قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس إنه ينبغي أن يقدم الاتحاد الأوروبي مؤشرا على نواياه لإعادة هيكلة البنوك المتعثرة عندما يجتمع قادة الدول في قمة ستعقد في وقت لاحق من هذا الشهر.
وهيمنت مسألة ما إذا كان سيتم زيادة رأس المال الذي تمتلكه البنوك وكيفية تعزيزه على مناقشات اقتصاد الاتحاد الأوروبي في الأسابيع القليلة الماضية في الوقت الذي تزايدت فيه التساؤلات بشأن ما إذا كانت البنوك تستطيع النجاة دون الحصول على مساعدة.
وتتضمن الخطة الأساسية ضرورة إيجاد البنوك في البداية وسائل لجمع الأموال بأنفسها، وإذا أخفقت في ذلك، سيتعين عليها أن تتجه إلى الحكومات الوطنية لطلب المساعدة، وإذا فشلت، فحينئذ سيكون من الملائم تقديم مساعدة من آلية الاستقرار المالي الأوروبي. لكن تلك التفاصيل لا تزال في حاجة إلى بلورتها من جانب قادة الاتحاد الأوروبي عندما يجتمعون في بروكسل يومي 17 و18 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري للمشاركة في الاجتماع الفصلي الدوري للمجلس الأوروبي. ومن المقرر أن تستضيف ميركل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الأحد القادم في اجتماع حيث من المتوقع أن يقوما بإعداد استراتيجيات لعرضها على القمة. وقالت ميركل إنه «يجب أن تخرج إشارة من (اجتماع) المجلس هذا بشأن ما هو متوقع بالنسبة لإعادة رسملة البنوك».
من جانبها أعلنت وزارة المال الفرنسية أمس لوكالة الصحافة الفرنسية أن باريس تؤيد تنسيقا أوروبيا لإعادة رسملة المصارف الأوروبية بهدف تحديد قيمة رأس المال اللازم والجدول الزمني لبلوغه والأدوات المطلوبة لتنفيذ مثل هكذا عملية. وأكدت الوزارة أن «ليس هناك أي اختلاف فرنسي - ألماني في وجهات النظر». وأضافت «نحن متفقون مع ألمانيا على أن رساميل المصارف يجب أن تكون أكبر، بما فيها المصارف الفرنسية»، مؤكدة أن هذا الأمر يتفق والمعايير الدولية الجديدة لبازل 3. وأشارت الوزارة إلى أن المصارف الفرنسية الكبرى وضعت أصلا خططا لتسريع عملية تطبيق هذه المعايير التي تهدف إلى تعزيز قدراتها المالية. وأضافت أن باريس وبرلين متفقتان على أن «مصادر الرسملة يحب أن تكون أولا خاصة»، وأن «اللجوء إلى الرساميل العامة يجب أن لا يكون إلا آخر الدواء». وبالمقابل أشارت الوزارة إلى أن «هناك خيارات عديدة فيما خص التمويلات العامة، ولكننا لم نناقش هذا الأمر على المستوى الأوروبي».
وبحسب الوزارة الفرنسية فإنه «من الضروري أن يكون هناك تنسيق أوروبي لتحديد أمور ثلاثة هي: حجم الرأسمال المطلوب الوصول إليه، والمهلة الزمنية التي يجب أن تعطى لبلوغ هذا الرأسمال والأدوات اللازمة لفعل هذا الأمر».
وتزايدت المؤشرات أول من أمس الخميس على أن الاتحاد الأوروبي يخطط للقيام بتحرك جديد بهدف مواجهة أزمة القطاع المصرفي الأوروبي حيث ذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية الخميس أن الاتحاد الأوروبي يستعد لإجراء اختبارات تحمل جديدة للبنوك لمعرفة أدائها في ظل خفض محافظها من الديون السيادية اليونانية.
وفي الوقت نفسه دعا رئيس المفوضية الأوروبية وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي إلى وضع خطة أوروبية لمساعدة البنوك على تحمل الخسائر الناجمة عن التراجع المحتمل في قيمة سندات الخزانة الحكومية لدول منطقة اليورو المتعثرة ماليا.
كانت الهيئة المصرفية الأوروبية نشرت قبل أقل من ثلاثة أشهر نتائج اختبارات التحمل التي كشفت عن مدى انكشاف البنوك على السندات الحكومية لدول منطقة اليورو. وكانت الهيئة انتقدت في تقريرها البنوك لاستمرارها في افتراض أن محافظها الخاصة بالسندات لا تحمل أي مخاطر.
وقال تقرير الصحيفة إنه في ظل تقييم المستثمرين للسندات اليونانية بأقل من 50% من قيمتها الاسمية، تعتزم الهيئة المصرفية الأوروبية إجراء تحليلات جديدة حيث «ستستخدم القيم السوقية» لإجراء خفض على قيمة «محافظ البنوك من الديون السيادية».
أضاف التقرير أنه «وفقا لمسؤولين كبار مشتركين في العملية، تمت مطالبة الهيئة بتقديم معلومات مقسمة عن كل دولة على حدة بشأن حجم رأس المال الجديد الذي ستكون البنوك في حاجة إليه في حالة خفض قيمة السندات اليونانية».
كما قالت الصحيفة إن الهيئة ومقرها لندن تشارك في إعداد آلية لإعادة رسملة جبرية للبنوك في إجراء دعا إليه صندوق النقد الدولي وخبراء اقتصاد آخرون منذ أسابيع.
وتقول تقارير إن البنوك الفرنسية هي أكثر البنوك الأوروبية انكشافا على الديون السيادية اليونانية. وظهرت المشكلات هذا الأسبوع في مصرف ديكسيا الفرنسي البلجيكي مما أجبر حكومتي باريس وبروكسل سويا على دراسة خطة إنقاذ طارئة.
وفي حين قللت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية من شأن تقرير الصحيفة البريطانية فإنها لم تنفه تماما حيث قالت إن الهيئة المصرفية الأوروبية تجري «محادثات منتظمة وعادية» وليس «اجتماعات أزمة» كما أنها تراجع المواقف المالية للبنوك كمتابعة لنتائج اختبارات تحمل الضغوط المالية التي خضعت لها البنوك في يوليو (تموز) الماضي. ودعا جوزيه مانويل باروسو رئيس المفوضية الأوروبية دول الاتحاد الأوروبي إلى تنسيق خطواتها لمواجهة الأزمة المصرفية. وجاء هذا التصريح بعد يوم واحد من قول المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس في بروكسل إن الوقت ينفد من أجل اتخاذ قرارات إعادة رسملة البنوك المعرضة لمخاطر أزمة الديون السيادية.
خفضت وكالة تصنيف ائتماني بارزة أمس الجمعة تصنيف 12 بنكا ومؤسسة مالية في بريطانيا بما فيها مصرفا «رويال بنك أوف سكوتلاند» ولويدز المملوكين جزئيا للدولة. وأوضحت وكالة موديز أنها ترى الآن أن الحكومة البريطانية ستكون «أقل احتمالا» لدعم بعض الشركات في حال تعرضها لمشكلات. ومع ذلك، أكدت أن خفض التصنيف «لا يعكس تدهورا في القوة المالية للنظام المصرفي». وتشمل البنوك والمؤسسات الأخرى مصرفي «سانتاندر» و«نيشان وايد». وتسببت الخطوة في هبوط أسهم البنوك الكبرى في بورصة لندن بأكثر من 3%. وأشار تقرير لصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية أمس الجمعة إلى أن مصرف «رويال بنك أوف سكوتلاند» الذي كان في خضم أزمة عام 2008 يمكن أن يطلب إعادة رسملة إضافية. وجاء في بيان أن «موديز انفستورز سيرفيس خفضت أمس تصنيف الديون والودائع لاثنتي عشرة مؤسسة مالية بريطانية وأكدت التصنيف لمؤسسة واحدة». وتشمل التخفيضات خفضا بمقدار درجتين لمصرف «رويال بنك أوف سكوتلاند» وخفضا بمقدار درجة واحدة لمصرف «لويدز تي إس بي» وهو وحدة تابعة لمجموعة لويدز المصرفية المؤممة بشكل جزئي. وانخفض تصنيف الوحدة البريطانية لمصرف سانتاندر الإسباني بمقدار درجة.
وقال محللون لـ«رويترز» إنه تم النظر إلى الإجراء باعتباره «خطوة فنية» وليس مؤشرا على اعتقاد موديز بأن البنوك البريطانية من المرجح أن تنهار. كما خفضت وكالة موديز الأميركية للتصنيف الائتماني أمس الجمعة تصنيف تسعة بنوك برتغالية قائلة إن قوتها المالية تدهورت. وخفضت موديز بمقدار درجتين تصنيف الديون والودائع الممتازة لبنوك «بنكو إنترناسيونال دو فانشال» و«بنكو بورتوجيس دي نيجوسيوس» و«كايسا إيكونوميكا» و«كايسا جنرال دي ديبوسيتوس» و«بنكو كوميرسيال بورتوجييس» و«بنكو إيسبيريتو سانتو» و«بنكو بي آي بي» و«بنكو سانتاندر توتا» و«كايسا أيكونوميكا مونتيبيو جيرال». وجاء هذا الخفض في أعقاب خفض التصنيف الائتماني للبرتغال إلى مستوى «بي إيه 2» في يوليو الماضي. وقالت «موديز» إن مخاطر أصول البنوك زادت لامتلاكها ديون حكومية برتغالية. وظل المؤشر الرئيسي لبورصة لشبونة بي إس آي 20 في منطقة موجبة إذ ارتفع بنسبة 0.13% فور إعلان «موديز» عن خطوتها. وتجري البرتغال حاليا سياسات تقشفية تمت الموافقة عليها مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي اللذين قدما حزمة إنقاذ بقيمة 78 مليار يورو (110 مليارات دولار) بعد أن ارتفعت تكاليف إقراضها إلى مستويات لا يمكن تحملها. وقال البنك المركزي يوم الخميس إن اقتصاد البلاد سينكمش بنسبة 1.9% هذا العام وبنسبة 2.2% العام القادم.