع والحجم.

الثابت حتى الآن في كل ما يجري أن علاوي والمالكي لا يلتقيان والأكراد والمالكي يعتصم كل منهما بمواد الدستور، والصدريون يرفضون المدربين محصنين وغير محصنين، بينما لا يزال نواب رئيس الوزراء الثلاثة ينهمكون في بحث قضية التوازن الوطني في الوزارات والمؤسسات دون الوصول إلى حل يرضي أي طرف لأن ما يجده طرف حلا يراه الآخر عقدة، وهكذا تستمر هذه «الأحجية» في وقت لا يزال الطرف الوحيد القادر على منح الجميع ابتسامة عريضة عند كل لقاء هو الرئيس طالباني.