منظمو مظاهرات واشنطن: الربيع العربي يتحول إلى خريف أميركي

اتساع الحركة الشعبية الغاضبة من الحكومة والمصارف تزامنا مع ذكرى حرب أفغانستان

متظاهرون يحملون لافتة كبيرة في شارع بنسلفانيا بواشنطن أول من أمس (أ.ب)
TT

تشهد العاصمة الأميركية حركة احتجاج شعبية هذا الأسبوع يتوقع أن تتسع خلال الأيام المقبلة. فقد تمركز متظاهرون في «ساحة الحرية» (فريدوم بلازا) وسط واشنطن، على مدى اليومين الماضيين، استعدادا لعطلة نهاية الأسبوع. وتجمع هؤلاء للتعبير عن غضب أميركي متصاعد إزاء الأوضاع الاقتصادية المتدنية في البلاد وتصرفات الحكومات والشركات الكبرى. وتجمع الآراء وسط هذه الحركة الشعبية، على أن الوقت حان لتحرك شعبي أوسع بعد أن بدأ على شكل اعتصام في الحي المالي «وول ستريت» في نيويورك الشهر الماضي.

وجسد دينيس تراينور، أحد المنظمين للمظاهرة في واشنطن، رأي المتظاهرين عندما قال لـ«الشرق الأوسط» أمس: «الربيع العربي يتحول إلى خريف أميركي». وأوضح: «الربيع العربي ألهمنا، فنحن هنا نعيش ما يسمى الديمقراطية الأكبر في العالم، وعلينا أن نطبق الديمقراطية فعلا وأن نسمع الجميع أصواتنا». وتراينور، وهو كاتب وناشط أميركي مدافع عن حقوق الإنسان، جزء من حركة تضم العشرات من الناشطين الأميركيين الذين خططوا لمسيرات في واشنطن تزامنا مع إحياء الذكرى العاشرة للحرب في أفغانستان. لكن عندما بدأ التخطيط لتلك المسيرات، قبل نحو 6 أشهر، لم يعلم المنظمون أنه مع اقتراب موعد الذكرى العاشرة للحرب على أفغانستان ستكون هناك حركة احتجاج أوسع حول الوضع الاقتصادي في البلاد واستياء عام من عمل الإدارة الأميركية والكونغرس. وأوضح تراينور الذي بدأ اعتصامه في «ساحة الحرية» أول من أمس وينوي الإقامة فيها إلى أمد غير محدد أن «هناك شيئا ما في الجو، كلنا نشعر بأن الوقت قد حان لرفع صوتنا». ومن بين المجموعات الداعمة للاعتصام حركة مصرية تدعى «الجمعية المصرية من أجل التغيير»، وأصدر عدد من المصريين في الولايات المتحدة وفي مصر بيان تأييد للاعتصام وشاركوا فيه. وجاء في البيان: «كل من الشعب المصري والشعب الأميركي يريد الديمقراطية الحقيقية، وبذلك يتم تمثيل آراء الشعب»، مضيفا: «الولايات المتحدة تواجه تحديات مماثلة حيث تحولت الانتخابات عن الديمقراطية لتخدم المصالح الخاصة، فيهيمن على الانتخابات الأميركية في الواقع ثروة من قبل النخب الاقتصادية والشركات، وبالمال يتم التلاعب بالأصوات عبر وسائل الإعلام».

ومن بين أبرز مطالب المحتجين، بحسب عدد من المشاركين الذين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، «إعادة الجنود وإنهاء الحروب لتصرف الأموال على خلق الوظائف ومنح التأمين الصحي للجميع وحماية الحريات».

واختار المعتصمون ساحة الحرية، وهي ساحة تقع بين البيت الأبيض ومقر الكونغرس لتجسد المشكلة في العمل بين الطرفين، للبرهنة على أن المشكلة تقع في عمل ذراعي السلطة الأميركية، بالإضافة إلى أهمية اسم «ساحة الحرية» وارتباطه بـ«ميدان التحرير» المصري.

ومن المتوقع أن يسير المعتصمون باتجاه النصب التذكاري لمارتن لوثر كينغ، المدافع الراحل عن الحقوق المدنية الأميركية. وقال تراينور: «نريد إحياء رسالة كينغ مجددا». وقال أيضا إن على الشعب الأميركي أن «يستيقظ ويتحرك». ويحمل الاعتصام شعار «الاحتياجات الإنسانية لا الجشع المالي»، وحملت متظاهرة متقدمة في السن شعارا يقول «الرأسمالية قضت على الديمقراطية»، بينما حمل آخرون لافتات مناهضة للحرب في أفغانستان.

وبينما يتواصل الاعتصام في «ساحة الحرية» وشارك فيه بحسب تقدير المنظمين نحو 3 آلاف في اليوم الأول ويتوقع أن يشارك فيه عشرات الآلاف خلال عطلة نهاية الأسبوع، هناك اعتصام آخر في ساحة «فاراغوت» بالقرب من المراكز المالية الأميركية. ويعمل المنظمون على بدء اعتصام أمام «الاحتياطي الفيدرالي»، وهو البنك المركزي الأميركي خلال الأيام المقبلة.

وتزامنت المظاهرات في واشنطن مع إعلان الإدارة الأميركية عن بقاء نسبة البطالة عند 9.1 في المائة، أي نحو 14 مليون أميركي عاطل عن العمل. وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما أول من أمس إنه قد علم بتنظيم تلك الاحتجاجات و«أراها على شاشات التلفاز»، ولكنه لم يعلق حول تأييده أو رفضه لمبادئها. واكتفى بالقول: «إنها تعبر عن الحيرة التي يشعر بها الشعب الأميركي»، منتقدا دور الكونغرس والجمهوريين في دعم الشركات الكبرى.