كرمان اليمنية وسيرليف وغبووي الليبيريتان يحصدن «نوبل للسلام 2011»

ردود الأفعال العالمية: الجائزة اعتراف من المجتمع الدولي بدور المرأة في السلام والديمقراطية

رئيس لجنة جائزة نوبل ثوربورن ياغلاند والنائب الدائم غير لوندشتيد يرفعان صور الفائزات الثلاث (ا.ب)
TT

في خطوة اعتبرها المراقبون الدوليون انتصارا للنساء ولأفريقيا والعالم العربي، منحت جائزة نوبل للسلام لعام 2011 أمس إلى الناشطة اليمنية في حركة «الربيع العربي» توكل كرمان، ورئيسة ليبيريا إلين جونسون سيرليف، والمناضلة من أجل السلام الليبيرية ليما غبووي.. حيث تتسلم الفائزات الجائزة، التي تتضمن ميدالية وشهادة ونحو مليون يورو توزع على الفائزات الثلاث، في 10 ديسمبر (كانون الأول) المقبل في أوسلو، وهو تاريخ وفاة السويدي ألفرد نوبل مؤسس الجائزة.

وقال رئيس لجنة الجائزة في أوسلو ثوربورن ياغلاند: «لا يمكننا تحقيق الديمقراطية والسلام الدائم في العالم إلا إذا حصلت النساء على الفرص نفسها التي يحصل عليها الرجال للتأثير على التطورات على جميع مستويات المجتمع»، وتابع أن «النساء الثلاث كوفئن على نضالهن السلمي من أجل ضمان الأمن للنساء وحصولهن على حقوقهن للمشاركة الكاملة في عملية بناء السلام».

وبينما تعد توكل كرمان أول امرأة عربية تحصل على جائزة نوبل للسلام منذ إنشائها في عام 1901، فإن سيرليف هي أول رئيسة لجمهورية أفريقية على الإطلاق تحصل على الجائزة، في حين أسهمت غبووي في إنهاء حرب أهلية عبر الاحتجاج السلمي.

واتفقت ردود الأفعال من المؤسسات الاتحادية والدول الأعضاء في التكتل الأوروبي الموحد، على أن منح جائزة نوبل لثلاث سيدات هو اعتراف من جانب المجتمع الدولي بقدرة المرأة على لعب دور في تحقيق السلام والديمقراطية، حسب ما جاء في بيان صدر ببروكسل عن الخارجية البلجيكية باسم الوزير ستيفان فان أكيرن، واتفقت معه في الرأي دول أخرى أعضاء بالاتحاد، وأيضا كبار المسؤولين في مؤسسات التكتل الموحد.

وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الجمعة بالفائزات الثلاث بجائزة نوبل للسلام، معتبرا أنه «لا يمكن أن يكون هناك خيار أفضل». وقال - كما نقلت عنه المتحدثة باسمه مارتين نسيركي: «إنه رمز لقدرة النساء.. وهو يعكس في المقام الأول الدور الحيوي الذي تقوم به المرأة في تقدم السلام والأمن وحقوق الإنسان».

وأشاد الاتحاد الأوروبي، رغم خسارته الجائزة، بـ«الدور المحوري» الذي تلعبه النساء في حل النزاعات، متقدما بالتهنئة للفائزات. وأصدر كل من رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي، ورئيس المفوضية الأوروبية مانويل باروسو، بيانا مشتركا الجمعة عبرا فيه عن تقديرهما للفائزات الثلاث، وجاء في البيان «إن منح جائزة نوبل لهن يدل على ضرورة إعطاء المرأة في مختلف أنحاء العالم مزيدا من الفرص للمساهمة في عالم أكثر ديمقراطية وعدلا».

وفي نفس الاتجاه، جاء بيان رئيس البرلمان الأوروبي جيرسي بوزيك، مهنئا النساء الثلاث بحصولهن على جائزة نوبل للسلام، واصفا الأمر بـ«المؤشر الجيد». وعبر عن قناعته بأنه «لن تكون هناك ديمقراطية كاملة إذا لم تعط المرأة فرصة لتحمل مسؤولياتها تجاه مواطنيها ولم يساهم جميع المواطنين بشكل حقيقي في مستقبل بلادهم»، وركز رئيس البرلمان الأوروبي في بيانه على الناشطة اليمنية توكل كرمان، فقال «إن منحها جائزة نوبل للسلام، أمر مؤثر بشكل خاص». وجاء «ليدل على وجود شعاع ضوء حتى في أحلك الزوايا في هذا العالم. وأثنى على عمل كرمان في سبيل الديمقراطية في بلدها».

وهنأت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الفائزات الثلاث، ولا سيما توكل التي قالت عنها إنها «ما زالت في وضع المحروم من الحرية». وأضافت ميركل، في مؤتمر صحافي، أن هذا القرار «مؤشر ممتاز» ينبغي أن يشجع ناشطات السلام وحقوق المرأة.

وهنأ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ثلاث نساء «استثنائيات»، فيما اعتبر وزير خارجيته ألان جوبيه أن «نضال النساء الثلاث اللواتي يقتدى بهن رسالة أمل إلى الشعوب الأفريقية والعربية»، موجها تحية إلى «جميع النساء في العالم اللواتي يعملن بعزم من أجل مستقبل شعوبهن».

وأعرب رئيس نقابة تضامن البولندية السابق ليخ فاليسا، الحائز على نوبل للسلام عام 1983، عن تهنئته قائلا إن «نساء العالم العربي سيتشجعن.. وما زال الكثير باقيا لفعله، فالديمقراطية لا تبنى في يوم».

وأهدت الناشطة اليمنية توكل كرمان جائزتها إلى نشطاء «الربيع العربي» والمرابطين في ساحات اليمن، كما أعلنت في تصريح لقناة «العربية» الفضائية، قائلة: «أنا سعيدة جدا، هذا تكريم لكل العرب والمسلمين والنساء»، وأضافت أنها تهدي الجائزة إلى «كل نشطاء الربيع العربي»، مؤكدة أن الجائزة يفترض أن تمنح إلى «الشعب اليمني المرابط في الساحات».

وقالت كرمان متحدثة لوكالة الصحافة الفرنسية من ساحة التغيير حيث يعتصم المتظاهرون، إن الجائزة «انتصار للثورة اليمنية ولسلمية هذه الثورة»، التي انطلقت في مطلع 2011 للمطالبة بالإصلاحات وبتنحي الرئيس علي عبد الله صالح. وأضافت «إنها اعتراف من المجتمع الدولي بهذه الثورة وحتمية انتصارها».

ووجه الناشطان المصريان وائل غنيم وإسراء عبد الفتاح، اللذان كانا ضمن أبرز منافسي كرمان على الجائزة من دول «الربيع العربي»، التهنئة إلى كرمان «على فوز مستحق».. حيث قال غنيم في صفحته على موقع «تويتر»: «جائزتنا الكبرى جميعا أن تكون دولنا أكثر ديمقراطية واحتراما لحقوق الإنسان».

من جانبها، وصفت ليما غبووي، التي شاركت توكل وإلين في «نوبل للسلام»، حصولها على الجائزة بأنه جائزة للنساء الأفريقيات، في مكالمة هاتفية مع وكالة الصحافة الفرنسية. وقالت ناشطة المجتمع المدني «إنها جائزة نوبل للأفريقيات، هكذا أصفها. إنها جائزة للنسوة عموما ولكن بالأخص لنساء أفريقيا».

لكن الرئيسة الليبيرية إلين جونسون سيرليف التي شاركت في الجائزة، تتعرض لانتقادات في بلادها.. ورغم أن جونسون قالت الجمعة في مونروفيا إنها «جائزة لكل الشعب الليبيري»، مؤكدة أنها جائزة «مشتركة» مع مواطنتها الداعية للسلام ليما غبووي، وكذلك «جائزة لكل الليبيريات»، فإن خصمها الرئيسي في الانتخابات ونستون توبمن (رئيس المؤتمر من أجل التغيير الديمقراطي) أعرب عن استيائه لفوزها، وقال «إن السيدة سيرليف لا تستحق جائزة نوبل للسلام، لأنها ارتكبت العنف في هذه البلاد. هذه الجائزة غير مقبولة وغير مستحقة»، وذلك في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية.

ولم تحظ السيدات بحظ وافر مع جائزة نوبل للسلام سابقا، حيث حصلت عليها 12 سيدة فقط خلال الأعوام الـ110 منذ البدء في توزيعها.. حيث كانت بيرتا فون سوتنر من النمسا أول من حصد الجائزة في عام 1905 من النساء، في حين كانت الكينية وانغاري ماتاي آخر من حصلن عليها في عام 2004.

وبانضمام السيدات الثلاث إلى حائزي الجائزة، يصبح مجموع من حصلن عليها من النساء 15 امرأة، في حين حصلت 43 امرأة على جائزة نوبل من مجمل الفائزين بهذه الجائزة في كل فروعها.