لهيب «أزمة اليورو» يتصاعد وشظايا التخفيض تقترب من بلجيكا

زوليك ينتقد المستشارة الألمانية وممثل صندوق النقد يقول إن أموال إنقاذ اليونان غير كافية

TT

يواصل لهب حريق أزمة اليورو وبنوكها التصاعد وتقترب شظاياه من بلجيكا التي باتت جدارتها الائتمانية مهددة بالتخفيض بعد تحذير وكالة موديز. وتحدث هذه التطورات في أعقاب انتقاد رئيس البنك الدولي روبرت زوليك للمستشارة الألمانية التي قال إنها لا تملك رؤية واضحة لمعالجة أزمة اليورو وتصريحات مسؤول بصندوق النقد الدولي أن أموال إنقاذ اليونان البالغة 110 مليارات يورو غير كافية. وعلى ضوء هذه المستجدات اجتمعت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد السبت الماضي في باريس لمدة ساعة مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لبحث أزمة منطقة اليورو، حسبما أفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية. ورافق ساركوزي لاغارد أثناء مغادرتها دون أن يصدر تعليق عن الاجتماع، كما لم تدل لاغارد بتعليق قبل الاجتماع بالرئيس الفرنسي. ويأتي اجتماع ساركوزي بلاغارد غداة لقائه المرتقب اليوم مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حيث يسعى زعماء منطقة اليورو للخروج بخطة لإعادة رسملة البنوك المنكشفة بشكل خاص على الديون السيادية المهددة. وكانت المفوضية الأوروبية قد أمهلت الدول الأعضاء الجمعة عشرة أيام لإقرار خطة لدعم البنوك، قدر صندوق النقد قيمتها بما بين مائة ومائتي مليار يورو (135 مليارا و270 مليار دولار) لتعويض الخسائر المتوقعة.

وينظر للمصارف الفرنسية على الأخص باعتبارها أكثر عرضة للديون المستحقة على الحكومات اليونانية والإيطالية والإسبانية، ويخشى الزعماء أن يؤدي تخلف تلك الحكومات عن دفع ديونها إلى أزمة مالية تعم القارة الأوروبية ككل.

وكانت وكالة موديز للتصنيف الائتماني قد خفضت تصنيف 12 مصرفا بريطانيا لمخاوف من سحب الدعم الحكومي للبنوك، بينما خفضت وكالة فيتش التصنيف الائتماني لكل من إيطاليا وإسبانيا. وأعلنت وكالة موديز مساء الجمعة أنها تنوي تخفيض تصنيفها للديون طويلة الأمد لبلجيكا والذي هو حاليا عند ثاني أفضل مستوى ممكن بـ«إيه إيه 1». وأشارت موديز في بيان إلى أنها تدرس مدى عرضة البلاد للخطر جراء أزمة الدين العام في منطقة اليورو وآفاق النمو والمخاوف المرتبطة بإمكان دعم النظام المصرفي وخصوصا مصرف ديكسيا الفرنسي البلجيكي. وتم وضع هذا التصنيف قيد المراقبة بهدف تخفيض محتمل، وهو ما يعني إجمالا أن موديز تحدد لنفسها مهلة ثلاثة أشهر لاتخاذ قرار في هذا المجال. ولفتت موديز إلى أن اتخاذ إجراءات دعم للمصارف البلجيكية سيكون «ضروريا على الأرجح» كما تنوي الوكالة «تقييم القيمة المحتملة والالتزامات الإضافية التي قد تلقى على عاتق الدولة لدعم مجموعة ديكسيا». وكانت المستشارة الألمانية ميركل سعت مع مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد خلال اجتماعهما في برلين يوم الخميس إلى طمأنة الأسواق القلقة بأن الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لديهما موارد كافية تحت تصرفهما لحماية الاقتصاد الأوروبي.

وفي أثينا قال ممثل اليونان لدى صندوق النقد الدولي أمس السبت إن الدولة المثقلة بالديون ستحتاج لاقتراض أكثر مما هو متوقع حاليا وإنه سيتعين على الحكومات وحاملي السندات من القطاع الخاص توفير هذه الاحتياجات. واتفق قادة الاتحاد الأوروبي في يوليو (تموز) الماضي على حزمة إنقاذ ثانية لليونان تتجاوز 109 مليارات يورو (147 مليار دولار) لمساعدة البلاد على خدمة ديونها حتى 2020. وطلب من حاملي السندات اليونانية من القطاع الخاص المساهمة في خطة الإنقاذ بقبول خفض محافظهم من الديون اليونانية بنسبة 21 في المائة. لكن باناجيوتيس روميليوتيس ممثل اليونان لدى صندوق النقد قال خلال مقابلة مع صحيفة ايميرسيا إن احتياجات اليونان التمويلية ستكون أكبر من ذلك. وقال «ستكون الاحتياجات التمويلية أكبر بالأساس بسبب الركود الأكبر من المتوقع في اليونان ومشاركة القطاع الخاص». وأضاف «سيتعين سد الفجوة التمويلية إما بزيادة حجم القرض البالغ 109 مليارات يورو الذي تم الاتفاق عليه في 21 يوليو أو من خلال إعادة هيكلة مستحقات القطاع الخاص». ومضى يقول إن صندوق النقد الدولي يدعم الخيار الثاني موضحا أن عملية إعادة هيكلة أكبر لديون اليونان قد تشمل خفضا أكبر لمستحقات حاملي السندات، من جانبه انتقد رئيس البنك الدولي روبرت زوليك غياب الدور الريادي لألمانيا في مواجهة أزمة اليورو، متهما الحكومة الألمانية بعدم امتلاك رؤية لتطوير العملة الأوروبية المشتركة. وقال زوليك في تصريحات لصحيفة «فيرتشافتس فوخه» الألمانية الصادرة أمس: «تحدث أمور كثيرة في السياسية بطريقة عشوائية، لكن الاقتصاد والأسواق تحتاج إلى توجه ووضوح».

وذكر زوليك أنه عندما انهارت الكتلة الشرقية كان لدى المستشار الألماني الأسبق هيلموت كول رؤية لكيفية تطوير الأمور، وأضاف: «هذا الشيء غائب الآن تماما، وكلما استمر ذلك طويلا كلفنا المزيد من الأموال وقلت خيارات التصرف». وأكد زوليك أن ألمانيا يقع على كاهلها دور ريادي في حل أزمة اليورو، وقال: «السؤال الحاسم هنا هو ما إذا كان الناس والحكومات في أوروبا تريد تحقيق اتحاد سياسي ومالي لاستكمال العملة الموحدة». وعلى الصعيد الألماني عملت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أول من أمس على التركيز على أوجه الشبه بين حزبها الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب الشريك معها الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري الألماني، ولكنهما بدورهما اتفقا على لائحة قد تسبب مشكلات لجهود ميركل في الحفاظ على الاقتصاد الأوروبي من مواجهة الأزمات. وقد وافق زعماء حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي بالإجماع في أول يوم لمؤتمر الحزب على أن دول منطقة اليورو التي لا تستطيع القيام بمسؤولياتها المالية يجب أن تجبر على ترك العملة المشتركة. ورغم أن ميركل أوضحت أن الدول الأخرى في منطقة اليورو يجب أن تخضع لمزيد من النظام والانضباط، فإن مطلب حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي الأكثر صرامة من المحتمل أن يعقد محاولاتها تجاه الوحدة ألأوروبية في مواجهة أزمة ديون منطقة اليورو.

وقالت أمام مؤتمر الحزب «الناس الذين لديهم عملة مشتركة يجب أن تكون مسؤوليتهم مشتركة». وقالت المستشارة إن «هذا يعني التضامن، ولكن يعني أيضا أن الآخرين كان عليهم أن يلتزموا بوعودهم». وقالت «لهذا السبب قلنا منذ البداية إننا مع اليورو وسوف ندعم اليورو في المستقبل». وأضافت « إننا متضامنون، إننا مترابطون من واقع تجاربنا لدرجة.. إن أي مشكلات تواجهنا في بلد تكون لها انعكاسات في دول أخرى». وحثت ميركل أعضاء الحزب البافاري الشقيق على المساعدة في إيجاد وسيلة لقيادة أوروبا، قائلة إن البديل يمكن أن يكون كارثة. وبعد حديثها في البداية عن القيم المسيحية التي تربط بين الحزبين، ختمت ميركل خطابها بدعوتها لهم بالتقارب حتى ولو اختلفوا في بعض الأحيان حول التفاصيل. ورفض زعماء في الحزب المسيحي الاجتماعي - وهو حزب أقلية في التحالف الاتحادي - الدعوات الرامية إلى توفير مزيد من الدعم لحزم الإنقاذ المالي في الاتحاد الأوروبي مما يهدد تضامن التحالف ويثير تساؤلات حول بقاء الحكومة على المدى الطويل.

وافتتح هورست زيهوفر، رئيس الحزب، المؤتمر بتحديد هدفين يبدو أنهما غير قابلين للنقاش وهما: وضع الحزب المسيحي الاجتماعي كحزب موال لأوروبا واستبعاد أي توسع في أموال الإنقاذ المالي مثل صندوق الاستقرار المالي الأوروبي. وقال ألكسندر دوبرينت، الأمين العام للحزب المسيحي الاجتماعي إن: «جميع الدول في أوروبا تحتاج لأن تعرف أنه من الممكن كسب المستقبل فقط من خلال اتفاقية أقوى.. أي طرف لا يمكنه، أو لا يكون لديه الرغبة في ذلك عليه أن ينتظر العقوبات».