أنهى الوفد السياسي الكردي برئاسة سكرتير عام الحزب الديمقراطي الكردستاني فاضل ميراني وعضوية رئيس الهيئة العاملة للاتحاد الوطني الكردستاني ملا بختيار مباحثاته في بغداد التي استمرت نحو أربعة أيام بلقاءين منفصلين أمس مع القائمة العراقية حيث ترأس وفدها المفاوض القيادي فيها ونائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ومع رئيس الوزراء نوري المالكي بعد أن كان الوفد قد التقى في وقت سابق قيادة حزب الدعوة الإسلامية.
وطبقا لبيان صادر عن مكتب الهاشمي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه فإن «الوفدين أكدا ضرورة تقديم مصلحة العراق وترسيخ الديمقراطية واحترام جميع الأطراف والحرص على سير العملية السياسية وتطبيق الدستور والالتزام بالاتفاقات السياسية المبرمة». وأضاف البيان أن «وجهات النظر كانت متطابقة وقد أكد الجميع أهمية تحقيق الشراكة بمعناها الحقيقي واعتبار ذلك أولوية وأساسا للتعامل السياسي في المرحلة الحالية وفق توقيتات زمنية محددة». وأوضح أن «هناك رغبة جادة لكل من كتلة العراقية وائتلاف القوى الكردستانية في حل المشاكل العالقة بقدر تعلق الأمر بالكتلتين وبما يحقق الأمن والاستقرار والرفاه لعموم الشعب العراقي واعتبار ذلك خارجا عن إطار القضايا الجزئية». وأشار البيان إلى «أهمية التوصل إلى رؤى مشتركة مع كافة الأطراف الأخرى في القضايا السياسية الكلية وضرورة تعميق الحوار واستمراره وإيجاد آليات لمتابعة ما تم الاتفاق عليه ضمن اتفاقية أربيل وأهمية تشكيل لجان تنشط في إطار سقف زمني محدد». وفي السياق نفسه فإنه وطبقا لما أكده الناطق باسم كتلة التحالف الكردستاني مؤيد الطيب في تصريح صحافي فإن الوفد الكردي المفاوض كان سيختتم زيارته إلى بغداد مساء أمس بلقاء مع المالكي. وأوضح الطيب أن «الوفد سيناقش مع المالكي القضايا العالقة بين إقليم كردستان والحكومة المركزية تمهيدا لزيارة وفد إقليم كردستان الذي يرأسه برهم صالح رئيس حكومة الإقليم». وأضاف: «إن الوفد الذي سيرأسه صالح سيناقش المشاكل العالقة بما يتعلق بقانون النفط والغاز والمادة 140 من الدستور بشأن المناطق المتنازع عليها».
وقال طيب في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «نحن شركاء في الحكم ولسنا مجرد ديكور لتجميل وجه العملية السياسية في العراق، والكرد كانوا من البداية عنصرا فاعلا ومؤثرا في إعادة بناء العراق الديمقراطي الجديد، ولا يجوز لأي طرف أن يصادر دوره في العملية السياسية، وبنتيجة الخلافات القائمة بين إقليم كردستان والحكومة المركزية لم يعد هناك شعور بوجود الشراكة الحقيقية في إدارة الحكم، وعليه فإن الوفد الكردي يركز مباحثاته الحالية علاوة على مطالب الشعب الكردي المشروعة، على الجوانب الأخرى المتعلقة بالوضع السياسي العام في العراق، خصوصا مسألة الالتزام بالدستور وبالاتفاقات السياسية».
وكشف متحدث التحالف الكردستاني أن لقاء جرى مساء أول من أمس بين البرلمانيين الكرد بمجلس النواب العراقي والوفد السياسي القادم من كردستان «وتداولنا في الاجتماع مجمل النتائج التي توصلت إليها مباحثات الوفد، وكانت أجواء جميع اللقاءات التي أجراها الوفد إيجابية حسب وصف أعضاء الوفد، ولذلك هناك تفاؤل بتجاوز الأزمة الحالية في العراق». وأشار إلى «أن الأجواء الإيجابية التي سادت لقاءات الوفد تبشر بالانفراج، وقد تمهد لزيارة الوفد الحكومي الذي سيترأسه برهم صالح إلى بغداد لوضع الحلول الكاملة لتلك الخلافات»، وأضاف: «نحن نريد فتح صفحة جديدة مع الكتل والقوى العراقية أساسها وضع الحلول الجذرية لخلافاتنا، ولتحقيق ذلك يجب أن يكون هناك جدول زمني محدد لحل تلك المشكلات بعيدا عن إطلاق الوعود والمماطلة التي زادت من تعقيد تلك الخلافات وكادت أن تسير بنا نحو طريق مسدود، فالآن نحن نريد موقفا واضحا وثابتا من الأطراف العراقية فيما يتعلق بالخلافات الأساسية والتي تتمحور حول ثلاث نقاط محددة وهي التزام كامل من جميع الأطراف بالدستور، وقبول مبدأ الشراكة الوطنية الحقيقية، والالتزام باتفاقية أربيل، وبذلك نستطيع تجاوز هذه الأزمة وتوجيه الجهود نحو دعم المسيرة الديمقراطية ومعالجة المشكلات الخدمية التي تعصف بالمواطن العراقي».
من جهته أكد عضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني شوان طه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الوفد السياسي الكردي ركز في كل لقاءاته مع الكتل والأحزاب السياسية العراقية على قضايا الشراكة الوطنية التي تهم الأوضاع السياسية في البلاد بشكل عام وليس فقط القضايا الثنائية بين ائتلاف الكتل الكردستانية والحكومة المركزية»، مشيرا إلى أن «القضايا العالقة بين المركز والإقليم سوف تتم مناقشتها من خلال الزيارة التي سيقوم بها قريبا وفد حكومة إقليم كردستان برئاسة رئيس الحكومة برهم صالح مع الحكومة الاتحادية». وأشار طه إلى أن «زيارة الوفد السياسي الكردي إلى بغداد كانت بمثابة رسالة للشارع العراقي بشكل عام وأن الكرد لم يطرحوا هموما كردية صرفة وإنما ناقشوا مع الجميع قضايا تتعلق بالمشتركات الوطنية وهو ما يمكن أن يمهد لحوار حقيقي بين المركز والإقليم لأننا نعتقد أنه دون توفير الأرضية الصحيحة لما هو وطني عام لن نصل إلى حلول لأية قضايا أخرى». وبشأن لقاء الوفد مع المالكي قال طه إن «لقاء الوفد السياسي الكردي مع دولة رئيس الوزراء إنما هو في الحقيقة لقاء حاسم لأن الوفد سوف يطرح سؤالا محددا هو هل هناك نية حقيقية لتطبيق اتفاقيات أربيل التي يتوقف عليها مسار العملية السياسية برمتها».