انطلقت الدورة التاسعة لمهرجان رين دانس، أحد أهم المهرجانات الأوروبية للأفلام المستقلة منذ أيام في لندن. وعرض المهرجان مجموعة أفلام من الشرق الأوسط، منها أفلام لسينمائيين عراقيين وأفغان ومن جنسيات أخرى ألقى الضوء من خلالها على تجاربهم في الحياة في بريطانيا وخارجها.
ومن أهم الأفلام التي عرض «الرحيل من بغداد» وهو فيلم للسينمائي العراقي قتيبة الجنابي، وعرض للمرة الأولى في بريطانيا. يذكر أن هذا الفيلم حصد الجائزة الأولى للأفلام الروائية في مهرجان الخليج في دورته الأخيرة مطلع العام الجاري. ويتناول الشريط الأحداث التي تعرض لها المصور الشخصي لصدام حسين في محاولته الهروب من العراق في نهاية التسعينات.
وثمة تداخل في الفيلم بين الوثائقي والدرامي من خلال لقطات تستعرض صدام المبتسم في عيد ميلاد ابنته، ويظهر في لقطة أخرى حفيده يبكي بحرقة، فيما تتبادل اللقطات مع مشاهد مروعة للتعذيب والقتل التي تعكس الرعب الحقيقي أثناء المرحلة البعثية، وهي مشاهد حقيقية حصل عليها المخرج من مؤسسة الذاكرة العراقية.
هذا ويمنح الفيلم الإحساس بالزمن الحالي بأسلوب قريب من التسجيلي مضمونا والدرامي شكلا، وقام المخرج الجنابي بالتصوير في العراق وبريطانيا والمجر.
الفيلم يلاحق ويتابع هروب مصور صدام الفوتوغرافي الشخصي ومحاولات وصوله إلى بريطانيا ضمن حبكة درامية تمتزج بالوثائقية، مما يدفع المتلقي لفهم حالة الرعب والخوف التي كان يعانيها صادق، بعدما سجل شهادته الفوتوغرافية على الكثير من جرائم نظام صدام وقسوته. وفي محاولاته المتواصلة للهروب يكتب صادق رسائل إلى ابنه الذي اختفى في ظروف غامضة، كما يلتقي بعراقيين وعرب وأكراد، ويحمل كل منهم حكايته.
كل الممثلين تقريبا وقفوا أمام الكاميرا للمرة الأولى، لكنهم عكسوا إحساسهم وعلاقتهم بالخوف والشعور بالملاحقة الذي عاشوه لعقود عدة.
السينمائي قتيبة الجنابي المولود في العراق، منفي منذ ثلاثة عقود ونيف، وتنقل في دول عدة ليستقر في لندن. ورغم محدودية ميزانية الفيلم، لكن مشاهده متخمة بالتحدي وتدفع المتلقي إلى التفكير والاستنتاج.
من ناحية أخرى عرض المهرجان فيلما عراقيا آخر هو «مسوكافيه» وهو من إخراج وتأليف العراقي - البريطاني جعفر عبد الحميد. ويتناول الفيلم قصة التجربة الشخصية التي عاشها أحد الأشخاص لدى رحيله من موطنه العراق إلى المملكة المتحدة. فبطل الشريط هو مدون سري يرحل من بغداد إلى لندن بغاية الاحتجاج ضد العقوبات الاقتصادية التي كانت تفرضها الأمم المتحدة على العراق. وأثناء وجوده في لندن، يتعرف على بعض أفراد الجالية العراقية التي تجتمع في «مسوكافيه»، المقهى العراقي اللندني الذي تقصده أيضا الحسناء بيسان.
وعرض المهرجان أيضا فيلم «أين ينبض قلبي» الذي يصور عودة الصحافية السويدية - من أصل أفغاني - كازار فاطمي إلى بلدها الأم أفغانستان، بعد أن أجبرت على الهروب منه عام 1989. فيلم كازار شخصي للغاية ويأخذ المتلقي إلى ما وراء الأخبار والحرب لعرض الحياة الواقعية.
أما فيلم «كيف تصنع ثورة» فيدور حول المرشح لجائزة نوبل جين شارب، الخبير العالمي لصناعة الثورات السلمية. الفيلم يظهر تطور الثورة الحديثة ويشمل مقابلات مع قادة يسعون لترسيخ الديمقراطية من ضمنهم الذين قادوا الأحداث في مصر وسوريا، وهم يشرحون كيف ساعدتهم كتابات «جين شارب» في نقل نضالهم إلى الشوارع لإسقاط الديكتاتورية.