تحذيرات أميركا لرعاياها من السفر إلى تونس تتناقض مع تصريحات أوباما للسبسي

قيادي في الحزب التقدمي: تونس لم تكن تريد أن يصدر مثل هذا التحذير الذي لا مبرر له

TT

أثار تحذير الخارجية الأميركية لرعاياها من السفر إلى تونس وتنبيهها لاحتمال حدوث اضطرابات عقب الانتهاء من انتخابات المجلس الوطني التأسيسي يوم 23 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي جدلا داخل الأوساط السياسية والإعلامية التونسية، خاصة أن نتائج زيارة رئيس الحكومة المؤقتة إلى الولايات المتحدة الأميركية تتناقض مع ما تبديه الخارجية من مخاوف.

وأبدى الشارع التونسي انزعاجه من رد فعل الخارجية الأميركية تجاه الديمقراطية التونسية الناشئة، معتبرين أن هذا التحذير قد يكون نتيجة تقارير وتحريات أمنية يعرفها الأميركيون ويجهلها التونسيون، وهو ما يجعلهم ينظرون للأمر بعين الريبة. في المقابل، اعتبر بعض المحللين التونسيين أن من عادة الخارجية الأميركية أن تحذر رعاياها من السفر إلى كل البلدان التي تمر بمحطات انتخابية أو تلك التي تعيش تحولات سياسية عميقة.

كان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد صرح، أثناء زيارة السبسي للبيت الأبيض أول من أمس، بأن «ما حدث في تونس كان مصدر إلهام لنا جميعا، وتجسيدا لضرورة أن يتمتع كل فرد بحقوقه كاملة على غرار الحق في الكرامة والديمقراطية والحق في انتخابات حرة ونزيهة». وأعرب عن «ارتياحه العميق للتقدم الذي أحرزته تونس خلال الفترة الوجيزة».

وبالنظر إلى ما حققته زيارة الباجي قائد السبسي، رئيس الحكومة التونسية المؤقتة، إلى الولايات المتحدة الأميركية من نتائج إيجابية، فقد أكد المحلل السياسي التونسي لطفي الحيدوري أن أمر هذا التحذير يكاد يتناقض مع الخطاب الرسمي الأميركي الذي دعا في أكثر من مناسبة إلى إنجاح الموعد الانتخابي التونسي والانتقال بالبلاد إلى الديمقراطية، مشيرا إلى أنه جاءت في كلام أوباما انطباعات إيجابية تعكس أن أميركا تعمل على إنجاح النموذج التونسي وتريد تسويقه على أساس أنه نموذج يُقتدى به من قبل ثورات الربيع العربي، ولا يمكن، حسب الملاحظين، أن تسعى أميركا إلى إرباك المسار الانتقالي عوض عملها الدؤوب على إنجاحه. وحول هذه الزيارة قال الإعلامي التونسي محسن الزغلامي، من ناحيته: إن قائد السبسي لم يُستقبل فقط كرئيس حكومة قادم لتوه من بلد ثورة، بل كذلك لأنه رجل دولة وهو صاحب سجل دبلوماسي يفرض الاحترام.

وحول دواعي هذه التحذيرات وأهميتها السياسية، قال عصام الشابي، القيادي في الحزب الديمقراطي التقدمي: إن تحذير الخارجية الأميركية مبالغ فيه، وإن تونس لم تكن تريد أن يصدر مثل هذا التحذير الذي لا مبرر له. وقلل الشابي من أهمية المخاطر التي تعترض عملية الانتقال الديمقراطي في تونس، قائلا: إن انتخابات المجلس التأسيسي ستتم في ظروف آمنة. وأكد أن الوضع الأمني مستقر وهو متجه كل يوم نحو المزيد من الاستقرار. وأكد الشابي أن الفترة التي تلت الإطاحة بنظام بن علي لم يتعرض خلالها أي مقيم أجنبي لأي مخاطر في تونس، وهو ما يفنِّد، حسب رأيه، الموقف الأميركي ويجعله دون معنى، على حد قوله.

وتداول التونسيون اهتمام بعض الصحف الأميركية الكبرى بزيارة الباجي قائد السبسي والحال أنها كانت في السابق تتجاهل تماما زيارة زين العابدين بن علي، واعتبروا ذلك الاهتمام دليلا إضافيا على نجاح الزيارة.

يُذكر أن الخارجية الأميركية قد أصدرت منذ يوم 14 يناير (كانون الثاني) الماضي 5 تحذيرات لرعاياها من النوع نفسه، وهو ما جعل بعض المراقبين للمشهد السياسي التونسي يضعونه في خانة الإجراء الروتيني لا غير.