منظمات حقوقية تدعو إلى فتح ملفات التعذيب في تونس

48 حالة وفاة مسترابة قبل الثورة.. و108 بعدها

TT

دعت مجموعة من المنظمات الحقوقية التونسية إلى فتح ملفات التعذيب التي عرفتها تونس خلال العقود الماضية والتي طالت مخالفين في الرأي وناشطين سياسيين، خاصة خلال فترة حكم بن علي. واتهم بعضها الحكومة المؤقتة الحالية بالتراخي في فتح هذا الملف ومحاسبة مرتكبي مجموعة من جرائم القتل التي تبعت عمليات التعذيب داخل أقسام الشرطة وفي الزنزانات والسجون. وقد تبنت «الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان» الملف ونظمت للغرض مجموعة من الأنشطة عرضت من خلالها آخر تطورات ملفات التونسيين الذين ماتوا تحت التعذيب ولم يقع إنصافهم سواء قبل الثورة أو بعدها.

وحول ملف التعذيب، قال لطفي العمدوني، عن الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: «إن 48 حالة وفاة مسترابة في عهد بن علي لا تزال مفتوحة أمام التحقيق، من بينها ملف الشاب التونسي فيصل بركات، الذي توفي تحت التعذيب سنة 1991». وأكد أن ملفه معروض حاليا على المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة التي دعت السلطات التونسية في تقريرها لسنة 1999 إلى إخراج جثة بركات وإجراء فحص لتحديد أسباب الوفاة، بعدما ادعت السلطات التونسية، آنذاك، أن سبب الوفاة كان نتيجة حادث مروري. وكشف العمدوني، من ناحية أخرى، عن وفاة 108 تونسيين في ظروف مسترابة بعد ثورة 14 يناير (كانون الثاني) وقال: إن القائمة لا تزال مفتوحة وإن كثيرا من العائلات لم تتكلم بصراحة عن شكوكها تجاه وفاة أبنائها لخوفها من رد فعل السلطات التي «تتستر على القتلة»، على حد تعبيره.

وقالت راضية النصراوي، رئيسة «الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب»: «إن بعض الشبان الذين لا تزيد أعمارهم على 14 سنة تعرضوا بدورهم للتعذيب خلال الأيام الفارطة بعضهم من القصرين (وسط غرب تونس) والبعض الآخر من العاصمة». وقالت: «إن قوات الأمن قد رجعت إلى سياسة تخويف التونسيين بعد فترة قليلة من فشل اعتصام القصبة 3». واعتبرت أن الحكومة الحالية قد التجأت إلى نفس أسلوب نظام بن علي في إرهاب وتعذيب خصومه والمخالفين له في الرأي.

من ناحيته، أشار عمر المستيري، رئيس «المجلس التونسي للحريات»، إلى أن قضايا التعذيب قد فضحت النظام السابق، واعتبر قضية الشاب التونسي فيصل بركات قضية نموذجية بالنسبة لنشاط المجلس، فقد سخر لها نظام بن علي كل الطاقات من أجل طمس الحقائق؛ لأن المجلس قد وافى وزارة الداخلية منذ 15 مارس (آذار) 2000 بقائمة جلادي الوزارة ولم ير حتى الآن أي تطورات ملموسة، مؤكدا أن الحكومة الحالية تتحمل ملف بن علي وتواصل طمس الحقائق. وأكد أن بعثة أوروبية لحقوق الإنسان طلبت بعد الثورة زيارة زنزانات وزارة الداخلية، إلا أنها رفضت الطلب وأتلفت، على حد قوله، كل الأرشيف الذي يدين الجلادين وأزالت كل آثار ووسائل التعذيب ولم تمكن تلك البعثة من الموافقة على الزيارة إلا بعد 9 أشهر. وقال إن البعثة وجدت الحوائط والأسقف مطلية ونظيفة وقد اقتلعت كل مظاهر التعذيب القديمة وآثارها، وذلك في محاولة للتنصل من «التتبعات القضائية المرفوعة ضد جلادي وزارة الداخلية»، كما قال.

يُشار إلى أن عائلة الشاب التونسي فيصل بركات، المتوفى سنة 1991، قد فتحت ملف القضية مجددا، وقضت المحاكم التونسية بإخراج الجثة وإعادة فحصها للتأكد من سبب الوفاة.