بإعلان فوزها بجائزة نوبل للسلام 2011، أصبحت رئيسة ليبريا إيلين جونسون سيرليف هي أول رئيسة لدولة أفريقية تحصل على الجائزة، وثاني امرأة أفريقية تفوز بهذه الجائزة الرفيعة، منذ تأسيسها عام 1901، بعد الناشطة الكينية ونغاري ماتاي التي فازت بالجائزة عام 2004.
ويرجع الفضل إلى سيرليف في تحسين صورة ليبيريا بعد 14 عاما من الحرب الأهلية المدمرة، رغم أن ليبيريا تعد أقدم جمهورية في أفريقيا، حيث أسسها زنوج بعد أن اعتقوا وعادوا من الولايات المتحدة عام 1847. وقالت لجنة نوبل عن سيرليف إنها «منذ تنصيبها في عام 2006، أسهمت في تحقيق السلام في ليبيريا ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز وضع المرأة».
ودخلت سيرليف، البالغة من العمر 72 عاما والأم لـ4 أبناء و8 أحفاد، التاريخ من أوسع أبوابه عندما أصبحت عام 2005 أول امرأة تنتخب رئيسة لبلد أفريقي، وذلك بعد منافسة شرسة مع لاعب الكرة الشهير جورج وايا، الذي كان يحيا في أوج مجده العالمي آنذاك. وتسعى سيرليف الآن إلى الفوز بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية المقبلة، رغم إعلانها من قبل أنها لن تترشح لولاية ثانية.
وقادت خبيرة الاقتصاد سيرليف، خريجة جامعة هارفارد والموظفة السابقة في الأمم المتحدة والبنك الدولي، عملية شاقة لاستمالة المؤسسات المالية الدولية للإسهام في إعادة إعمار بلادها.
كما أن لسيرليف تاريخ سياسي حافل، حيث تولت وزارة المال في عهدي الرئيس ويليام توبمان وويليام تولبرت في ستينات وثمانينات القرن الماضي. وكان هدفها دوما هو شطب ديون البلاد وجذب المستثمرين لإعادة بناء بلادها.. وهو الهدف الذي حققته جزئيا. وكلفها هذا النضال دخول السجن مرتين في ثمانينات القرن الماضي في عهد الرئيس صامويل دو، لكنه جعل منها أيضا «السيدة الحديدية» وهو اللقب الذي تشتهر به.
وكثيرا ما كانت مكافحة الفساد وإدخال إصلاحات مؤسساتية عميقة في صلب برنامج سيرليف لإصلاح البلاد، لكن تلك المهمة كانت طويلة وشاقة بسبب فضائح الفساد التي تنخر في ليبيريا، يضاف إليها الانقسامات العميقة الموروثة عن الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1989 و2003، وأدت إلى سقوط نحو 250 ألف قتيل ودمرت بنيته التحتية واقتصاده.
وتؤكد جائزة نوبل التي حازتها سيرليف الهالة الكبيرة التي تتمتع بها هذه المرأة، التي لا تزال ترتدي اللباس الأفريقي التقليدي في زيارتها الخارجية، كما تشكل كذلك دفعا قويا لها قبل الانتخابات الرئاسية المقررة الثلاثاء المقبل.
وقد قوبل فوز سيرليف في بلادها بردود فعل متباينة، فبينما احتفل أنصارها بالجائزة مؤكدين أنها فازت بها عن استحقاق، قال آخرون إنها لا تستحقها، حيث يؤخذ عليها أنها لم تف بعدد من وعودها على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.
كما يذكر معارضوها تقريرا للجنة الحقيقة والمصالحة يعود إلى عام 2009، ورد فيه اسمها من بين الأشخاص الذين ينبغي أن لا يتولوا أي منصب رسمي خلال 30 عاما لأنها من الذين دعموا زعيم الحرب السابق تشارلز تايلور الذي ترأس البلاد بين عامي 1997 و2003.
وهو ما أقرته سيرليف، لكنها أوضحت أنها دعمت في البداية تمرد تايلور ضد نظام صامويل دو عام 1989، وهو التمرد الذي أغرق ليبريا في أول حرب أهلية، لكنها قالت إنها أصبحت لاحقا ألد أعداء تايلور بسبب جرائمه.
* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»