الرئيس الروسي يخير الأسد بين الرحيل أو تطبيق الإصلاحات

واشنطن تنتقد إذاعة بيانات القذافي من سوريا: ليس مدهشا أن يتعاون نظام ديكتاتوري مع ديكتاتور لا يعرف أن وقته مضى

أهالي الزبداني بريف دمشق يحرقون صورة للرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف ورئيس وزرائه فلاديمير بوتين
TT

دعا الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف أمس، للمرة الأولى، الرئيس السوري بشار الأسد إلى «الرحيل» إذا كان غير قادر على تطبيق «الإصلاحات الضرورية»، ولكنه أكد عزم روسيا على تعطيل أي قرارات جديدة في مجلس الأمن هدفها إسقاط النظام. وجاء كلام ميدفيديف بعد أيام من استعمال روسيا، إلى جانب الصين، حق النقض في مجلس الأمن لإسقاط مشروع قرار ضد النظام السوري.

وقال ميدفيديف في اجتماع مجلس الأمن القومي الروسي الذي عقده أمس، إن موسكو «لجأت إلى كل القنوات الدبلوماسية التي تربط بلاده مع القيادة السورية لإبلاغها بحتمية سرعة إجراء الإصلاحات المطلوبة أو ضرورة الرحيل في حال عجزها عن القيام بذلك»، مؤكدا أن الأمر ينسحب أيضا على «كل أطراف النزاع»، أي فصائل المعارضة التي تتزعم المقاومة ضد النظام في سوريا، «وضرورة الابتعاد عن المتطرفين ولا سيما بعد أن كشفت الأحداث أن الكثير مما تقوم به المعارضة يتسم في واقع الأمر بصبغة التطرف».

غير أن الرئيس الروسي عاد ليقول إن رحيل الأسد «شأن داخلي يجب أن يقرره الشعب السوري وليس قيادة الناتو وعدد من الدول الأوروبية». وأكد ميدفيديف مصلحة بلاده في وقف إراقة الدماء في سوريا، وقال إن ذلك هو ما أبلغت به روسيا القيادة السورية. وأشار إلى معارضة بلاده لفرض أي تشريعات أحادية الجانب لإسقاط الأنظمة في مجلس الأمن الدولي.

وكشف عن أن مشروع القرار الغربي الذي جرى التصويت عليه في مجلس الأمن واستخدمت روسيا والصين حقهما في فرض «الفيتو» عليه، كان «يمكن أن يسمح بتكرار السيناريو الليبي ضد سوريا». وقال: «لم يراع أصحاب القرار ما يراود روسيا من قلق ولم يدرجوا في نص القرار بندا يفيد باستحالة أي تدخل عسكري خارجي في هذا النزاع، وهو ما كان يعني أمرا واحدا، وهو أن شركاءنا في مجلس الأمن الدولي لا يستبعدون تكرار السيناريو الليبي، رغم أنهم كرروا مرارا على هامش الاجتماعات أنهم يدركون أن سوريا ليست ليبيا».

وأعلن ميدفيديف أنه «من الضروري الاعتراف بوضوح أن مهمة مجلس الأمن الدولي وأعضائه الدائمين الذين يتحملون مسؤولية خاصة عن مصير السلام في عالمنا تتمثل في ضرورة الحيلولة دون ظهور أية فرص لتبني وثائق من شأنها أن تسمح ببلوغ الأهداف بطرق عسكرية، وذلك بمساعدة تلاعبات وحيل قانونية كاذبة». وأضاف أن روسيا والصين طرحتا مشروعا للقرار وصفه بأنه «وثيقة معقولة ومنطقية وآمنة يمكن التوصل على أساسها إلى الاتفاق حول موقف جماعي حقيقي يمكن الاسترشاد به في الاتصالات مع قيادة سوريا والرئيس بشار الأسد والمعارضة على حد سواء».

من جهتها، قالت الخارجية الأميركية إن دعوة حكومة روسيا للمعارضة السورية لتزور موسكو «ربما ستكون فرصة لتحصل روسيا على صورة أفضل وحقيقية للوضع في سوريا. وعلى أن السوريين يريدون دستورا قويا مثل الدستور الروسي على الأقل». وشنت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية، هجوما قويا على روسيا والصين بسبب فيتو الدولتين في مجلس الأمن. وقالت في المؤتمر الصحافي اليومي الذي تعقده في الخارجية الأميركية: «من الواضح أن مجلس الأمن فشل في التصدي للتحدي الأخلاقي الملح، وللتهديد المتزايد للسلام والأمن الدوليين، من جراء وحشية النظام السوري». وأضافت: «نعتقد اعتقادا راسخا أن التاريخ سوف يسجل أسماء الدول التي كانت على حق، وأسماء الدول التي وقفت في الجانب الخطأ».

وأشارت إلى أن الخارجية الأميركية تتابع «إعلانات الانتصار التي يبثها الإعلام السوري» بسبب فشل قرار مجلس الأمن. وأضافت: «لكن مواقع المعارضة السورية، ومدوناتها، فيها غضب هائل. ولا سيما نحو الدولتين اللتين استعملتا الفيتو». وقالت إنها هي نفسها شاهدت في موقع للمعارضين السوريين رمز روسيا ورمز الصين ودماء المعارضين في سوريا تتصبب منهما. وأضافت: «صار واضحا أن التصويت كان خيبة أمل بالنسبة للمعارضين السوريين الشجعان والسلميين، وهم يتعرضون إلى سوء المعاملة، والرصاص، والتعذيب، والاعتقال يوما بعد يوم في المدن عبر سوريا».

كما انتقدت سماح الحكومة السورية للرئيس الليبي المعزول معمر القذافي بإذاعة بيانات من إذاعات في سوريا. وقالت: «ليس مدهشا أن يتعاون نظام ديكتاتوري مع ديكتاتور عزل من الحكم ولا يعرف أن وقته قد مضى».

وانتقدت نولاند أيضا نشرات أصدرتها السفارة السورية في واشنطن (ردا على أسئلة صحافيين عرب في واشنطن قالوا إنهم تسلموا نشرات إلكترونية). وقالت نولاند: «السفارة السورية في واشنطن أرض سورية. ورغم أننا، طبعا، نختلف معها في ما تنشر، فإن حرية التعبير في الولايات المتحدة تسمح لها بنشر آرائها».

وعن تجسس السفارة السورية في واشنطن على نشطاء سوريين، قالت نولاند في المؤتمر الصحافي اليومي، إن الخارجية حولت الموضوع إلى مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي)، وإن الخارجية تظل «قلقة حول هذه التصرفات المتطرفة جدا في عدم الأخلاقية من جانب حكومة سوريا». وأضافت أن «الحماية الدبلوماسية التي يتمتع بها الدبلوماسيون في سفارة سوريا لا تمنع (إف بي آي) من التحقيق، ثم رفع الموضوع، في هذه الحالة، إلى الخارجية، وأن الخارجية في انتظار نتائج التحقيق».

وعن التحركات الأميركية بعد فشل مجلس الأمن في إصدار قرار ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، قالت نولاند إنها تشمل اتصالات مكثفة مع حكومات المنطقة ومع الدول الغربية وغيرها، وإن الاتصالات مع الروس والصينيين حول الموضوع لم تتوقف رغم استعمال الدولتين للفيتو في مجلس الأمن. وقالت: «نحن نعمل على زيادة خنق الحبل حول عنق النظام سياسيا واقتصاديا». لكنها قالت إن الولايات المتحدة لا تنوي، في الوقت الحاضر، العودة إلى مجلس الأمن.

وردا على سؤال حول «عدم نجاح الضغوط الدولية بينما نظام الأسد يواصل قتل شعبه»، قالت: «نحن نؤمن أن مقاطعات التجارة والنفط خاصة تؤذي النظام. ونحن ندعو الدول الأخرى لوقف التعامل التجاري والاقتصادي مع نظام الأسد. وعلى الدول التي ترسل أسلحة إلى نظام الأسد أن توقفها لأنه يستعملها ضد شعبه».

وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن السيناتور جوزيف ليبرمان اقترح تأسيس «مناطق آمنة» داخل سوريا، أو على الحدود بين تركيا وسوريا، أو الحدود بين الأردن وسوريا. وتضمن اقتراح ليبرمان تأسيس منطقة حظر طيران في سوريا حتى لا تستعمل القوات العسكرية والأمنية السورية الطائرات لضرب المعارضة.