أبو مازن يأمل في تعزيز الاعتراف بالدولة وإقناع كولومبيا بالتصويت لصالحها

خلال جولته في أميركا اللاتينية التي تشمل بوغوتا

TT

يسعى الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، في جولته في بعض دول أميركا اللاتينية إلى تعزيز الاعتراف بدولة فلسطين، وكذلك الحصول على دعم هذه الدول في عملية التصويت في مجلس الأمن الدولي على عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة، في الأسابيع القليلة المقبلة.

وتتزامن جولة أبو مازن في أميركا اللاتينية مع اجتماع اللجنة الرباعية الدولية في العاصمة البلجيكية بروكسل، اليوم، لبحث سبل استئناف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهو اجتماع لا يعول عليه الفلسطينيون كثيرا ولا يستبشرون فيه خيرا، كما قال مسؤولان لـ«الشرق الأوسط».

وتوقع ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، أن يسفر اجتماع اللجنة عن وضع توصيات حول تنظيم لقاء بين القيادتين؛ الإسرائيلية والفلسطينية. ونقلت وكالة «إيتار - تاس» الروسية، عن بوغدانوف، أن الرباعية أصدرت بيانا في ختام اجتماعها على المستوى الوزاري الأخير في نيويورك، دعت فيه إلى تنظيم لقاء بين الفلسطينيين والإسرائيليين تمهيدا لاستئناف المفاوضات. وأوضح بوغدانوف أن اجتماع اليوم على مستوى المبعوثين سيبحث التوصيات المحتملة لتنظيم مثل هذا اللقاء. وأضاف «أن اللجنة تأمل في أن تبدأ مفاوضات حول المواضيع الجوهرية بعد هذا اللقاء».

وتشمل جولة أبو مازن التي بدأت أول من أمس، في جمهورية الدومينيكان التي تحدث فيها، أول من أمس، أمام البرلمان عن تاريخ القضية الفلسطينية، والسلفادور، التي ينتقل منها اليوم إلى كولومبيا وهي الدولة التي تمثل دول أميركا اللاتينية في مجلس الأمن.

ولا تزال كولومبيا وعاصمتها بوغوتا، من الدول التي تأمل السلطة الفلسطينية في إقناعها بالتصويت لصالح طلب العضوية، وتؤكد أنها لم تحسم أمرها بعد، في حين يؤكد الإسرائيليون أن موقفها محسوم وأنها ستصوت ضد القرار.

غير أن الرئيس الكولومبي، خوان مانويل سانتوس، الذي يشرف على أمنه الشخصي شركة أمن إسرائيلية، أعلن الأسبوع الماضي أن زيارة أبو مازن لن تغير في موقف بوغوتا الرافض لأن ترى الدولة الفلسطينية النور بقرار من الأمم المتحدة، من دون أن يكون هذا الأمر ثمرة مفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل، مؤكدا في الوقت نفسه دعم «كولومبيا لحق الفلسطينيين في أن تكون لهم دولتهم، في إطار اتفاق».

ويخوض الفلسطينيون «حرب الأصوات» بكل ما أوتوا من قوة، ويحشدون لها كل طاقاتهم، ولا يتركون بابا إلا ويدقونه من أجل الحصول على ما لا يقل عن 9 أصوات من أصل 15 في مجلس الأمن، من دون استخدام حق النقض (الفيتو) لإقرار العضوية. من جانبها فإن الولايات المتحدة التي تعارض الفكرة، تضغط على بعض الدول الأعضاء مستخدمة سياسة العصا والجزرة، لإجهاض المحاولة الفلسطينية دون حاجة إلى استخدام الفيتو الذي أعلنت أنها ستستخدمه إذا ما اضطرت إلى ذلك. والدول الأعضاء في مجلس الأمن في دورته الحالية هي - إضافة إلى الدول الخمس دائمة العضوية: أميركا وبريطانيا وروسيا وفرنسا والصين - الهند وجنوب أفريقيا وكولومبيا والبرازيل والبوسنة ولبنان ونيجيريا والغابون وألمانيا والبرتغال.

ويضمن الفلسطينيون من هذه الأصوات، حتى الآن، كلا من لبنان وروسيا والصين والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا والغابون.. وتعمل من أجل إقناع الفرنسيين بالتصويت لصالحهم وإن لمحوا بأنهم قد يمتنعون عن التصويت، وكذلك الحال بالنسبة لبريطانيا وألمانيا والبرتغال، وتبقى هناك البوسنة والهرسك التي يوجد فيها وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، حاليا، لإقناع الممثل الصربي في مجلسها الرئاسي الثلاثي بالتصويت لصالح القرار الفلسطيني، بعد موافقة ممثلي البوسنيين والكرواتيين، وهناك جهود تبذل لإقناع نيجيريا بحسم أمرها والتصويت إلى جانب الطلب الفلسطيني.

ويفترض أن يصوت مجلس الأمن على الطلب الذي قدمه أبو مازن في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بعد انتهاء مهلة الـ35 يوما التي تحتاجها لجنة العضوية في مجلس الأمن لدراسة الطلب، والتأكد من موافاته لشروط العضوية وهي أربعة التي يفي بها طلب العضوية الفلسطيني كما قال مسؤول لـ«الشرق الأوسط».

أولا: وجود تجمع سكاني دائم وثابت ومتناغم (4.5 مليون فلسطيني في الضفة وغزة والقدس الشرقية).

ثانيا: أرض محددة المعالم والحدود (اعتراف دولي بحدود عام 1967).

ثالثا: حكومة فعالة (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي اعترفا بفاعلية الحكومة وجاهزيتها للدولة).

رابعا: القدرة على إقامة علاقات مع دول أخرى (ما لا يقل عن 130 دولة من أصل 194 تعترف بدولة فلسطين).

يذكر في هذا السياق أن إسرائيل هي الدولة الأشهر في العالم التي أنشئت بناء على قرار دولي، ومن دون أن يكون لها حدود واضحة المعالم.. ولا تزال حتى اللحظة لم ترسم حدودها.

وكان أبو مازن قد وصل إلى العاصمة الدومينيكانية سانتو دومينغو، فجر الجمعة، والتقى الرئيس ليونيل فرنانديز، وألقى خطابا أمام الكونغرس بمجلسيه، تناول فيه الطلب الذي تقدم به إلى الأمم المتحدة لنيل العضوية الكاملة لدولة فلسطين في المنظمة الدولية، وهو مطلب تؤيده الدومينيكان.

وأبلغ أبو مازن البرلمان الدومينيكاني أن فلسطين تنوي فتح سفارة لها في العاصمة سانتو دومينغو، وقال في خطاب مرتجل في جلسة غير عادية للكونغرس: «عندما وضعت توقيعي إلى جانب توقيع الرئيس فرنانديز في مدينة شرم الشيخ، قبل عامين، على اتفاقية الاعتراف المتبادل، وإقامة العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية الدومينيكان ودولة فلسطين، فقد كان ذلك انطلاقا من قناعتنا بضرورة تطوير علاقاتنا المشتركة في المجالات والصعد كلها، لتكون انعكاسا لرغبة الدولتين في التميز في العلاقة في مجالات التعاون وتبادل الخبرات والتنسيق المشترك».

وأضاف: «وفي هذا الإطار ولخدمة هذا الهدف، فإن دولة فلسطين تنوي فتح سفارة لها في عاصمتكم الجميلة، سانتو دومينغو، لتتولى متابعة هذا الالتزام وتنفيذه، كما نرغب في أن تصبح هذه السفارة محطة مركزية في علاقاتنا الثنائية مع الكثير من دول المنطقة، أكان ذلك في أميركا الوسطى أو في الكاريبي». وأعرب عن أمله في «أن نتمكن خلال هذه الزيارة من تشكيل لجنة مشتركة على مستوى وزراء خارجيتنا، لمتابعة تنفيذ هذه الاهتمامات وتطوير علاقاتنا الثنائية باستمرار»، مضيفا «أن بُعْد المسافة بين جمهورية الدومينيكان وفلسطين لم يحُل دون قيام أوطد وأقوى العلاقات بين شعبينا».

ورد الرئيس الدومينيكاني لضيفه في القصر الوطني: «لا نتردد في الاعتراف بالحق الشرعي لفلسطين في أن تحظى باعتراف كدولة حرة ومستقلة وسيدة»، مشيرا في الوقت عينه إلى أن بلاده تربطها «علاقات دبلوماسية وتجارية وثقافية ممتازة» مع إسرائيل.