شهد حفل افتتاح مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي، مساء أمس (الأربعاء) في دورته السابعة والعشرين، الكثير من المفاجآت التي أشعلت حماس الجماهير من الحضور الذين امتلأت بهم قاعة دار الأوبرا الرئيسية بالإسكندرية.
وخيمت أجواء ثورة 25 يناير على أجواء الحفل الذي استهله عرض استعراض راقص ضخم شارك فيه المئات من الفنانين بعنوان «على اسم مصر»، وهو عنوان مأخوذ من قصيدة شهيرة للشاعر الغنائي الراحل صلاح جاهين، حيث تناول الاستعراض صورا حية للثورة المصرية من خلال شاشة عرض وضعت بخلفية المسرح، إضافة إلى ظهور المجاميع المؤدية للاستعراض وهي تجسد المراحل الثورية المختلفة التي مرت بها مصر عبر تاريخها الحديث، بدءا بثورة أحمد عرابي، مرورا بثورتي 1919 التي قادها سعد زغلول و1952 التي قادها جمال عبد الناصر، وانتهاء بثورة 25 يناير التي فجّرها الشعب. وتخلل الاستعراض الغنائي الراقص، الذي أخرجه عادل عبده ووضع السيناريو الخاص به عصام الشماع بينما تم إهداء الأغاني المصاحبة له من فرقة «سندريلا»، تناول مشاهد مثيرة لمظاهرات المصريين المطالبة بالحرية والاستقلال والكرامة، والتي جسدتها باقة من أشهر من الأفلام المصرية. من بينها فيلم «شيء من الخوف» بطولة الفنانة شادية والفنان محمود مرسي، كما تم عرض مشاهد لحادثة دنشواي الشهيرة التي حكم فيها على عدد من الفلاحين المصريين بالإعدام والجلد من فيلم «مصطفى كامل» بطولة الفنانين أمينة رزق وماجدة ومحمود المليجي. أيضا تم عرض أجزاء من أفلام «سيد درويش» و«بين القصرين» و«في بيتنا رجل»، وكانت جميعها تجسد مشاهد لمظاهرات حاشدة للشعب المصري ضد الاحتلال الإنجليزي.
واختتم الجزء الأول من الاستعراض بعرض مشهد من فيلم «الفاجومي» بطولة الفنان خالد الصاوي، لتشتعل القاعة بالتصفيق حال ظهور عبارة «ثورة 25 يناير» على شاشة العرض أثناء متابعة الحضور لمشهد تضمن مظاهرات حاشدة وصدامات عنيفة بين الشرطة المصرية والمتظاهرين من الشعب.. أعقبها ظهور العشرات من الفنانين الاستعراضيين أمام شاشة العرض التي وضعت بخلفية المسرح ووقفوا أمامها هاتفين: «الشعب.. يريد.. إسقاط النظام». ثم ظهر فجأة على الشاشة الخلفية نائب رئيس الجمهورية السابق عمر سليمان ليتلو بيانه التاريخي الشهير قائلا: «قرر الرئيس محمد حسني مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية».. وهنا التهب حماس الآلاف من الحضور الذين لم يتمالكوا أنفسهم وقاموا بالوقوف وضجت القاعة بتصفيق حاد، بينما احتضن العارضون من الفنانين بعضهم بعضا لتجسيد فرحة الشعب المصري بنجاح ثورة 25 يناير.
شهد حفل الافتتاح حضورا مكثفا من الكثير من نجوم السينما المصرية، في مقدمتهم الفنانين: يحيى الفخراني وصلاح السعدني وخالد صالح وخالد يوسف وخالد الصاوي وغادة عبد الرازق وجيهان فاضل.
ودعا الفنان ممدوح الليثي، رئيس الجمعية المصرية لنقاد وكتاب السينما الحضور، للوقوف دقيقة حدادا على أرواح شهداء ثورة 25 يناير، كما أعلن إهداء إدارة المهرجان دورته السابعة والعشرين لأرواح الشهداء.. وصاحب كلمة الليثي ظهور وجوه شهداء الثورة المصرية على الشاشة الخلفية التي وضعت على المسرح.
ودعا الناقد السينمائي نادر عدلي رئيس المهرجان، خلال كلمته، صناع السينما المصرية لمواكبة التغيرات التي أحدثتها ثورة 25 يناير في مصر، محذرا من اندثار حقيقي لصناعة السينما في حال عدم تناول الأفلام السينمائية لملاحم الثورة في مصر، على حد تعبيره.
وشهد حفل الافتتاح تكريم النجوم يحيى الفخراني (مصر)، كارمين لوبيز (لبنان)، بيتر ديتديري (إيطاليا)، سمير سيف (مصر)، بشير الديك (مصر)، زهرة العلا (مصر) التي تسلمت جائزتها نيابة عنها ابنتها المخرجة منال الصيفي.
وفاجأ المخرج خالد يوسف الحضور بطلبه إلقاء كلمة، حال قيامه بتحية الجمهور مع أبطال فيلم الافتتاح «كف القمر»، وأعلن أنه سوف يتحدث في أمر بعيد تماما عن موضوع المهرجان، حيث وجّه كلمة للمجلس العسكري في مصر مطالبا بالإفراج عن شاب يدعى فادي مصطفى السعيد، وهو طالب بالمعهد العالي للسينما، تم اعتقاله منذ أحداث الاعتداء على السفارة الإسرائيلية في القاهرة منذ نحو شهر، أثناء قيامه بتصوير مشاهد لفيلم وثائقي كان يعده لمشروع تخرجه عن ثورة 25 يناير وتداعياتها، حيث تم القبض عليه وتوجيه تهمة البلطجة إليه.
وهنا اشتعلت مظاهرة حقيقية بقاعة مسرح دار الأوبرا لأول مرة في تاريخها، حيث وقف الحضور في أماكنهم ورددوا هتافات قالوا فيها: «حرية.. حرية» لإعلان تضامنهم مع الطالب المعتقل.
وتشارك 16 دولة في المهرجان، حيث تتضمن المسابقة الرسمية 10 أفلام من 10 دول مختلفة، بينما يتم عرض 5 أفلام خارج المسابقة الرسمية، منها الفيلم المصري «الحاوي». كما يتضمن المهرجان بانوراما لسينما دول البحر المتوسط تشمل 15 فيلما، وتقام على هامشه مسابقة للأفلام القصيرة تضم 34 فيلما، كما يتضمن المهرجان برنامجا خاصا عن السينما التركية، ومحورا احتفائيا بأديب نوبل نجيب محفوظ لمرور 100 عام على مولده. وخصص المهرجان محورا عن أفلام «ثورة 25 يناير» وعددها نحو 15 فيلما رقميا توثق لأحداث الثورة بميداني القائد إبراهيم بالإسكندرية والتحرير بالقاهرة. وندوة بعنوان «السينما.. إلهام أم رد فعل للثورات».. ويختتم المهرجان فعالياته يوم الأحد المقبل بإعلان الأفلام الفائزة بجوائز المهرجان.