مصادر ميدانية لـ «الشرق الأوسط»: الدولة اللبنانية وأجهزتها في غياب تام عن المنطقة الحدودية مع سوريا

حذر وترقب يسودان بلدة عرسال البقاعية بعد تكرار حادثة توغل جنود سوريين

TT

ساد الهدوء والترقب الحذر في منطقة عرسال البقاعية، المحاذية للحدود السورية، بعد تكرار حوادث إطلاق النار من الجانب السوري في الأيام الأخيرة وتطورها أول من أمس إلى دخول جنود سوريين الأراضي اللبنانية وإطلاقهم النار على المزارع السوري علي الخطيب، أثناء فراره إلى لبنان خوفا من توقيفه، مما أدى إلى مقتله فورا.

وفيما سلّمت جثة المواطن السوري علي الخطيب إلى ذويه في ريف دمشق حيث ووري الثرى أمس، طالب أهالي بلدة عرسال «الدولة اللبنانية أمس بانتشار الجيش اللبناني وبمطالبة سوريا بعدم تجاوز جيشها للحدود مرة أخرى»، في وقت دعا فيه وزير العدل اللبناني شكيب قرطباوي إلى «عدم تضخيم الأمور بشأن ما حصل في عرسال»، معتبرا أن «هذا الأمر من اختصاص القوى الأمنية والجيش اللبناني».

وفي سياق متصل، أعربت مصادر ميدانية في عرسال لـ«الشرق الأوسط» عن امتعاض أهالي البلدة من «غياب الدولة بكل أجهزتها وبشكل كامل عن متابعة ما جرى في الأيام الأخيرة»، ولفتت إلى أنه «يبدو واضحا أنه لا علاقة للدولة بكل ما يجري على حدودنا، فيما موقف نواب المنطقة سلبي جدا، ونحن لم نشهد أي انتشار عسكري لبناني أو متابعة للموضوع».

وأكدت المصادر أن «البلدة تعرف كيف تحمي نفسها في غياب الدولة إذا ما تكرر الأمر»، منتقدة بشدة إشارة أحد نواب حزب الله إلى أن عمليات تهريب أسلحة تتم عبر الحدود. وقالت «إذا ثبتت واقعة تهريب السلاح فإن جماعة حزب الله هم من يقومون بذلك، لأنهم هم من يملكون السلاح ومن يتاجرون به»، متسائلة «من أين سيأتي أهالي عرسال بالسلاح؟»، لتشير في الوقت عينه إلى أنه «إذا كان لدى البعض من أبناء البلدة سلاح فمصدره حزب الله».

وفي هذا الإطار، انتقد النائب في كتلة المستقبل، زياد القادري، تكرار الأحداث الأمنية على الحدود اللبنانية - السورية «حيث تُنتهك السيادة اللبنانية من قبل القوات السورية»، معتبرا أن ذلك «يؤشر إلى ما قام به النظام السوري من انتشار سياسي عبر حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، والذي بدأ يترافق اليوم مع انتشار عسكري». ووصف ما جرى بأنه «عمل غير بريء وليس بحادثة عابرة، بل إنه رسالة موجهة إلى الداخل اللبناني ولقوى 14 آذار وللدولة والمواطنين اللبنانيين، إضافة إلى توجيه رسائل إقليمية ودولية، بمعنى أنه في حال سقط النظام في سوريا فهم قادرون على تجاوز كل الخطوط الحمراء وإشعال المنطقة».

واستنكر «التعاطي الرسمي اللبناني مع هذا الموضوع، لا سيما الحكومة التي كان يجب أن تشجب وتبلغ السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي برسالة إلى حكومته، عدا عن وجوب انتشار الجيش اللبناني في المناطق التي تتكرر فيها مثل هذه الأحداث»، متسائلا «ما الذي يمنع التنسيق بين الحكومة اللبنانية التي من المفترض أنها صديقة للنظام في سوريا والحكومة السورية إذا ما حصل أي إشكال أو خلل ما في عرسال أو غيرها؟». ورأى أن «العلاقة بين الدولتين اللبنانية والسورية عادت إلى مستوى أشخاص، ولم يعد التعامل من الند إلى الند».

وندد المجلس الأعلى لحزب الوطنيين الأحرار، الذي يرأسه النائب دوري شمعون، بـ«انتهاك الجيش السوري السيادة اللبنانية من خلال توغله داخل الأراضي اللبنانية المتكرر في الشمال وفي عرسال واعتدائه على المواطنين وترويعهم»، شاجبا «الصمت الرسمي الذي يعادل القبول بالخروق وتبريرها».

ودعا إلى «ترسيم الحدود ووقف الانتهاكات السورية من جهة، وإلى موقف لبناني رسمي دفاعا عن السيادة والكرامة من جهة أخرى»، ولفت الشرعيتين العربية والدولية إلى «الممارسات السورية التي تضرب بالقرارات الدولية والمبادئ والأعراف التي تقوم عليها العلاقات بين الدول عرض الحائط».