التازي: أسلافنا أيضا حرموا تعذيب الحيوان

TT

> هل لي أن أستعير كرسي الكاتب سمير عطا الله هذه المرة، ولو أني أعرف أن لا أحد يقوم مقامه في احترامه لقرائه، وفي إخلاصه لمهنته، وفي حسه الاستباقي.. أردت أن أفتح نافذة من خلال التعقيب على عموده عن «الثور الأخير» في كاتالونيا (عدد أول أكتوبر/ تشرين الأول 2011 من «الشرق الأوسط»). فإنني كأحد المهتمين بالعلاقات السياسية التي كانت للعالم المسيحي مع العالم الإسلامي الذي يكون المغرب جزءا بارزا وكبيرا منه، لاحظت أن بعض سفراء المملكة المغربية بالأمس ممن كانوا يرحلون في مهمات دبلوماسية لبلاد أوروبا كانوا يسجلون في مذكراتهم بعض ما يقفون عليه من غريب الأحداث مما لم يكن معتادا في محيطهم.. وقد كان مما أثار الانتباه في تلك المذكرات أن بعض سفرائنا من أمثال محمد بن عثمان، وأمثال أحمد بن المهدي الغزال (بتشديد الزاي) وأمثال الصفار.. إلخ، لم يترددوا في الحديث عن الاحتفالات التي كانت تقام لتكريمهم وهم يؤدون مهمتهم السياسية.

كان هذا الكلام قبل نحو ثلاثة قرون على ما قلته في موسوعتي «التاريخ الدبلوماسي للمغرب». فسفيرنا أحمد المهدي الغزال سجل في ورقتين اثنتين ما يتصل بما سماه «مبارزة الثيران» التي نظمت على شرفه في مدينة شدونه Sidonia... وعوض كلمة «أسياخ» الفارسية الأصل التي استعملها زميلنا عطا الله، استعمل السفير أحمد المهدي كلمة (مزراق)... قال الدبلوماسي المغربي: «وكيفية مبارزتهم مع الثيران يفتح باب الموضع الذي به الثيران فيخرج الواحد منها كأنه أسد فيكر الثور على الفارس تارة، ويفر منه تارة، وتقع بينهما المحاربة الشديدة البأس، وكلما وثب الثور على الفارس يقمعه بالمزراق (نصل أزرق) الذي بيده إلى أن يخر الثور ميتا..». لقد سأل المرافق السفير المغربي في أعقاب هذه الفرجة عن انطباعه حول ما رأى وكان مما سجله السفير في رحلته المسماة «نتيجة الاجتهاد في المهادنة والجهاد» قال بالحرف: «اعتقادنا خلاف ذلك فإن تعذيب الحيوان لا يجوز لا بالشرع ولا بالطبع».

كان قصدي من إضافة هذه المعلومة إلى عزيزي سمير أن أخفف عنه وهو يستسمح الأسلاف الذين كانت ترجمتهم سيئة لهذه الممارسة، ثم لأقول له، إن بني عمك فيهم رماح.

عبد الهادي التازي - المغرب